سيطرة هجومية وتبادل الأدوار
انطلق الهلال منذ الدقائق الأولى بأسلوبٍ هجوميٍّ مغاير عمّا عهدناه في الأسابيع الماضية، مستفيداً من عودة الروح والنظام التكتيكي تحت قيادة المدرب الجديد محمد الشلهوب. شهد الشوط الأول ثلاثيةً مذهلةً: افتتح المهاجم الإيطالي ماتيا دي تشيليو التسجيل من متابعة دقيقة في الدقيقة 12، ثم أضاف البرازيلي كارلوس إدواردو الهدف الثاني برأسيةٍ متقنة في الدقيقة 28، قبل أن يوقظ العيدان الفرنسي بلال خضري آمال الرائد بهدفٍ من انفراد في الدقيقة 35.
وردّ سالم الدوسري سريعاً عندما أهدر كرةً أمام المرمى قبل أن يصحح خطأه بتمريرةٍ ساحرةٍ أطلقها نحو المهاجم الأرجنتيني جوليان ألواتي الذي أودعها الشباك في الدقائق الأخيرة من الشوط.
في الربع ساعة الأول من الشوط الثاني
بدا “الرائد” قادراً على مجاراة الشوط الافتتاحي بتسجيله هدفاً ثانياً عبر التسديد من مدى بعيد للاعبه السوري زياد الشامي، لكن الأسماء الكبيرة في الهلال فرضت نفسها مجدداً.
ففي الدقيقة 60، تجاوز سالم دفاع المنافس بمراوغةٍ فرديةٍ ليمرر عرضيةً أرضيةً انتهت بهدفٍ ثالثٍ من رأسيةٍ للأرجنتيني إدواردو ألميدا. ثم اختتم البرازيلي كارلوس الهدفين الرابع والخامس في الدقيقتين 72 و85 مستغلاً ارتباك دفاع الرائد في الكرات الثابتة، فيما قلص البديل المغربي أنس الزهر هدفاً وحيداً في الوقت المحتسب بدل الضائع قبل أن تُسدل الستائر على فوزٍ صاخبٍ يضمن للهلال ثلاث نقاطٍ مهمةٍ في سباق اللقب.
عودة الانضباط التكتيكي
أشاد الشلهوب بسلوك لاعبيه عقب انتهاء المباراة، وقال في حديثه لقناة “SSC”:
“نجحنا في تطبيق الأفكار التكتيكية منذ أول تمريرة، والتحول من الدفاع للهجوم تم بسلاسةٍ كبيرة. الروح كانت حاضرةً بقوةٍ، وشهدنا انضباطاً متراكماً على أرض الملعب”.
وشدد المدرب على أن عودة الانسجام بين الخطوط جعلت الهلال أقوى دفاعياً في أغلب أوقات اللقاء، رغم فتح المساحات أمام مهاجمي الرائد، بفضل تعزيز الارتكاز الدفاعي من لاعبه سالم وكفاءة الثنائي دي تشيليو وإدواردو في الرأسيات.
تصرف الدوسري بعد سؤال التجديد

ما حظي باهتمامٍ أكبر لاحقاً كان موقف سالم الدوسري بعد مباشرة محطة “SSC” سؤالَه عن تمديد عقده الذي أوضح قبل أيامٍ أنه “محسوم تماماً”. عندها، بدا الدوسري مرتبكاً لثوانٍ قليلة، قبل أن يكتفي بالرد المُوجز:
“يعطيك العافية”، ثم لم يوجه مزيداً من الكلمات للمراسل وغادر بسرعةٍ القاعة الإعلامية.
هذا التصرف الغريب أثار استغراب المحللين، واعتبره البعض دليل تململٍ بشأن ملف التفاوض الذي قد يطول قبل حسم مصيره، خصوصاً وأن الدوسري يشغل دوراً محورياً في مشروع الهلال منذ انتقاله عام 2018.
أرقام صاحب الخبرة وتأثيره
بلغ رصيد سالم الدوسري هذا الموسم 6 أهداف و12 تمريرة حاسمة في الدوري، وهو ما يجعله الظهير الأيمن الأكثر إسهاماً في الأرقام الهجومية للنادي الأزرق، إلى جانب مساهماته في الكأس المحلية والأدوار الآسيوية قبل الخروج من نصف نهائي الأبطال.
ويرجع “رونالدينيو الشرق” للعب دورٍ قياديٍّ داخل غرفة الملابس وللإسهام في تدريبية زملائه الأطفال والشباب، إذ تُعدّ تجربته الاحترافية - التي شملت أندية أوروبا والمنتخب السعودي - إضافةً نوعيةً لخطط الشلهوب.
تحديات اللقب والسباق على الصدارة

مع تبقي أربع جولاتٍ على نهاية الدوري، يتقاسم الهلال صدارة جدول الترتيب مع الشباب برصيد 69 نقطة لكلٍّ منهما، متقدماً بفارق نقطةٍ واحدة على اتحاد جدة و3 نقاط على الأهلي. ويواجه الهلال مباراة مؤجلة صعبة أمام ضمك قبل المواجهة النارية مع “الليث” في الجولة ما قبل الأخيرة، ما يعني أن أي تعثر قد يكلفه الصدارة.
الفصل الأخير قبل الحسم
لا يخلو مستقبل سالم الدوسري من علامات استفهامٍ حول تجديد العقد، ولا تقل أهمية ملف مدافع الوسط جوفينكو حول إمكانية تمديد إعارته.
وفي ظل انكساء الأسماء الأوروبية عن السوق السعودي بعد جولةٍ مميزةٍ، سيكون القرار الإداري في الرياض حاسماً في تحديد هوية المشروع للسنوات المقبلة، بين الاحتفاظ بنجوم الخبرة وبناء جيلٍ جديدٍ، أو المراهنة على صفقاتٍ مفاجئةٍ لتعزيز المنافسة محلياً وقارياً.
وفي كل الأحوال، يظل الهلال مطالباً باستثمار الروح المترابطة التي تحدث عنها مدربه، وتجنب المشكلات العقابية أو الإعلامية التي قد تشتت التركيز قبل المرحلة الأخيرة، حتى تُحسم نقاط اللقب دون اضطرابٍ يذكر.