رحلة كاسترو إلى قلب الدوري السعودي
في أولى حلقاته في بودكاست “Convocados à Mesa” الذي يقدمه الإعلامي البرازيلي أليساندرو كاريلو، استعاد البرتغالي لويس كاسترو، المدير الفني السابق لفريق النصر السعودي، ذكرياته في الرياض، متطرقًا إلى أسباب رحيله، وحكاية زيارته لجورج جيسوس قبل المباريات، والصدمة التي أحدثها إهدار علي الحسن لركلة جزاء في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين 2024.
تولى لويس كاسترو قيادة النصر في يوليو 2023، خلفًا للإسباني روي فيتوريا، وقاد الفريق في 21 مباراةٍ رسميةٍ بكل المسابقات. ورغم البداية المبشرة في كأس الملك سلمان للأندية الأبطال الودية، حيث تُوِّج بها ضد أنديةٍ خليجيةٍ وعربيةٍ، واجه صعوباتٍ في الدوري المحلي؛ إذ غاب عن منصات التتويج وخرج من دوري أبطال آسيا “النخبة” في دور المجموعات للمرة الأولى في تاريخ النادي.
تجاهل سؤال “هل شعرت بالظلم؟”
بحسب إحصائيات رام كورة، سجّل النصر تحت قيادة كاسترو 38 هدفًا وتلقّى 30، محققًا 11 فوزًا و5 تعادلات و5 هزائم، ما أبقى “العالمي” خارج مراكز القمة. وقد دفع هذا الأداء الإدارة للتضحية بالمدرب البرتغالي في سبتمبر 2024 لصالح الإيطالي ستيفانو بيولي، الذي نجح لاحقًا في قيادة النصر إلى نهائي كأس الملك السعودي.
عندما سُئل كاسترو في البودكاست عن رأيه في إقالته المبكرة دون فرصةٍ كافيةٍ، اكتفى بابتسامةٍ خفيفة قائلاً:
“لنناقش مواضيع أخرى، لا أريد الدخول في الجدل حول الإقالة.”
هذا الرفض للحوار حول الخلافات مع الإدارة يكشف جانبًا من مبادئه المهنية: التوجه دومًا إلى المستقبل وعدم التركيز على الماضي بشكلٍ سلبيٍ.
خرافة جورج جيسوس: “كان يهرب مني قبل صافرة البداية”
لعلّ أكثر ما لفت في حوار كاسترو، روايته لعلاقة الصداقة التي كانت تربطه بجورج جيسوس، المدير الفني السابق للهلال، والذي أُقيلت إدارته أيضًا هذا الموسم بعد خروج الهلال من ربع نهائي “النخبة” على يد الأهلي السعودي.
كشف كاسترو أنهما باتا صديقين منذ سنواتٍ في البرتغال، لكن جيسوس كان يتجنب مصافحته قبل المباريات، مبررًا ذلك بخرافةٍ خاصةٍ:
“جيسوس مقتنع بأن عدم مصافحة خصمه الفني قبل المباراة يحافظ على تركيزه الفريد. حاولت كسر هذه العادة بزيارته في النفق قبل صافرة البداية، لكنه كان يهرب مبتعداً.”
مفارقة علي الحسن: من هدفٍ صاروخيٍ إلى ركلةٍ أهدرها ركلات الترجيح
ويبدو أن هذه العادة ليست نادرةً بين المدربين الكبار الباحثين عن “الموازنة النفسية” قبل اللقاءات الهامة، ولكن حيرة كاسترو جاءت من قوة إيمان جيسوس بها رغم صداقةٍ استمرت سنوات.
لم يغب عن بال كاسترو تعليقًا لاذعًا على ما فعله المهاجم علي الحسن في نهائي كأس الملك السعودي عام 2024، عندما أهدر ركلة ترجيحٍ كان من الممكن أن تمنح النصر لقبه الثامن في التاريخ.
ووضح كاسترو:
“علي الحسن سجل هدفًا صاروخيًا ضد الهلال في الدوري (3–1) في أبريل 2024، لكن في نهائي الكأس أمام ذات الفريق، سدد ركلةً بعيدةً عن الشباك رغم أنها كانت مفتاح التتويج. كيف يفسر أحد هذا التناقض؟”
وقد أكد أن هذه الحالة لا تتعلق بانعدام الثقة، وإنما هي “ضغط اللحظة” التي قد تحرم أي لاعبٍ—مهما كان موهوبًا—من تحقيق المطلوب في أقسى اللحظات.
حصيلة “المحبوسين” في النصر: التفكير في المستقبل
رغم الصعوبات، شدد كاسترو على أنه “لا يلوم أحدًا” وأنه استمتع بالفترة التي قضاها في السعودية، إذ تعلم الكثير عن ثقافة كرة القدم في المنطقة، واكتسب صداقاتٍ مع لاعبين محليين وأجانب.
فيما يعتزّ بحصوله على دعمٍ جماهيريٍّ في أكثر من مباراة، إنما يقرّ بأن “النتائج هي الحكم النهائي”، وأن أي مشروعٍ فاشلٍ يحتاج إلى إعادة تقييمٍ تكتيكيٍ وشخصيٍ.
وأنهى حديثه بالتعبير عن أمله في أن:
“يتعلم نادي النصر من الأخطاء التي رافقت فترتي”، وأن يعيد ترتيب أوراقه قبل انطلاقة الموسم المقبل، مستفيدًا من دروس كاسترو في “التوازن النفسي” و”التكتيك المضاد”.
ختام… درسٌ للإدارة واللاعبين
لا بدّ من الاعتراف بأن تجربة لويس كاسترو مع النصر لم تثمر عن بطولاتٍ كبيرةٍ، ولكنها أسهمت في فهمٍ أعمقٍ للعلاقة بين المدرب والإدارة واللاعبين.
فالاعتماد على العادات الخرافية، مثل تلك التي ذكرها عن جيسوس، لا يجب أن يغطي فشل خططٍ فنيةٍ أو استعدادٍ نفسيٍ.
وكذلك تذكير علي الحسن بمفارقة هدفي “صاروخي” مقابل ركلةٍ أهدرها، يضع الضوء على أهمية تعزيز مهارات لاعبي النصر في التصويب تحت الضغط.
وبينما يستعد ستيفانو بيولي لمواصلة بناء مستقبل “العالمي”، سيحتفظ التاريخ بفصولٍ من بودكاست “Convocados à Mesa” تحتفي بأحاديثٍ مختلفةٍ تُعيد رسم صورة الرياضة بين الحكمة الشخصية والقرارات التكتيكية، بعيدًا عن أي جدلٍ جامدٍ حول الإقالات أو الخرافات قبل الملاعب.
