سيناريو موسم مُخيب للآمال
في ظل جولات درامية عصفت بأندية العاصمة هذا الموسم، خرج الأمير فيصل بن تركي، رئيس نادي النصر الأسبق، ليفجر مفاجآت غير متوقعة ويضع النقاط على الحروف بشأن دوره الفعلي في إدارة “العالمي” بعد رحيله، وعلاقته بالمدير التنفيذي الحالي رائد إسماعيل. تصريحاته التي نشرها عبر حسابه في “إكس” قلبت المواجع بين أنصار النصر، وأنهت الجدل حول “التجاهل” المزعوم لأزمة الفريق المتواصلة منذ انطلاق الموسم الرياضي 2024–2025.
دخل النصر الموسم الحالي وسط شعارات عالية وطموحات كبيرة للمنافسة على دوري روشن للمحترفين والكأس، لكن النتائج السلبية والمتذبذبة سرعان ما أزاحت الأنوار عن ملعب مرسول بارك، وسط تساؤلات عن أخطاء المنظومة الإدارية والتخطيطية. فرغم الانطلاق القوي في الجولات الأولى، فشل الفريق في الحفاظ على وتيرة الانتصارات، حتى خرج خالي الوفاض من جميع البطولات الكبرى، واقتصر حصاده على المركز الرابع في الدوري، ومواجهة القادسية في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، والتي لم تعد تمثل طموح الجمهور النصراوي العريض.
أزمة الهلال تفجّر نقاش “النجوم المنسية”
قبل أيام قليلة، أطلقت أساطير الهلال مثل سامي الجابر وياسر القحطاني والأمير عبد الرحمن بن مساعد تحذيرات حادة من سوء أداء “الأزرق” في دوري أبطال آسيا، ومخاوفهم من تكرار سيناريو الخروج من كأس العالم للأندية 2025، مطالبين الإدارة بتعزيز الفريق بمدرب متفرّد وتغيير 3 محترفين على الأقل. هذا الزخم الإعلامي دفع أنصار “الزعيم” للمطالبة برحيل المسؤولين، بينما لاحظ المراقبون غيابًا شبه كامل لنجوم ومسؤولي النصر السابقين عن الواجهة، وهو ما أثار حفيظة متابعي مواقع التواصل الاجتماعي الذين تساءلوا: “أين صوت الأساطير النصراوية ومتى سنسمعهم يطالبون بالتحسين؟”.
رسالة تركي الحاسمة: أنا مستشار فقط

في تغريدة نارية، خرج فيصل بن تركي ليضع حدًّا للشائعات:
“أوضحت في برنامج تركي العجمة أنني لا أتدخل في أي قرار إداري للنصر منذ دخولي كشريك ذهبي. الأستاذ رائد إسماعيل نصراوي بامتياز، لكن نسبة ملكية صندوق الاستثمارات تصل إلى 75%، وله الكلمة الأولى والأخيرة في مجلس الإدارة، بينما نملك نحن كأعضاء ذهبيين 25% فقط. وإن طلبت الإدارة نصيحتي، فسأكون حاضرًا دومًا.”
بهذه الكلمات، أنهى تركي الجدل حول ادعاءات دعم رائد إسماعيل بلا ضوابط، وأكد أنه لم يُدلي بأي تصريحات علنية تنتقد الإدارات التي تولّت المسؤولية بعده، رغم ندرة النتائج الإيجابية. وما زاد من حدة الأزمة، إعلان الأمين العام السابق للنادي، سعود السويلم، تفرغه لتنسيق الجهود الخيرية بعيدًا عن الشؤون الكروية، مما عزّز شعور “العالميين” بأن الساحة أصبحت خالية من رموزهم الذين لطالما كان صوتهم مسموعًا في أوقات الأزمات.
أبعاد الموقف وتأثيره على “الأصفر”
أوضح خبراء الرياضة أن تصريح تركي يأتي في توقيت دقيق، إذ يسبق أسابيع حاسمة من منافسات الدوري وكأس خادم الحرمين الشريفين، حيث يسعى النصر لاستثمار هذا “الهدوء الإعلامي” لتجنب مزيد من الضغوط. ومع امتلاك رائد إسماعيل لمحور القرار التنفيذي، يقع على عاتق الإدارة الربحية مسؤولية اتخاذ خطوات جريئة لتعديل المسار، سواء عبر التعاقدات الشتوية أو إحداث تغييرات فنية في الطاقم التدريبي.
ردود الفعل النصراوية: بين الامتنان والسخط
انقسم جمهور النصر فور نشر تصريح تركي إلى فئتين:
- المتفائلون: الذين رحبوا بتوضيح دور الأمير السابق وأعربوا عن ثقتهم بأن “الهدوء” سيُساهم في منح الإدارة فرصة العمل بعيدًا عن الضجيج الإعلامي.
- المتشائمون: الذين اعتبروا أن غياب صوت الأساطير عن المطالبة بتحسين الأوضاع يدلّ على “تواطؤ صامت” مع النتائج المخيّبة، وطالبوا بمجلس شرف جديد يعيد النصر إلى مكانته.
وقام بعض المحللين الرياضيين بالإشارة إلى أن تركي وضع معايير واضحة للتقييم: “مالك 75% يفعل ما يشاء”، وهو ما دفع الكثيرين لتساؤل منطقي: هل يتردد صندوق الاستثمارات في ضخ المزيد من الدعم المالي أو الفني، أم سيبقى النادي رهينة لقرارات ضيقة الامتداد؟
مستقبل يلوح في الأفق… وخيارات لا تحتمل التأجيل

مع تبقي أسابيع قليلة على انطلاقة الجولة الثانية من كأس خادم الحرمين الشريفين ومباراتي التتويج في الدوري، تواجه إدارة النصر معضلة حقيقية:
- تعيين مدرب بديل؟ بعد تذبذب أداء الفريق وتباين النتائج، بات التعاقد مع مدرب صاحب “بصمة ثابتة” مطلبًا جماهيريًا، خاصة بعد أن أثبتت تجربة المدرب الحالي عدم قدرته على فرض التكتيك وتحفيز اللاعبين.
- دعم المحفظة الفنية؟ يتردد اسم متوسط ميدان دولي قوي أو مهاجم هدّاف لانتشال الفريق من الفراغ التهديفي، في ظل استسلام نجوم “العالمي” أمام شبكات الخصوم.
- إشراك الرموز السابقين؟ يقدم كثيرون فكرة إعادة هيكلة مجلس الشرف بإدراج سامي الجابر أو ماجد عبد الله أو سعود السويلم كمستشارين فخريين لإضفاء وزن أكبر على الصوت النصراوي وتقوية العلاقة بين الإدارة والجماهير.
في الختام
في الختام، قد يجد النصر نفسه أمام مفترق طرق حاسم: إما الانطلاق من “هدوء تركي” يعتمد فيه الصندوق على قراراته الداخلية، أو العودة للصخب النصراوي التقليدي الذي طالما شكّل حافزًا لإدارة التغيير وحل الأزمات.
لكن الأكيد أن تصريح فيصل بن تركي كشف الحقيقة بمرآة لا تخطئ: “القرار اليوم في مجلس الإدارة، ومن يملك الحصة الكبرى يكتب المستقبل”. ومع اقتراب المواجهات الحاسمة، ينتظر أنصار “العالمي” رؤية أثر هذه الكلمات على أرض الملعب، ومدى قدرة رائد إسماعيل وفريقه على قلب المعادلات قبل أن يعلن الموسم صفحته الأخيرة.