أجواء نصف نهائي آسيوي وتعثر الثقة
لم تمنع النتيجة الإيجابية التي حققها الأهلي في نصف نهائي “النخبة” 2024-2025، بفوزه 3-1 على الهلال في جدة، من تزايد الشائعات حول احتمال تغيير المدرب. فبالرغم من الأداء التكتيكي الدقيق الذي شهدته المباراة، لا سيما في تنظيم الخطوط وسط رقابة محكمة للاعبي الهلال، أشارت صحيفة “جلوبو” البرازيلية إلى أن مجلس الإدارة بات يستعد بالفعل لاستقبال خليفة يايسله بنهاية الموسم، بغض النظر عما إذا نجح في تحقيق لقب البطولة القارية أم لا.
ونقلت “جلوبو” عن مصادرها في الرياض أن اجتماعات سرية جرت خلال الأيام الماضية، بحضور وكيل أعمال يايسله وعدد من أعضاء مجلس الأهلي، للتباحث حول وضعية المدرب الألماني الشاب. وأكدت المصادر أن العقد المبرم مع يايسله يتضمن بندًا يسمح للطرفين بفسخ التعاقد في حال عدم تحقيق الأهداف الرئيسة (التتويج باللقب الآسيوي)، وهو ما أدى إلى خروج اسم أنشيلوتي كخيارٍ أولٍ لتعويضه.
صراع بين عملاقين على “الخبير الإيطالي”

لم تقتصر رغبة الأهلي على ضم اسم عالمي بل دخل الهلال هذا السباق منذ أسابيع، بعدما وضعت إدارة “الزعيم” أنشيلوتي على رأس أولوياتها لتولي مهمة خلف جورج جيسوس، الذي توج مع الفريق بلقب دوري أبطال آسيا 2021، ثم ودَّع البطولة في المراحل المتقدمة هذا الموسم. ويبدو أن العرض الهلالي لا يقل جاذبية عن اقتراح الأهلي، إذ طُرحت أمام أنشيلوتي عقدًا سنويًا بقيمة 40 مليون دولار، ما يجعله من الأعلى في تاريخ المدربين الرياضيين.
وذكرت “جلوبو” أن الاجتماع الأول مع وكيل أنشيلوتي جرى في نهاية أبريل، بحضور ممثلين عن الناديين، وقدّم كل طرف رؤيته حول المشروع الرياضي والخطط التكتيكية المستقبلية. ورغم تزامن رغبة الهلال في الحفاظ على توازن خط دفاعه وهجومه عبر أسلوب جيسوس المعروف بالضغط العالي، يفضّل أنشيلوتي الفوزية المتنوعة وأساليبه المتوازنة التي شهدها مع ريال مدريد وتشلسي وباريس سان جيرمان، حيث حقق دوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية.
لماذا أنشيلوتي؟ نظرة على السيرة الذاتية
يُعد أنشيلوتي واحدًا من أبرز المدربين في العقدين الأخيرين، إذ جمع بين النجاح في خمسة أندية أوروبية كبرى:
• إيه سي ميلان (2001–2009):
بطولتا دوري أبطال أوروبا (2003، 2007) ولقب الدوري الإيطالي 2004.
• تشيلسي (2009–2011):
درع الدوري الإنجليزي الممتاز وجائزة أفضل مدرب في إنجلترا 2010.
• باريس سان جيرمان (2011–2013):
لقبا الدوري الفرنسي والكأس المحلية.
• ريال مدريد (2013–2015 و2018–2021):
ثلاثية دوري الأبطال المتتالية بين 2016 و2018، وكؤوس السوبر الأوروبية.
ومؤخرًا، توّج بلقب الدوري الإسباني موسم 2021-2022 مع ريال مدريد، قبل تمديد عقده حتى صيف 2024. هذا المسار الاحترافي جعل منه مرجعًا في إعادة تأهيل لاعبين مخضرمين وتطويع المواهب الشابة، وهو ما قد يناسب المشروع الطموح لكل من الأهلي والهلال.
ردود فعل الأهلي والهلال

أثار دخول “المعلم” دائرة الأندية السعودية ضجةً إعلامية واسعة، إذ انتقد بعض المحللين تمسك الأهلي بإشاعة رحيل يايسله رغم تأهله إلى النهائي القاري، معتبرين أن تغيير المدرب في هذه المرحلة قد يؤثر على توازن الفريق قبل نهائي تاريخي. بالمقابل، رأى آخرون أن ضم أنشيلوتي قد يدشن عهدًا جديدًا يركز على اللعب الجماعي والتوازن الدفاعي والهجومي، بما يتوافق مع متطلبات الأندية الكبرى في آسيا حاليًا.
بينما يواصل الأهلي تدريباته المكثفة تحت قيادة يايسله استعدادًا للنهائي ضد السد القطري، يستعد الهلال لمواجهة صعبة ضد مواطنه النصر في نصف نهائي كأس الملك، وهو اللقاء الذي قد يكون فرصة لجيسوس لإثبات أنه لا يزال المرشّح الأبرز للاستمرار، حتى لو لم ينجح في إقناع أنشيلوتي بالقدوم.
موقف أنشيلوتي والتوقيت الحاسم
من جهته، لم يعلن أنشيلوتي أي موقف رسمي، باستثناء تصريح مقتضب نشرته صحيفة “ماركا” الإسبانية، قال فيه:
“أنا مُكرَّس حاليًا للمرحلة النهائية مع ريال مدريد؛ أرتاح بعد ذلك للرد على أي عروض جديدة حين يحين الوقت.”
وهو ما يشير إلى أن الإعلان النهائي لن يحدث قبل نهاية الموسم الأوروبي (ما بين مايو ويونيو)، وربما يضمّن عقده شرطًا جزائيًا يسمح بالانفصال مقابل مبلغ مُعين، يمنح الإدارة السعودية مرونة في التفاوض.
دلالات المستقبل القريب
مهما كانت نتيجة هذا السباق، فإن دخول أسماء عالمية مثل أنشيلوتي في خطط الأندية السعودية يؤكد رغبة المملكة في رفع مستوى منافستها القارية ومحليًا، بعد الإنفاق القياسي على نجوم العالم. وقد تشهد الساحة الرياضية الخليجية تغيرات عميقة إذا ما نجح أحد الطرفين في حسم الصفقة، ما سيعني بداية حقبة جديدة توازن بين القيمة الجماهيرية والنتائج على أرض الملعب. وفي غضون أسابيع قليلة، ستنكشف معالم المشروع المنتظر، بينما يترقب عشاق الكرة في آسيا وصول “صرخة” جديدة من المدرب الأكثر تتويجًا في تاريخ الأبطال.