في تطورٍ دراماتيكي يصعب تصديقه، عبّر هتان باهبري، نجم المنتخب السعودي والهلال الأسبق، عن إحباطه العميق بعد موسمٍ وحيد قضاه مع نادي التعاون، حيث شعر بأن موهبته الضاربة لم تُقدَّر ولم تنل نصيبها من الثقة والفرص. فقد انتقل باهبري (32 عاماً) إلى “سكري القصيم” الصيف الماضي قادماً من الشباب في صفقة انتقال حر، وكان الجميع يترقب تفجير إمكاناته في دوري روشن السعودي، إلا أن الواقع كان بعيداً عن التوقعات.
منظومة المباريات والإحصائيات
لعب باهبري 26 مباراة فقط مع فريق التعاون في كافة المسابقات، مُسجلاً هدفين وصانعاً لمثلها، ما اعتبره هو أداءً لا يليق بتاريخٍ حافلٍ مثل الذي صنعه مع الهلال والمنتخب الوطني. وبالرغم من تلك الحصيلة، فقد جاء هدفيه ومعاوناته في أوقاتٍ حاسمة مهدت الطريق لفوز “العنبورية” في مواجهاتٍ صعبة، كان أهمها اللقاء الأخير أمام الرياض.
لحظة الانفجار أمام الرياض
في الجولة الـ33 من دوري روشن السعودي، ودون أن يبدأ المباراة أساسياً، استُدعي باهبري في الدقيقة 70 مكان زميلٍ مُتعب. لم يمضِ أكثر من دقائق معدودة حتى أطلق نيرانه الذهبيّة، مسجّلاً الهدف الثاني للتعاون الذي كان متأخراً 1-2، قبل أن يصنع الهدف الثالث لزميله عبدالفتاح آدم في لحظةٍ عبقرية، ليقلب الموازين ويقود فريقه للفوز 3-2. هذه اللحظة المضيئة لم تكن كافية لإخماد غضبه من إهمال الجهاز الفني، بل زادت من حنقه على ضياع فرصته في إثبات ذاته باستمرار.
رسالة حاسمة لقادة النادي
بعد صافرة النهاية، انضم باهبري إلى مُراسلي قناة “إس إس سي” ليطلق عتابه المباشر للجهاز الفني وإدارة نادي التعاون:
“أشكر الله أولاً على أنني أسعدت الجماهير وزملائي في أهم لحظات المباراة، لكن لا أخفي قلقاً وغضباً لأني لم أحصل على موقعي الحقيقي في الفريق. لعبت للمنتخب السعودي وخضت تجربةً مع أكبر الأندية الآسيوية، ومع ذلك شعرت أنني في هذا الموسم لم أَنل ما أستحقه من ثقة.”
وأضاف باهبري بنبرةٍ حملت أملاً ولكنه لم يخف مرارة الاستياء:
“قدمت كل ما عندي للفريق حتى في اللحظات الأخيرة، لأن التعاون نادي كبير وجماهيره تستحق الأفضل. أتمنى أن تنتهي علاقتي مع هذا النادي وأنا مطمئن على إخراج أفضل ما لدي، ثم سأبحث عن خطوةٍ جديدة تتيح لي إثبات أحقيتي.”
خلفيات الرحيل المحتمل
ينتهي عقد باهبري مع التعاون في يونيو المقبل، وقد أعلن نيته مغادرة “السكري” دون الإفصاح عن وجهته القادمة. وتشير المصادر إلى اهتمام عدة أندية بالتعاقد معه، نظراً إلى خبرته الكبيرة وقدرته على الإضافة الفنية وقيادة الهجمات. وسيكون لملف مشاركاته وأهدافه مع التعاون في هذا الموسم وقعٌ واضح على مستقبل اللاعب، خاصة بعدما أثبت قدرته على قلب نتائج المباريات في دقائق قليلة.
انعكاس الأزمة على سمعة الإدارة
فرضت تصريحات باهبري نفسها على أروقة وسائل الإعلام السعودية، وأثارت تساؤلاتٍ حول مدى قدرة إدارة التعاون على استثمار مواهبٍ بحجم هتان. فالجماهير طالبت بإعادة النظر في سياسة التعاقدات وإسناد أدوار أساسية للاعبين ذوي الخبرة والمهارة، بدل تركهم حبيسي دكة البدلاء. كما ربط محللون بين ضعف الثقة المعطاة لباهبري وتراجع نتائج الفريق في بعض المباريات، مما أدى إلى تذبذب في مركزه بجدول الترتيب.
ردة فعل المدرب والإدارة
من جانبها، حاولت إدارة التعاون تخفيف حدة الأزمة عبر تصريحاتٍ رسمية أكدت تقديرها لإسهامات باهبري طوال الموسم، وامتنانها لتحوله إلى “ضمانة” في اللحظات الحاسمة. أما المدرب محمد العبدلي، فأشار في مؤتمرٍ صحفي إلى وجود “خيارات تكتيكية” وراء إشراك بعض اللاعبين بدلاً من الآخرين، مؤكداً أنه يثق في قدرات الجميع على العطاء حين يُمنحون الفرصة. ومع ذلك، فإن كلام العبدلي لم يَرُق للكثيرين من جماهير التعاون التي وجدت فيه تبريراً للاعتماد على عناصر لم تُسجل بصمات واضحة.
ماذا ينتظر الجناح المتمرّد؟
يبقى السؤال الأبرز: أين سيكون هتان باهبري في الموسم القادم؟ هل سيجد من يقدّر تاريخه الحافل بالإنجازات، ويُشركه بانتظام في خططٍ هجومية تعده باللحظات الذهبية؟ أم أنه سيضيع مرةً أخرى في متاهات الدكة والإحصائيات المحدودة؟ الأكيد أن اللاعب نفسه لا يزال في قمة الجاهزية الفنية واللياقة البدنية، ويملك رصيدي خبرة دولية قوامها عشرات المباريات مع الأخضر السعودي، ومشاركاتٍ مع أندية قدمت على الساحة الآسيوية أكبر الألقاب.
خاتمة مستقبلية تعيد تشكيل الخارطة
يبدو أن مشوار هتان باهبري على الصعيدين المحلي والقاري يحتّم عليه البحث عن تربةٍ خصبةٍ تسمح له بتفجير موهبته التي طالما أرهقت دفاعات الخصوم. فبعد تجربة التعاون الملتهبة، يتعيّن على الأندية الطامحة لإحداث نقلة نوعية في خطوطها الهجومية أن تراهن على جناحٍ يجمع بين الخبرة والجرأة والقدرة على حسم المباريات بضربةٍ سحرية من خارج الصندوق. وإن كان باهبري قد تذوق مرارة التجاهل هذا الموسم، فإن الفرصة لا تزال سانحةً أمامه لكتابة فصلٍ جديدٍ في تاريخه، عنوانه “انتقام النجم الذي انتظر طويلاً”.
