تلقى جمهور ليستر سيتي صدمة قوية مساء اليوم، بعد إعلان قائد الفريق ونجم هجومه التاريخي، جايمي فاردي، اعتزاله وداعًا لصفوف النادي عقب نهاية الموسم الجاري. ويأتي هذا القرار في ظل هبوط الثعالب مجددًا إلى دوري الدرجة الأولى الإنجليزي "التشامبيونشيب"، بعد موسمٍ حافل بالتقلبات لم يستطع خلاله الفريق الصمود والبقاء في "البريميرليج".
مسيرة ملهمة بدأت بمليون يورو
انتقل فاردي إلى ليستر سيتي في صيف 2012 مقابل مليون يورو فقط قادماً من نادي فليتوود تاون، ما جعل من صفقة ضمه واحدة من أفضل صفقات القرن الحادي والعشرين على الإطلاق. وقدم المهاجم الإنجليزي منذ وصوله أداءً استثنائيًا؛ إذ أصبح أول لاعب يصل إلى 100 هدف في الدوري الممتاز بعد الصعود إلى المسابقة ويكسر حاجز التسجيل في سبع مباريات متتالية للمرة الأولى في التاريخ.
صعود مفاجئ إلى القمة التاريخية
اقتربت قصة فاردي مع ليستر من الأساطير الخالدة عندما قاد الفريق تحت قيادة المدرب الإيطالي كلاوديو رانييري للاحتفاء بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز موسم 2015–2016، في واحدة من أكبر المفاجآت الرياضية على مستوى العالم. إذ عجزت كبرى الأندية التقليدية عن مضاهاة الثبات الذهني والتكتيكي الذي أظهره "الثعالب"، بفضل أهداف فاردي المتواصلة ورؤيته لخلق المساحات واستغلال سرعة المرتدات.
أرقامٌ لا تُمحى من ذاكرة أنويتا
خلال ثلاثة عشر موسمًا، صال فاردي وجال في ملاعب "كينغ باور" وسجل أكثر من 150 هدفًا في مختلف البطولات، إضافة إلى أكثر من 50 تمريرة حاسمة. سارعت أندية أوروبية كبرى لافتراسه أكثر من مرة، لكنه اختار البقاء مخلصًا للمدينة والجماهير، ليصير رمزًا لروح القتال والتحدي. كما ارتدى قميص "الأسود الثلاثة" 26 مرة في أولى استدعاءاته للمنتخب الإنجليزي، وشارك في بطولات كبرى كالـ"يورو" وكأس العالم، معتمدًا بشكل دائم على سرعته الفائقة وانطلاقاته المباغتة خلف الظهيرين.
التقلبات الأخيرة وسقوط ليستر

على الرغم من الفترات المشرقة، شهد الموسم الحالي تداعيات صعبة لنادي ليستر، انتهت بهبوطه رسميًا إلى التشامبيونشيب بعد احتلاله المركز الثامن عشر في الدوري برصيد 25 نقطة. وتراجع أداء الفريق في الجوانب الدفاعية، كما عانى من ندرة تسجيل الأهداف خلال فترات التوقف والإصابات المتكررة للاعبيه الأساسيين، بما في ذلك فاردي نفسه الذي ظهر بمستوى أقل من المعتاد نتيجة تقدمه في العمر ووضعية الفريق عامةً.
كلمات الوداع والمعاني العميقة
عبر المهاجم البالغ من العمر 37 عامًا عن حزنه في بيان رسمي نشره عبر حسابه الشخصي: "أشعر بخيبة أمل لأن لحظة الوداع قد حانت، لكنني فخور بالسنوات الـ13 الرائعة التي قضيتها هنا. مرت مليئة بالنجاحات واللحظات الاستثنائية التي سأحتفظ بها إلى الأبد. ليستر سيتي سيظل دائمًا في قلبي". وأبدى كذلك امتنانه لدعم الجماهير الذي كان الوقود الحقيقي لمسيرته، مؤكدًا أن حب المدينة والملعب يشكلان جزءًا لا يتجزأ من قصة حياته.
كيف يؤثر رحيل فاردي على مستقبل النادي؟
بات على إدارة ليستر العمل سريعًا لإعادة بناء الفريق تحت سقف دوري الدرجة الأولى، مع البحث عن قائد جديد قادر على تحقيق التوازن بين الخطوط. وقد يؤدي افتقاد شخصية فاردي القيادية إلى تحديات في استخراج أفضل أداء من اللاعبين الشباب الذين ستُمنح لهم فرص أكبر، مثل هارفي بارنز وتيليمانس. كما سيحتاج النادي إلى دمج عناصر هجومية جديدة لتعويض النقص في خبرة إنهاء الهجمات داخل منطقة الجزاء.
إرثٌ يبقى ودروس للتاريخ

ستبقى قصة جايمي فاردي مع ليستر سيتي من أكثر القصص إثارة في تاريخ كرة القدم الإنجليزي، حيث انتقل من أندية القاع إلى تتويجٍ تاريخي لا يُنسى بفضل الإصرار والعمل الجماعي. وعلمت مصادر محلية أن النادي يدرس حفل تكريم خاص سيتم تنظيمه في الملعب في بداية الموسم القادم لتخليد ذكرى إنجازاته وأهدافه.
وجهة الرحلة المقبلة
فيما يبدو أن الاعتزال وارد، لم يُحسم بعد قرار فاردي بشأن مستقبله الاحترافي. فقد ألمح اللاعب سابقًا إلى احتمال خوض آخر تجربة مع نادٍ آخر في دوري الدرجة الأولى أو الانضمام إلى مشروع طموح يرحب بخبرته القيادية. وفي جميع الأحوال، ستشكل خياراته القادمة محور اهتمام الإعلام والجماهير التي ترقب نهاية حقبة تاريخية بألوان الثعالب.
ختامًا، يغادر جايمي فاردي ليستر سيتي كأيقونة خالدة في ذاكرة "كينغ باور"، حاملًا إرثًا من الهداف الصريح الذي لا يعرف المستحيل، ويتوج فصلًا ذهبيًا في سجل النادي. ومع انطلاقة حقبة جديدة دون هدّاف الأرقام، ستبقى الجماهير تستذكر كل لحظة تألق، في انتظار حكايات أخرى تبنيها حقبة جديدة تحمل اسم الثعالب.