
أول ظهورٍ مع الفريق الأول وموقفٌ حاسم
في ليلةٍ من ليالي الكلاسيكو النادرة التي انتهت بنتيجة 4-3 لصالح برشلونة، وجدت جماهير ريال مدريد ضالتها في مهاجم الشباب الواعد فيكتور مونيوز، الذي شارك كبديلٍ في الدقيقة 88 وحمَل على عاتقه مهمة إدراك التعادل قبل صافرة النهاية. ولكن بدلاً من الوقوف إلى جانبه، اجتهد بعضهم في شن هجومٍ حادٍ عليه بعد تضييع الفرصة، ما دفعه لإغلاق التعليقات على صور حسابه الرسمي لمواجهة سيل الشتائم.
ردة فعل الجماهير وتأثير “السوشل ميديا”

كان يُنظر إلى مواجهة “الكلاسيكو” باعتبارها اختبارًا حقيقيًا لقدرة المدرب كارلو أنشيلوتي على دمج المواهب الشابة في لحظات الضغط. فعندما اضطر ريال مدريد إلى استبدال فينيسيوس جونيور للإصابة، تذكر الجميع اسم مونيوز (21 عامًا) الذي التحق بالنادي الصيف الماضي وعُدّ أحد أبرز النجوم الصاعدين من الفريق الثاني، بعد رحلةٍ أوروبيةٍ قصيرةٍ لكلّ من لا ماسيا وبرشلونة.
دخل المهاجم الشاب أرضية الميدان مرةً أخرى بعد أن حول كريم بنزيما الكرة بكعبه إلى رودريغو، مانحًا مونيوز فرصةً ذهبيةً أمام المرمى الفارغ ليسدد كرةً اعتقد الجميع أنها ستسكن الشباك. إلا أن قذفته ذهبت بعيدةً عن الهدف، لتضيع آخر آمال الملكي في تعديل النتيجة ويحتفي “البلوغرانا” بالكلاسيكو الرابع هذا الموسم.
مفارقة لا ماسيا: من برشلونة إلى ريال مدريد

ما إن رفضت الكرة هدفًا محققًا حتى انفجر نحو اللاعب الشاب غضبٌ إلكتروني، حيث اجتاحت التغريدات والتعليقات صفحاته على “إنستجرام” و”تويتر”، واصفةً إياه بأقسى الألفاظ. وفي غضون ساعات، اختار مونيوز إغلاق التعليقات على صور حسابه الرسمي، في خطوة لجأ إليها للتفرغ لمعاينة أدائه الفني بعيدًا عن ضجيج الطوفان الرقمي.
قال أحد المشجعين في هاشتاجٍ تصدّر “الكلالو ضد مونيوز” على “تويتر”:
“كيف نثق بلاعب لم يختبر ضغوط الكبار ويأتي لينهي مباراة بناءً على هدفٍ واحد؟!”
وردّ آخر:
“لم نأتِ لتشجيع البدلاء، بل أتينا لنرى مَن يُسجل ويعوّض فينيسيوس.”
هل يستمر الطريق أمام الموهبة القادمة؟
ولا يكمن سرّ الاستهداف في فراغ، فمونيوز هو أحد أبناء أكاديمية لا ماسيا الشهيرة، التي خرج منها أبرز مواهب برشلونة كـأليخاندرو بالدي وفيرمين لوبيز. وفور توقيعه مع ريال مدريد في صيف 2021، أثار رحيله انتقاداتٍ لأنصار “البارسا” قبل أن يجد نفسه مضطرًا للرد على جماهير “الملكي” التي ترى فيه “خائنًا” لا يستحق التواجد بقميصٍ يحمل شعار التاج.
تقول صحيفة موندو ديبورتيفو إن “مونيوز اختار تجربة الخروج من منطقة الراحة بالانضمام إلى ريال، لكنه ربما لم يتوقع أن يجد نفسه مُستضافًا من اثنين من أعقد جماهير العالم”. أما ماركا فاعتبرت أنه “على الرغم من أنه لم يُشرك إلا بضع دقائقٍ، إلا أن ثقل الكلاسيكو والألقاب المعلقة على نتيجة المباراة ألقيا بظلالٍ ثقيلةٍ على رصيده الشاب”.
دروس للمستقبل
ورغم مرارة تلك اللحظة، لا يزال مستقبل فيكتور مونيوز واعدًا في منطقتي كاستيا ثم الكاستيا الأولى، إذ رصدت الإدارة الفنية بقيادة أنشيلوتي قدراته البدنية وسرعته في التحركات خلف الخطوط. وفي تصريحاتٍ حديثةٍ، قال النجم الهولندي فرينكي دي يونغ، زميله السابق في برشلونة:
“مونيوز يملك غريزة المهاجم الحقيقي، ولديه وقتٌ كبيرٌ لتصحيح أخطائه. يجب على ريال ومدربه منحه ثقةً أكبر.”
ويملك اللاعب عقدًا يمتد حتى صيف 2027، مع إمكانية انتقالٍ إعارةٍ لفريقٍ آخر لتعزيز خبرته إن لم يجد فرصًا ثابتة في التشكيلة الأساسية. ووفق مصادرٍ صحفيةٍ فإن النادي يدرس بشكلٍ جدي إعارة مونيوز حتى نهاية الموسم المقبل، تمهيدًا لإشراكه في مشروعٍ أطول للأعوام القادمة.
دروس للمستقبل
تُبيّن حالة مونيوز أهمية عامل ثقة الجماهير والإدارة للموهوبين في النوادي الكبرى. فالتسرع في الحكم عليهم بعد خطأٍ واحد قد يحرمهم من المساحة النفسية المطلوبة للتطور. كما تبرز حاجة الإعلام والأنصار لحماية اللاعبين الصغار من الترصد الرقمي الذي أدخله عصر التواصل الاجتماعي إلى الملاعب.
في الختام، تعيش الأكاديميات الأوروبية حربًا محتدمةً بين جذب اللاعبين أو تبديدهم في أتون التوقعات المبالغ فيها. ومهما كانت اللحظة تعيسةً، فإن خطأ مونيوز أمام برشلونة لا ينبغي أن يكون نهاية القصة، بل بدايةً لتجربة يكتبها بشجاعةٍ وحنكةٍ، ليبرهن يومًا أنه “ولد في لا ماسيا وسيتألق في أنفيلد”، بعيدًا عن رمي الأحكام المسبقة على حارس حلمه الأول.