تتصاعد الضغوط في لجنة كرة القدم بنادي آرسنال الإنجليزي لتأمين استمرارية أحد أكثر لاعبيها تأثيرًا في وسط الملعب، الغاني توماس بارتي، عبر تقديم عرضٍ رسميٍّ لتجديد عقده الذي ينتهي بنهاية الموسم الجاري.
مسيرة بارتي مع "المدفعجية" منذ 2020
وصل بارتي إلى صفوف آرسنال صيف 2020 في صفقةٍ بلغت قيمتها 50 مليون يورو قادمًا من أتلتيكو مدريد، وسط توقعاتٍ بأن يضيف قوةً دفاعيةً وأبعادًا تنافسية لوسط ملعب الفريق. ومنذ ذلك الحين، حقق اللاعب الغاني تطورًا ملحوظًا: فقد خاض حتى الآن أكثر من 130 مباراة بجميع البطولات، سجل خلالها أربعة أهداف وصنع 12 تمريرة حاسمة، بحسب الأرقام الرسمية للنادي، كما كان ركيزةً أساسية في حصد آرسنال مركز الوصافة في الدوري الإنجليزي موسم 2022–2023، وتأهله إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا في 2024.
أهمية بارتي الفنية والتكتيكية
يُعرف بارتي بقدرته على اللعب في مراكز متعدّدة بوسط الملعب: من ارتكازٍ دفاعيٍ صريح إلى دور لاعب box-to-box يساهم في دعم الأداء الهجومي، ما يجعل المرونة التكتيكية التي يمنحها مدرب آرسنال ميكيل أرتيتا ثروةً ثمينة. وقد رأى المدرب الإسباني فيه "محورًا متوازنًا لنقل الكرة من الدفاع للهجوم، مع قدرةٍ فريدةٍ على قطع الكرات واستعادة النزالات الثنائية"، حسب تصريحات أرتيتا في عدة مؤتمرات سابقة.
عوامل استعجال التجديد
يتجلى حرص آرسنال على حسم ملف بارتي لعدة أسباب رئيسية:
- تفادي خسارة بلا مقابل: ينتهي عقد المدافع الغاني في يونيو 2025، ما يعني أنه يستطيع التوقيع لأي نادٍ حر بلا مقابل بداية يناير، وهو ما يمثل خسارةً ماليةً فادحة بالنظر لقيمته السوقية الحالية التي تُقدّر بنحو 30 مليون يورو بحسب "ترانسفير ماركت".
- توازن لائحة الرواتب: يسعى النادي لترشيد نفقاته عبر إعادة توزيع بنود الرواتب والتعاقدات، ومواصلة تطبيق سياسة اللعب المالي النظيف في ظل قواعد "UEFA FFP"، ما يستلزم الاتفاق سريعًا على هيكل جديد يليق ببارتي دون كسر سقف الأجور المفروض.
- استقرار فني قبل الموسم الجديد: يخطط أرتيتا لإطلاق موسمٍ تحضيريٍ قويٍّ يجمع بين عناصرٍ من الأكاديمية ووجهاء من سوق الانتقالات، ولذلك يستوجب وجود بارتي ضمن الكادر الأساسي للمرحلة القادمة، لا سيما وأنه قائد مساعد داخل غرفة الملابس.
صيغة العرض الجديد ومفاوضات روحية

وفقًا لمصادر رومانو، ينطوي العرض المطروح على عقدٍ يمتد لموسمين مع خيار التجديد لموسم ثالث، ويراعي المكون المالي من خلال هيكل يتضمن راتبًا أساسيًا مرتفعًا مقارنةً بالعقد الحالي، مع إضافة حوافز مرتبطة بالأداء والكؤوس المحلية والأوروبية. ويعتقد النادي أن هذه الصيغة ستلبي طموحات بارتي الشخصية، وتضمن له "دورًا مركزيًا" في تشكيلة أرسنال، فضلًا عن الحفاظ على توازن الرواتب للأهليين الجدد والقدامى.
جولات تفاوض وحضور وكيل اللاعب
بدأ العطاء الرسمي من جانب آرسنال بإرسال عرضٍ مكتوبٍ للوكيل المسئول عن بارتي منتصف أبريل 2025، وتلت تلك الخطوة سلسلة اجتماعاتٍ وضعت النقاط على الحروف حول مدة العقد وبنوده التفصيلية. وعلى الرغم من وجود تقاريرٍ عن اهتمام أنديةٍ أخرى، أبرزها إنتر ميلان وروما، فإن إدارة "المدفعجية" تؤكد أن بارتي أعرب عن رغبته في البقاء "لخوض تحدٍ مستدامٍ وبناء مشروعٍ طموحٍ مع أرتيتا"، وفق ما نقلته مصادرٌ مقربةٌ من لاعب المنتخب الغاني.
ردود فعل الجماهير والإعلام
لم تمر أنباء تجديد عقد بارتي مرور الكرام بين أنصار أرسنال، إذ عبر كثيرٌ منهم عن راحتهم في مواقع التواصل، معبّرين عن قناعتهم بأن استمرار الدولي الغاني "سيحمي وسط الملعب من الفراغ الدفاعي ويُسهم في مزيدٍ من النجاحات". ووصفت صحفٌ محليةٌ مثل "إيفيننج ستاندرد" و"جارديان" خطوة تمديد العقد بأنها "ضرورة فنية ومالية معًا"، وقالت إن النادي "لم يعد قادرًا على المخاطرة بقطاعٍ حيويٍّ مثل صاحب الرقم 5 في تشكيلة أرتيتا".
انعكاسات على سوق انتقالات أرسنال

يرى المراقبون أن حسم ملف تجديد بارتي قد يؤثر إيجابيًا على مسار سوق انتقالات آرسنال الصيفية، إذ إنه سيوفر الثقة لضم لاعبين شباب في مراكز أخرى، مع ضمان توازن الكتلة المالية. كما سيعزز من فرص التعاقد مع أجنبيٍّ مميزٍ في الدفاع أو خط الوسط الهجومي، بلا حاجةٍ لتعويض غياب بارتي التكتيكي.
خلاصة
وادار أرسنال بذكاءٍ ملف تجديد عقد توماس بارتي، مستفيدًا من توقيت الجولة الأخيرة للاتفاق قبل دخول اللاعب النصف الأخير من عقده. فالبقاء مع "المدفعجية" يمثّل خيارًا جاذبًا لبارتي على المستويين الفني والشخصي، بينما يوفر للنادي عنصرًا أساسيًا في مشروع ميكيل أرتيتا الطموح. ومع توقعاتٍ بإعلان رسميٍّ خلال الأسابيع القليلة المقبلة، تبدو الصورة جليّةً أمام جماهير أرسنال: حجزٌ لمستقبل وسط الملعب، وترجمةٌ واقعيةٌ لاستراتيجية "البناء المستدام" التي يرفعها النادي منذ تولي عائلة كينغسبيري منصب الرئاسة.