أثار أسطورة مانشستر يونايتد روي كين جدلاً واسعاً بعد انتقاده الحاد للمهاجم المخضرم جايمي فاردي، عقب اعتذار الأخير لجماهير ليستر سيتي عن موسم الهبوط الكارثي الذي أنهى رحلته مع النادي. وجاءت تصريحات كين عبر حلقةٍ جديدة من بودكاست “Stick to Football”، حيث اعتبر أن اعتذار فاردي متأخرٌ للغاية ولا يغيّر شيئاً من النتائج المفجعة التي عاشها الفريق.
صدى الإعتذار والمواقف المتناقضة
في ختام موسمٍ صادم لنادي الثعالب، نشر فاردي بياناً عاطفياً عبّر فيه عن حزنه “لخلافة الجيل الذهبي الذي صنع معجزة لقب البريميرليغ عام 2016″، معترِفاً بأخطائه الشخصية وجاهزيته لتحمّل مسؤولية النتائج السيئة. لكن كين لم يتردّد في وصف خطاب فهد الإنجليزي بأنه “يفتقر للاعتراف اليومي بالخطأ”، مضيفاً: “لو كنت تنظر إلى المرآة، فافعل ذلك كل يوم. ليس بعد أن تنهار كل الأشياء من حولك”.
السقوط الثاني في ثلاث سنوات
يأتي هبوط ليستر سيتي للمرة الثانية في غضون ثلاث سنوات بعد موسمٍ انطوى على سلسلةٍ من الإخفاقات: البداية المتذبذبة في الدوري، الانفصال السريع عن المدرب ستيف كوبر بعد ثلاثة أشهر فقط، ثم انسداد الهجوم وغياب الإبداع في وسط الملعب. ومع تراجع النقاط، ارتفع صوت مطالبات باستقالات اللاعبين المخضرمين، وفي مقدمتهم فاردي وكونور كودي، قبل أن يعلن النادي تقاعد أسطورة تسجيل الأهداف بنهاية الموسم.
كين وأسئلة المحاسبة الكبرى
لم يكتفِ كين بتوجيه سهام النقد إلى فاردي وحده، بل امتدح دوره في تشريح ثقافة “اللاعب المحترف” بقوله: “عندما ينهار موسم بالكامل، يخرج البعض ليقول: ‘نحتاج لصوتٍ جديد’، كأن هذه العبارة كافية لتغطية كل ما فسد. أين كان هذا الصوت طوال الموسم؟”. وانتقل روي في تحليله إلى مسؤولية القادة داخل غرفة الملابس، معتبرًا أن اعتذاراً في المؤتمر الصحفي الأخير لا يعوّض عن غياب الروح القتالية وروح الفريق طوال التسعة أشهر الماضية.
العودة إلى 2016: من المجد إلى الفشل
لا يمكن فصل مسيرة فاردي عن معجزة 2015–2016، حين كان الهدف الأول من آگسْط إلى مايو، وساهم هدّاف إنجلترا في تعويض محدودية ميزانية ليستر آنذاك. لكن الانتكاسة الحالية كشفت هشاشة الوسط الفني والإداري في النادي؛ فرغم بقاء بعض الأسماء الأساسية، أخفق الثعالب في إعادة إنتاج الوصفة الناجحة، وفشلت قيادات الخبرة في فصل الأزمات الفردية عن مسؤولياتهم الجماعية.
ماذا يعني إعادة صياغة “الاعتذار”؟
يطرح موقف كين تساؤلاتٍ حول مدى فاعلية الاعتذارات العامة في كرة القدم، خاصة عندما تأتي بعد إعلان الهبوط أو مغادرة صفقةٍ كبرى. فهل يكفي الاعتراف بالأخطاء لمحو النتائج؟ أم أن المسألة تتطلب خطواتٍ تتجاوز الكلمات؟ يرى الكثير من المحللين أن الممارسة اليومية للاحتراف تبدأ بالالتزام بالعمل داخل التدريبات وخارجه، وليس بالندم بعد سقوطٍ نهائي.
دور الإعلام وجماهير الثعالب
سرعان ما انتشرت تصريحات كين على منصات التواصل، فاحتدم الجدل بين مؤيدٍ يرى أن فاردي تأخّر كثيراً في الاعتراض على أخطاء الفريق، ومعارضٍ يدافع عن أسطورةٍ أعطى الكثير لمدينة ليستر منذ 2012. وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن 62% من جماهير الثعالب يطالبون بترميم القائمة الشابة وفتح المجال لوجوهٍ جديدة، بينما يرى آخرون وجوب الاحتفاظ بالخبرات لما تبقى من موسم التشامبيونشيب ومحاولة العودة السريعة إلى الصفوة.
النظر إلى المستقبل: من يحلّ محل القائد؟
مع إعلان فاردي الرحيل، بدأت الإدارة في البحث عن قائدٍ كاريزمي يقود حقبة إعادة البناء. وقد حُيّدت هوية خليفته حتى الآن، لكن الأسماء المرشحة تتراوح بين لاعبين شابين من أكاديمية النادي، ولاعبين ذوي خبرةٍ في الدرجة الأولى. ويبدو واضحاً أن كين ينتظر من هؤلاء القادة الجدد أن يتسلحوا بالصراحة والمحاسبة اليومية، لا بالاعتذارات المنوهة بعد فوات الأوان.
دروس لا تُنسى في عالم الاحتراف
تكررت في السنوات الماضية حالاتٌ شبيهة لاعتذاراتٍ متأخرة؛ من لاعبين ومدربين أعلنوا “التعلم من الدروس” بعدما انتهت المواسم دون تحقيق الأهداف. لكن درس روي كين جاء مختلفاً: “الاعتذار لا يُصلح ما أُفسد”، فالاعتراف بخطأٍ واحدٍ لا يعفي من المسؤولية عن آلاف اللحظات التي مرّت دون مراقبة أداء أو ضبط انضباط.
ختاماً، تركت ردة فعل كين بصمةً جديدة على خطاب التحليل الرياضي في بريطانيا، مسلطةً الضوء على أهمية التعامل اليومي مع الأخطاء بدلاً من الانتظار حتى نهاية المواسم. ويبقى السؤال معلقاً: هل ستستطيع الأجيال القادمة في ليستر أخذ العبرة من هذا النقد الصادق، أم أن النادي سيكرر سيناريوهات الماضي البعيد والقريب؟ فقط الزمن والمباريات المقبلة كفيلان بالإجابة.
