في خطوة لم تكن مفاجئة بالنسبة لمتابعي أداء الفريق في الأسابيع الأخيرة، ودّع الهلال بقيادة مدربه البرتغالي جورجي جيسوس بعد خمس سنوات على مقعد التدريب، حيث قامت إدارة النادي بإيقاف التعاقد مع المدرب عقب خسارة نصف نهائي دوري أبطال آسيا أمام الأهلي السعودي (3-1) منتصف الأسبوع الماضي. وجاء هذا القرار في بيان رسمي نشره حساب “الهلال” على منصة “إكس” في ساعة متأخرة من ليلة الجمعة-السبت، معلنًا نهاية الارتباط بالمدرب الذي قاد “الزعيم” للتتويج بدوري أبطال آسيا في 2021، ولثلاثة ألقاب للدوري السعودي الممتاز، وكأس الملك وكأس السوبر.
في نص البيان
أجمعت إدارة شركة نادي الهلال على “شكر الجهاز الفني والإداري على الجهود المبذولة منذ الموسم الماضي”، معربةً عن حرصها على “المضي قدمًا في مرحلة جديدة تتطلب تحفيزًا أكبر وقدرة على استعادة نغمة الانتصارات القارية والمحلية”. وفي الوقت ذاته، جاء الإعلان عن تكليف الأسطورة المحلية محمد الشلهوب، نجم وسط المنتخب السعودي السابق، بقيادة الفريق بشكل مؤقت خلال المباريات المتبقية في دوري روشن.
فرص ضئيلة للمنافسة
ونزلت هذه الخطوة على جماهير الهلال بينما يتخلف “الزعيم” بست نقاط عن اتحاد جدة المتصدر، قبل خمس جولات من نهاية الدوري، وهو الوضع الذي يتيح فرصة ضئيلة للحاق بالعميد إذا لم يتم تحقيق سلسلة من النتائج الإيجابية. بالإضافة إلى ذلك، سيتعين على الشلهوب إدارة ملف مبكرات الحسم؛ حيث تنتظر الفريق مواجهةٌ مرتقبة أمام الشباب ضمن الجولة السادسة والثلاثين، قبل ملاقاة التعاون والفتح والفيصلي في ختام المسابقة.
رحلة جيسوس مع “الأزرق”
في صيف 2019، جلبت إدارة الهلال المدرب الذي سبق له العمل مع بنفيكا وبناتيكوس البرتغاليين بحثًا عن ملمحٍ تكتيكي جديد، فسرعان ما وظف جيسوس مفاتيح الضغط العالي وحرمان الخصم من بناء الهجمات السلسة، مسجلاً نجاحًا آسيويًا تمثل في تتويج البطولة الأبرز عام 2021 بعد انتظار 17 عامًا. وعلى الصعيد المحلي، رفع الفريق تحت قيادته لقب الدوري ثلاث مرات، وكان له الفضل في الفوز بكؤوس الملك والسوبر، إلى جانب قيادة “الأزرق” إلى نهائي آسيا في 2022 قبل الخسارة أمام بيرسبوليس الإيراني.
موسم مليء بالانتكاسات

- ربع نهائي الكأس العربية: خروج مبكر.
- تعثر في الدوري: فقدان الصدارة تدريجيًا.
- هزيمة نصف النهائي الآسيوي: الخسارة الثقيلة أمام الأهلي السعودي.
كانت تلك النقطة الفاصلة التي دفعت الإدارة للتفكير الجدي في تغيير قادم، وسط مطالباتٍ إعلاميةٍ وجمهورٍيةٍ بضرورة ضبط الأداء واستعادة الثقة.
الشلهوب في قلب المعركة
اختار مجلس الإدارة محمد الشلهوب ليقود الجهاز الفني، مستعينًا بخبرته كلاعبٍ داخل أعرق فرق السعودية، وإلمامه بأسلوب الفريق من الداخل. ومعرفة الشلهوب التي يمتد عمرها إلى أكثر من 17 عامًا كلاعب، إضافةً إلى فترة التدريب المساعدة التي قضاها مع الجهاز البرتغالي السابق، تمنحه قدرةً على التفاهم السريع مع اللاعبين ومحاولة تكييف تكتيك يسهل تنفيذه في فترة قصيرة.
وقد استعان الشلهوب بالمدربين المساعدين من الفئات العمرية في النادي، وأطلق في أول مؤتمرٍ صحفي له نبرةً إيجابيةً قائلاً: “أعلم حجم المسؤولية الملقاة على عاتقي، ولكن الهلال دائماً ما يعوّل على رجالٍ قادرين على قلب الطاولة.” وأكد أن أبرز أولوياته “استعادة الثقة الجماهيرية عبر تقديم عروض أكثر توازنًا بين الدفاع والهجوم، وتحقيق انتصاراتٍ سريعةٍ تبقي الفريق ضمن سباق اللقب”.
مواجهةٌ ضد الأزمات والإصابات

قبل تكليفه بالمهمة الفنية، واجه الهلال تحدياتٍ إضافيةً تمثلت في عدة غياباتٍ بدت مؤثرة في الخطوط الخلفية وأمام المرمى. ففي دفاع العمق، تفتقد كتيبة المدرب الرحيل نظمًا دفاعيةً متماسكةً بسبب غياب أندريه كاريلو وجانيني تافاريس للإصابة، كما يعاني خط الوسط من خروج صالح العمري للإيقاف وتذبذب مستوى بعض العناصر. على الجانب الهجومي، افتقد الفريق القدرة على ترجمة السيطرة إلى أهدافٍ، خصوصًا أمام الفرق المنضبطة تكتيكيًا.
دور المواهب الشابة:
ويلعب الوافدون الجدد من فئة تحت 21 عامًا دورًا في تعزيز الخيارات البديلة، حيث أدرج الشلهوب في القائمة عددًا من المواهب الصاعدة التي سبق أن لمع نورها في فريق النخبة، في محاولةٍ للموازنة بين خبرة النجوم ومبادرات الشباب النشيط.
النظرة إلى ما تبقى من الموسم
مع تقارب مواعيد الختام، يبدو المشهد محفوفًا بالمخاطر والطموحات معًا. فالهلال مطالب بجمع 12 نقطةٍ على الأقل من أصل 15 ممكنة، لفتح نافذةٍ ضيقةٍ نحو التتويج، بينما سيظل فقدان أي نقطةٍ جديدة كفيلاً بتمديد تساوي النقاط مع اتحاد جدة مؤكدًا ضرورة اللجوء إلى فارق الأهداف أو المباريات المباشرة.
كأس سوبر لوسيل:
وبعيدًا عن المنافسة المحلية، تنتظر الهلال مواجهة نهائيةٍ لقطر في كأس سوبر لوسيل، ما يفتح بابًا لتحقيق لقبه الثالث في البطولة إن واصل اللعب بالأسلوب الهجومي الذي كان ولا يزال أحد سمات “الزعيم”.
ختامًا
يبدأ فصلٌ جديدٌ للحسابات داخل جدة؛ إذ يركّز الشلهوب على حياكة ثقة الفريق من جديد، واستنهاض الجماهير بحملةٍ دعائيةٍ قويةٍ قبل انطلاق المباريات المقبلة. وإذا نجح في تحقيق انطلاقةٍ إيجابيةٍ، فقد يمهد ذلك الطريق أمام تعيين مدربٍ دائمٍ ضمن الخيارات المرشحة؛ وسط توقعاتٍ بأن يتحول قرار الإعفاء إلى فرصةٍ حقيقيةٍ لإعادة رسم الخريطة الفنية والعقلية للزعيم السعودي.