انطلاقة الارتباك: استقالة ناظر بعد 20 يومًا من التعيين
في منتصف شهر يوليو 2024، فاز رجل الأعمال لؤي ناظر برئاسة “المؤسسة غير الربحية” لنادي الاتحاد بالتزكية، لكن فرحته لم تدم طويلاً. إذ أعلن عن استقالته رسميًا في 15 يوليو، بعد أقل من 20 يومًا من تسلمه المهمة، وذلك إثر سلسلة من الخلافات مع الإدارة الربحية للنادي، وتحديدًا المدير الرياضي الإسباني رامون بلانيس، حول صلاحيات التفاوض على صفقات المدربين واللاعبين الجدد.
• جدل المدرب الجديد:
كان ناظر قد حدّد صقل مشروع الفريق بالاكتفاء بمدرب من العيار الثقيل، وركّز على جلب الإيطالي ستيفانو بيولي لقيادة الفريق خلفًا للأرجنتيني مارسيلو جاياردو. لكن بنزيما رفض هذا الاتجاه جملًا وتفصيلًا، مفضلاً في حوار داخلي مع المكتب التنفيذي التعاقد مع المدرب الفرنسي لوران بلان الذي اعتبره “أقرب إلى طريقة لعب الاتحاد وقادر على فهم عقلية اللاعبين”.
• خلاف على صفقة جالينو:
لم يتوقف الخلاف عند حدود صانع القرار الفني، بل امتد إلى الهجوم. إذ كشف الإعلامي الاتحادي محمد البكيري أن ناظر سعى للتعاقد مع الجناح البرازيلي جالينو، النجم السابق لأهلي جدة، قبل انتقاله إلى “الراقي” في يناير 2025. لكن بنزيما اعترض على هذا التوقيع، معتبرًا أن اللاعب “لا يتماشى مع تكوين الفريق الحالي” رغم موافقة مجلس الإدارة المالية عليه.
قرار حاسم: تحويل الصلاحيات من ناظر إلى بنزيما
في أسرار لم يُعلن عنها رسميًا من قبل، أشار الصحفي عدنان جستنيه عبر حسابه على منصة “إكس” إلى أن المشكلة الحقيقية تكمن في تفويض كان موقعًا رسميًا من أعضاء مجلس الشركة لتمكين ناظر من إجراء مفاوضات رسمية مع المدربين واللاعبين. ولكن ما إن شرع ناظر في تنفيذ مهمته، حتى جاء قرار بإلغاء هذا التفويض وتحويله بشكل كامل إلى قائد الفريق كريم بنزيما، ما أدخل الأول في إحراج بالغ ودفعه إلى تقديم استقالته.
“عندما اضطر لؤي ناظر للتنحّي، كان السبب المباشر هو حرمانه من صلاحياته المُزمع تخويله إياها، وتحويل كل الصلاحيات إلى بنزيما بشكل مفاجئ”، كتب جستنيه.
هذا التصرف أثار استياءً واسعًا داخل الأوساط الرياضية والإدارية على حد سواء، إذ اعتُبر مؤشرًا لمدى تأثير بنزيما على صناعة القرارات الفنية والتعاقدية داخل نادي كبير بحجم الاتحاد السعودي.
كيف ردّ بنزيما على الاتهامات؟
حتى الآن، لم يصدر أي تصريح رسمي من بنزيما حول هذه الأنباء. يكتفي قائد الاتحاد بالحديث في الملعب، حيث يقود زملاءه لتحقيق النتائج، وترجمة قدراته الفردية إلى مكاسب جماعية. ولكنّ ظهوره المتكرر في اجتماعات التخطيط للموسم المقبل، والدور الواضح الذي يلعبه في اختيار الأسماء، يؤكد أن العلاقة بينه وبين إدارة النادي في عهد ما بعد ناظر أصبحت أكثر تكاملًا وارتباطًا بخارطة طريق موسمية معينة.
ماذا يعني رحيل ناظر لمنظومة الاتحاد؟
- حالة الاستقرار الفني: منح رحيل ناظر المجال للإدارة الحالية لتعزيز دور المدرب الفرنسي بلان وتوفير الدعم اللازم له، بعيدًا عن تدخلات مزدوجة في اتخاذ القرار.
- تكريس نفوذ اللاعبين الكبار: يؤكد هذا المشهد حجم التأثير الذي يتمتّع به نجم بحجم كريم بنزيما داخل غرفة ملابس الاتحاد، الأمر الذي قد يصبح قاعدة ثابتة في المستقبل القريب.
- إعادة ضبط التوازن الإداري: باتت المؤسسة الربحية تهيمن بشكل أكبر على الملف الرياضي، مع بقاء دور “المنظمة غير الربحية” في الإشراف العام والرؤية البعيدة المدى.
في طريق البحث عن الاستقرار… الأسابيع المقبلة حاسمة
مع اقتراب نهاية مايو 2025، تنتهي مدة ولاية لؤي مشعبي، الرئيس الحالي لمؤسسة الاتحاد، الذي تولى المنصب خلفًا لناظر. وحتى الآن، لم تعلن أي جهة رسمية عن ترشح مشعبي أو أي مرشح جديد للفترة القادمة. في الأثناء، يواصل بنزيما مهمته داخل المستطيل الأخضر، ساعيًا لتحقيق الألقاب وتأمين مقعد في دوري أبطال آسيا، بينما تجمع الإدارة أرقامًا ومفاوضاتٍ سريةً لاستقطاب اللاعبين المناسبين للموسم المقبل بناءً على رؤية واضحة من قائد الفريق نفسه.
الخلاصة
يبقى الاستفتاء الحقيقي على أداء الاتحاد في الميادين الرياضية، لا في “مكاتب الصفقات” وراء الكواليس. ولكنّ ما جرى مع لؤي ناظر يثبت أن في كرة القدم السعودية اليوم قوة تأثيرية ضخمة للاعبين الكبار، وتحديات حقيقية أمام الرؤساء الجدد الذين يبتغون الوصول إلى قمة منظومة النجاح دون زعزعة للاستقرار الإداري.
