التلهف إلى ورقةٍ دفاعيةٍ ذهبية
مع نهاية موسمٍ شهد تذبذب مستوى أندي روبرتسون وكوستاس تسيميكاس في آن واحد، وجد “الريدز” أنفسهم في حاجةٍ ماسّةٍ إلى تعزيز وتمتين الجهة اليسرى. ولم يكن خيارٌ يسيرٌ في ظل العقود طويلة الأجل التي تقيد بورنموث، حيث يمتد عقد كركيش حتى 2028، ولا رغبة للنادي الساحلي بالتخلي عنه بأقل من 45 مليون جنيه إسترليني.
لكن ليفربول، بعيونٍ تجسّسها خِبْرَةُ يورغن كلوب في صفقات مثل ترنت ألكسندر–أرنولد ومظاهرات ديوغو جوتا السابقة، دفعت بمديرهم الرياضي للانطلاق نحو حضور عدة مباريات لبورنموث هذا الموسم، في محاولةٍ لاقتناص توقيع “الماجيك ديفندر” الذي جعلت تحركاته الذكية على الخط وتجسيده لأسلوب اللعب الحديث هاجس كلوب الأول في الصيف المقبل.
جوارديولا يخطف السبق
وفيما بدا المشهد يجري وفق جدول ليفربول، نشرت صحيفة “ديلي ميل” أن سيتي بدأت منذ أسابيع بإرسال وكيلٍ اتصالٍ لبورنموث لاستكشاف مدى جديّة إمكانية ضم كركيش، كما تردد أن بيتسي فيريرا، وكيل حظي بثقة جوارديولا، زار تدريبات بورنموث لحضور لقاء جمعهم بآرسنال والبقاء على تواصلٍ مباشرٍ مع إدارة النادي.
وقد عُزِي هذا التدخل المفاجئ لانسحاب سيتي سابقًا من صفقة لاعب الوسط فلوريان فيرتس (126 مليون جنيه)، بعد أن رأى جوارديولا أن الكلفة المبالغ فيها قد تُرهق سقف رواتب النادي؛ لينقلب الموقف هذه المرة نحو “الصولجان الدفاعي” الذي يريد “السيتي غراوند” تدعيمه بقوةٍ أمام تحديات الاستحقاقات المحلية والقارية.
إشراق الإحصائيات يلمّع نجم كركيش

لا يخفى على أحد أن أداء كركيش هذا الموسم جلب الأضواء عليه بصفته من أكثر لاعبي البوندسليجا مساهمةً هجومية من مركز الظهير: سجل هدفين وصنع ستّ تمريرات حاسمةٍ خلال 35 مباراةً شارك فيها حتى الآن.
كما تفيد بيانات “أوبتا” أن المتوسط الدفاعي لكركيش يفوق نظراءه في البريمرليغ، إذ يحقق معدّل اعتراضٍ ناجحٍ بنسبة 78% ويكسب 2.3 مواجهةً ثنائيةً في كل مباراة، ما يجعله تحت الرادار أخضر لغوارديولا الذي يبحث عن لاعبٍ يجمع بين الإغلاق البدني وإطلاق اللعب من العمق.
صراع مزايدات مفتوح
المعروف عن بورنموث عدم تسرّعهم في التخلي عن نجومهم الشبان إلا بعد ضمان بديلٍ بمقابلٍ مماثلٍ، ويبدو أن اهتمام ليفربول جاء في توقيتٍ مناسبٍ قياسًا بما اعتادوه خلال مراحل التفاوض مع كلوب سابقًا؛ ولكن توقيت تدخل مانشستر سيتي فجّر موازين القوة، وأشعل حطب جادة المزايدة على موهبةٍ باهظة الثمن.
وفي ظل المساعي المشتركة، لا يستبعد مراقبون أن تتحول الصفقة إلى “مزادٍ علني” تتعاظم خلاله قيمة العرض الأولي نفسها (45 مليون جنيه) صوب مستويات تتخطى حاجز 60 مليون جنيه، في حال تمسك بورنموث برفض المساومة حول سعر بيعه، وامتدّ خصمٍ من حقوق إعادة البيع إلى صفحة المتنافسين.
مآلات الرهان على استثمارٍ دفاعيٍّ مستدام

إذا نجح جوارديولا في خطف توقيع كركيش، فإن سيتي لن يحظى بلاعبٍ موهوبٍ وحسب، بل سيؤمن تطورًا طويل الأمد في مركزٍ ظل محلّ سؤال طوال السنوات الماضية مع تفاوت مستويات الوافدين الجدد.
أما ليفربول، الذي كان يعدّ الظهير المجري جائزةً لعودة رهانهم على “إعادة شبّابه”، فسيجد نفسه مُطالَبًا بوضع بدائلٍ سريعةٍ في الأفق، ربما عبر إعادة تسخين صفقة والاستعانة بنجمٍ من دوري الدرجة الأولى الإيطالية أو توجيه الأنظار للاعبٍ أقلّ تكلفةً لكنه جاهزٌ فنيًا.
السباق لا يزال في بدايته
يبقى باب التفاوض مفتوحًا، وسيمان المرحلة المقبلة إرسال عواصم إدارية تتلقى عروض سيتي وليفربول عبر وكلاء اللاعبين أو المقربين من كركيش. وسيكون لخبرة جوارديولا وقدرته على إقناع اللاعب بمشروعٍ طموحٍ متصلٍ بالعناوين الكبرى دورٌ حاسمٌ في قلب موازين الصفقة، في حين تحاول إدارة “الأنفيلد” الصمود أمام الضغوط المالية وتقديم حزمة ضماناتٍ بدنيةٍ وأدوارٍ تكتيكيةٍ تبقي نجمه في أحمر ليفربول.
في انتظار ما ستسفر عنه الأيام والأسابيع القادمة، تظل مفاجأة تدخل جوارديولا للبناء على ما تبقى من حقبةٍ دفاعيةٍ لسيتي كلمة السر في نهاية هذا السباق المُحتدم، وسط ترقبٍ متزايدٍ من جمهور الناديين وجميع متابعي الميركاتو الإنجليزي.