تتويج الاتحاد بالكأس وحصد الثنائية
بعد أن خطف نادي الاتحاد الأنظار بتتويجه بلقب كأس خادم الحرمين الشريفين للموسم 2024-2025 عقب فوزه على القادسية بثلاثة أهداف مقابل هدف في استاد الإنماء بجدة، انطلقت ردود الفعل الاتحادية بسرعة كبيرة.
فيما بدا أن التتويج منح الفريق دفعة معنوية هائلة بعد أن جمع بين ثنائية دوري روشن وكأس الملك لأول مرة منذ حلول الاحتراف، جاءت هذه المفاجآت لتضيف أبعاداً جديدة لصدارة الاتحاد في المشهد الكروي السعودي بعيداً عن أجواء الصافرة والاحتفالات التقليدية.
أداء نجوم الاتحاد يسيطر على الحديث
في لحظة فارقة، تزامنت تغريدات الحسابات الاتحادية على منصة "إكس" مع احتفالات الجمهور التي ارتفعت تفاعلاتها بعد صافرة النهاية التي أعلن بها الحكم انتصار الاتحاد على القادسية (3-1) في المباراة التي شهدت تألق نجوم العميد بقيادة النجم الفرنسي كريم بنزيما الذي سجل هدفين، منهما هدف باهر في الدقيقة الـ67 أعاد فيه الكرة بلمسة فنية فوق حارس القادسية.
ولم ينسَ حسام عوار دوره في تأكيد الفوز عندما سجل الهدف الثالث في الوقت بدل الضائع، وهو ما أثبت للمحللين الفنيين قدرة العميد على حسم المواجهات في اللحظات الحاسمة.
على الجانب الآخر، سجل النجم الغاني بيير إيميريك أوباميانج هدف القادسية الوحيد عبر ركلة جزاء نفذها بنجاح في الدقيقة الـ54.
ردّ الاتحاد بكاريكاتير ساخر على تركي العمار

في تفاعل سريع على وسائل التواصل، قام حساب الاتحاد الرسمي بنشر صورة مركبة تجمع نجم القادسية الشاب تركي العمار وهو متلقٍّ للعلاج على أرضية الملعب بعد إصابته مجدداً لدى محاولة منع اندفاع مهاجمي الاتحاد.
وضعت الصورة ملامح أسود تهيمن على خلفية المشهد وكأنها تسدّ على العمار، فيما وضع هاتف محمول إلى جانبه العبارة الإنجليزية “Wake Up Don’t Run From Reality” بمعنى “استيقظ ولا تهرب من الواقع”.
وقبل ذلك، كتب الحساب الاتحادي جملة اقتبست من قصائد عربية قائلة: “إني أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها”، في رسالة ضمنية اعتبرها الإعلاميون "ردّاً قوياً ومباشراً" على ما سُمع من العمار قبل أيام عبر "سناب شات" من كلمات أغنية اعتُبرت تهديدية تجاه الاتحاد وجماهيره.
وعلق بعض المحللين بأن هذه الخطوة تمثّلت في "الانتقام الرمزي" الذي أراد الاتحاد من خلاله أن يرد الدين لمهاجم القادسية بعد أن أثارت تغريداته السابقة استياء الشارع الكروي السعودي.
رد تركي العمار على الجدل
خلال تصريح حصري لقناة "إس إس سي" بعد صافرة النهاية، اعتبر نجم القادسية تركي العمار أن مقطع الفيديو الذي حذفه لاحقاً من حسابه في "سناب شات" كان يحمل رسائل غنائية مفهومة في سياق المنافسات، لكنه نفى أن تكون لديه نية لإثارة غضب جماهير الاتحاد.
وأكد أن الكلمات لم تكن موجهة بلوحة استهداف واضحة، وهو ما لم يخفف من حدة ردة الفعل الاتحادية التي استقبلت الخبر بنوع من السخرية والجدل الفني، وراحت تطالب بمزيد من الانضباط الاحترافي من نجوم الأندية المنافسة.
مشعبي يكشف عن خلافات داخلية

بالتوازي مع زخم التتويج، ما لبث رئيس مجلس إدارة شركة نادي الاتحاد "غير الربحية" لؤي مشعبي أن خرج عبر شاشات التلفاز معبّراً عن سعادته بانتصار العميد وحصد اللقب الغالي، قبل أن يحسم الجدل حول مستقبله قائلاً:
“الإجابة النهائية حول استمراري أو رحيل رئيس الجهاز التنفيذي ستكون خلال الأيام المقبلة، وقد تتضح الصورة حتى لو غبت أنا فسيتولى البعض المهمة، فهذه المؤسسة أكبر من أي شخص”.
وأضاف مشعبي أن الموسم 2024-2025 لم يكن سهلاً أو خالياً من المشاكل التي تتطلب حوكمة داخلية قوية، مشيراً إلى أن بعض الملفات المتعلقة بالتعاقدات وتوزيع المكافآت وخطط التعاقد في الانتقالات الشتوية الماضية شهدت خلافات بينه وبين الرئيس التنفيذي دومينيجوس سواريز وعدد من أعضاء مجلس الإدارة.
وأوضح أن هذه الخلافات اقتصرت على الاجتماعات المغلقة ولم تظهر إلى الرأي العام، مؤكداً أن الجميع عمل في النهاية من أجل مصلحة النادي.
وقال في تصريحٍ مقتضب: “لقد حدثت خلافات منذ بداية الإعداد للموسم حول مبالغ الانتقالات والتعاقدات، إضافة إلى نقاط تخص الكفاءات الفنية المطلوبة في الجهاز التدريبي، لكننا تجاوزناها جميعاً في أروقة الاجتماعات، وفهمنا أن هدفنا هو إعطاء الفريق أفضل دعم فني وتنظيمي، وهو ما تجلى في نهاية المطاف بالتتويج ببطولة الكأس”.
دروس من تجربة الاتحاد الداخلية
عرفت عديد الأندية الكبرى في المملكة العربية السعودية عبر السنوات السابقة أن الصفقات الخارجية والمفاوضات الداخلية لا تمر دون إشكاليات.
وذكرت المصادر أن حديث مشعبي عن "غرف مغلقة" يشبه الأجواء التي شهدها نادي الهلال والنصر سابقاً، إلا أن التجربة الاتحادية الحالية توفر دروساً قيّمة للأندية التي تصبو إلى تكرار نجاح العميد في المنافسة على أكثر من جبهة.
ويشير هذا الكشف عن الخلافات الداخلية إلى أن الاتحاديين نجحوا في تحويل الأجواء المتوترة إلى عوامل دفع نحو وحدة الصف في اللحظات الحاسمة، وظهر ذلك واضحاً في الوجه الحماسي للاعبين في نهائي الكأس.
حيث كانت خطط لوران بلان مدروسة بعناية للحد من ارتجالية الحالة النفسية للفريق عقب أي هزيمة في الدوري قبل أيام قليلة.
تحديات المستقبل وملفات الانتقالات
ما بين احتفال الاتحاديين واعتماد استراتيجيات بناء الفريق، يبرز سؤال حول كيفية تعامل إدارة نادي الاتحاد مع ملف التعاقدات المقبلة بعد أن صارت المنافسة المحلية أشدّ حدة وأكبر تشتتاً في الأجيال الصاعدة.
وفي سياق متصل، تحدثت مصادر قريبة من النادي أن إدارة الاتحاد ستدرس بعمق ملفات اللاعبين المتواجدين على دكة البدلاء خلال نهائي الكأس، إضافة إلى تقييم فني للمحترفين الحاليين قبل إعلان مصيرهم مع بداية التحضيرات للموسم القادم.
ولم يخف المسؤولون أن الفوز بالكأس قد يخفي تحديات أخرى تتمثل في الحفاظ على روح الانتصار أثناء التحضير لمنافسات الموسم المقبل، سواء على مستوى دوري روشن السعودي أو دوري أبطال آسيا “النخبة” الذي يسعى مشعبي والإدارة لتحقيقه لأول مرة في تاريخ النادي.
ختامًا: الاتحاد بين الانتصار والتحديات القادمة
لم يقتصر احتفال الاتحاد بلقب كأس خادم الحرمين على رفع الكأس وارتداء الأوسمة، بل امتد إلى ساحات السوشيال ميديا التي استقبلت تفاعلات ملفتة من جمهور العميد ومنافسيه.
بينما أظهرت اللقطات المسربة في غرف الملابس أن الاتحاد قادر على إدارة الأزمات الداخلية بعيداً عن الأضواء.
ومن خلال موقف لؤي مشعبي، فإن مرحلة مستقبلية من الإصلاحات النفسية والتنظيمية تنتظر الاتحاد، في حين تبدو العلاقات مع الأندية المنافسة مثل القادسية والرأي المشتعل حول اللاعبين الشباب على محك اختبار جديد.
وهذه التطورات تضع الاتحاد في صدارة الأندية الأكثر جذباً للأنظار محلياً، وتفتح الباب أمام نقاش معمق حول مدى قدرة الإدارة الفنية على الاستمرارية بنفس الوتيرة، وهو ما سيُعدّ عنواناً مهماً للصحافة الرياضية العالمية المتخصصة بعد عطلة الموسم وبداية حقبة جديدة من المنافسات.