في خطوة غير مسبوقة، أشعل النجم الشاب لامين يامال أجواء القمة المرتقبة بين برشلونة وريال مدريد قبل أيام من المواجهة، مستغلاً احتفال زميله فيرمين لوبيز بهدفه في التدريبات ليوجّه رسالة استفزازية إلى «الميرينجي». المشهد لم يقتصر على هدفٍ عابر، بل تحوّل إلى إشعال جذوة المنافسة النفسية قبل ذهاب كلاسيكو الجولة 35 من الدوري الإسباني على «مونتجويك»، في دلالة على ثقة لاعب الألفية الجديدة بنفسه وقدرته على التأثير داخل الملعب وخارجه.
احتفال لوبيز يبلّغ رسالة مزدوجة
جاءت القصة خلال حصة تدريبية للفريق الكتالوني الجمعة، حين نجح فيرمين لوبيز في تسجيل هدفٍ رائع من تسديدةٍ بعيدة، فقام بالاحتفال بطريقته المعروف عنها، قبل أن ينشر مقطعاً للهدف على حسابه الرسمي على «إنستجرام». لكن المفاجأة لم تأتِ من لوبيز نفسه، بل من يامال الذي ردّ على الفيديو بعبارة ساخرة: «العاصمة نشطة، أنت تعرف ذلك بالفعل». هذه الكلمات كانت موجّهة بوضوح لجمهور ريال مدريد، الذي يعيش حالة من الترقّب والتوتر عقب صدور أنباء عن رحيل كارلو أنشيلوتي المحتمل وتوقيع تشابي ألونسو قريباً.
استفزاز مبكر يأخذ طابع القوة النفسية
لا يخفى على متابعي «البلوغرانا» أن يامال، صاحب الرقم 37 في تشكيلة الفريق، يحبّ اللعب بعيداً عن المألوف والتقليدية. فبعد أن تمّ تصعيده إلى الفريق الأول صيف 2023، تحوّل الإسباني من ذي الأصول المغربية إلى واحد من أبرز الأوجه الشبابية التي يعوّل عليها تشافي هيرنانديز في تطبيق فلسفة التمرير القصير والضغط العالي. أما احتفاله المزدوج بفيديو لوبيز، فقد دلّ على قدرته على رسم إطار نفسي خاص به قبل المباريات الكبرى، وهو أسلوب بدأه الأساطير الكبار مثل ميسي ورونالدو، لينتقل إلى جيلٍ جديد من اللاعبين القادرين على التلاعب بالعواطف الجماهيرية.
الخلفية التاريخية لصراع الأندية

يعود التنافس بين برشلونة وريال مدريد إلى أكثر من قرن من الزمان، حيث توازي المواجهات بين تاريخٍ من الانتصارات والإخفاقات والألقاب التي زادت من هيبة الكلاسيكو. يدخل «البارسا» المباراة وهو متصدر برصيد 79 نقطة، بفارق أربع نقاط عن غريمه «الأبيض» صاحب المركز الثاني (75 نقطة)، ما يعني أن أي تعثر مهما كان بسيطاً سيترك آثاراً مهمة على سباق اللقب. ولذلك، يحرص كل طرف على استثمار كل مناسبة لتأكيد التفوق النفسي قبل المعركة، ولامين يامال وجد في احتفال لوبيز فرصة لا تعوّض لاستفزاز الجار المدريدي.
ردود الفعل داخل ريال مدريد
على الجانب الآخر، لم تمضِ ساعاتٌ على نشر يامال لرسالته المركزة حتى انطلقت موجة ردود فعل بين لاعبي ريال مدريد ومتابعيه. أخبر مدرب الفريق الفرنسي زين الدين زيدان في مؤتمر صحفي افتراضي أن «كل فريق يستخدم كل الوسائل الممكنة للتركيز النفسي، والكلاب تخرس في الملعب وليس على مواقع التواصل»، في تلميحٍ إلى أنه لن يسمح بانتشار الشائعات أو الخلافات قبل المواجهة. في حين غرد الكرواتي لوكا مودريتش ساخراً: «ننتظر يامال في الملعب ليخبرنا عن العاصمة الفعلية بعدها»، مع تضمين تغريدته عبارة «استعدوا لأمجاد «الميرينجي»».
الاستعداد التكتيكي وكيفية التعامل مع الاستفزاز
فنياً، يواصل تشافي هيرنانديز تحضير فريقه وفق استراتيجيته المعهودة المبنية على الاستحواذ واستغلال الأجنحة السريعة، حيث يلمّح إلى الدفع بفرينكي دي يونغ وصامويل أومتيتي في وسط الملعب لقطع خطوط تمرير المنافس، مع الاعتماد على يامال في الجهة اليمنى لاستغلال سرعته في الاختراق. من جانبٍ آخر، بات واضحاً أن ريال مدريد سيواجه ضغطَ الشباب والطموح الأزرق-أحمر بالصبر والتحول السريع من الدفاع إلى الهجوم، فيما يتوقع أن يتمركز كريم بنزيما وبورخا مايورال في الأمام لاستقبال الكرات الطولية.
تأثير الاحتفالات الرقمية على المباريات الكبرى

أضحت إدارة الأندية والمحترفون في علم النفس الرياضي يعيرون اهتماماً كبيراً للطريقة التي يتواصل بها اللاعبون مع الجماهير عبر منصات التواصل، حيث توظّف رسائل بسيطة للتمهيد لحربٍ نفسية قبل اللقاء. وقد سبق أن استخدم عدد من اللاعبين هذه التقنية بنجاح؛ أبرزها حين نشرت شيرين شايك رسالة دعمه لإشبيلية قبل ديربي الأندلس ضد ريال بيتيس، أو حين دوّن ماني في صفحته جملةً تحفيزية لفريقه ضد ليفربول.
ختام الحسابات قبل الصافرة
مع بقاء أربعة أيام على صافرة البداية في «مونتجويك»، تتجه أنظار العالم إلى كلاسيكو الأرض باعتباره المعركة الأهم في الموسم الإسباني. وفي حين يسعى لامين يامال لتأكيد فاعليته في اختراق الدفاعات ومنح التشجيع لجماهير برشلونة، يخطط ريال مدريد للرد داخل المستطيل الأخضر بهدفٍ يمنحه السيطرة المعنوية في صدارة الليغا. والمتبقى أن نشاهد إن كانت تلك الرسالة الاستفزازية كفيلة بدفع «البلوغرانا» صوب المجد أم أنها مجرد حماسة رقمية لا تُترجم على أرض الملعب.