البداية والتفاوض المبدئي
قبل أسابيع قليلة من اختتام سوق الانتقالات الشتوية، أعلن الإعلامي الرياضي هتان النجار عبر برنامج “برا 18” عن انطلاق مفاوضات جادة بين إدارة الاتحاد ووكيل أعمال ريان شرقي، جناح أولمبيك ليون الفرنسي. بحسب النجار، توصل الطرفان إلى اتفاق شفهي على جميع بنود العقد، بدءاً من الراتب السنوي وانتهاءً بشكل المكافآت المالية المتعلقة بعدد الأهداف والمساهمات الهجومية.
“العقد كان معدّاً للتوقيع، وجميع التفاصيل المالية والبنود التعاقدية حُسمت، لكن الصدمة جاءت من رامون بلانيس الذي أوقف الصفقة بشكل مفاجئ”
، حسبما أكد هتان النجار.
دوافع بلانيس لإلغاء الصفقة
أوضح النجار أن السبب الرئيسي وراء قرار المدير الرياضي هو مخاوفه من تأثير حضور لاعب بمكانة ريان شرقي على استقرار غرفة الملابس في المرحلة المقبلة. إذ رفض بلانيس منحه ضمانات بمركز أساسي في التشكيلة، خاصة وأن العقد كان سيُدرج ضمن سقف اللاعبين الأجانب تحت السن، ما قد يحدّ من دقائق مشاركته في بداية الموسم.
- غياب ضمانات اللعب الأساسي: بلانيس لم يرد أن يخلق بديلاً أمام نجوم الفريق الأساسيين قد يشتكِ لاحقاً من قلة المشاركة.
- حساسية اللاعبين الشباب: تجارب سابقة أثبتت أن اللاعبين الواعدين، عند جلوسهم طويلاً على مقاعد البدلاء، ينقلبون أحياناً ضد الإدارة والمدرب.
- المحافظة على الانسجام: الإدارة الإسبانية تؤمن بأن الانسجام النفسي بين أفراد الفريق هو المفتاح لتحقيق النتائج الاستثنائية في دوري روشن.
ولادة صفقة أوناي هيرنانديز
في الوقت الذي أُغلقت فيه باب ريان شرقي، فتح بلانيس محادثات مع الجناح الإسباني الشاب أوناي هيرنانديز القادم من برشلونة أتلتيك. حسم المدرب الرياضي قراره بعد التأكد من أن هيرنانديز لا يمانع دور دكة البدلاء مؤقتاً، بل يرى فيه فرصة للتطور والصعود تدريجياً إلى التشكيلة الأساسية.
- صغر سنه (22 عاماً) وتجربته مع الرديف الإسباني.
- مرونته التكتيكية: قادر على اللعب في الأجنحة وصناعة اللعب.
- الطموح والاحترام: أبدى استعداداً تاماً للقتال على دقائق المباراة دون ضجيج إعلامي.
وبهذا، أصبح هيرنانديز أول تدعيم اتحادي صيفي، بعد تتويج “العميد” بلقب دوري روشن السعودي موسم 2024–2025 بنتيجة 3–1 على الرائد، مقدِّماً وعداً بمزيد من الإبهار في الموسم المقبل.
قراءة تحليلية لقرار بلانيس

المخاطرة مقابل الاستقرار
اتجاه بلانيس لإلغاء صفقة ريان شرقي يمثل صورة واضحة لفلسفته التي تُعلي من قيمة الاستقرار على حساب المجازفة بجلب أسماء لامعة قد تترك بظلالها على الروح الجماعية.
مكاسب فنية واقتصادية
- أوناي هيرنانديز: صفقة منخفضة التكلفة نسبياً، مع إمكانية ارتفاع قيمة اللاعب سوقياً إذا نجح في إثبات نفسه.
- الميزانية: وفرت إدارة الاتحاد جزءاً من الموازنة لدعم مركز دفاعي أو متوسط ميدان في الصيف.
- العائد الجماهيري: الجماهير متلهفة لمتابعة “النسخة الإسبانية” الجديدة، وهو ما يفتح نوافذ رعايات إضافية.
ريان شرقي: بطل "الفرصة الضائعة"

لا يمكن تجاهل أرقام ريان شرقي في الموسم المنصرم مع أولمبيك ليون، إذ سجّل 12 هدفاً وصنع 19 في 43 مباراة رسمية، مسجلاً حضوره اللافت في الدوري الفرنسي. لكن احترافه في بيئة تنافسية عالية لم يكن كافياً لحسم قرارٍ يمنحه مفتاح اللعب الدائم مع فريق منافس على اللقب.
ما ينتظر الاتحاد في الصيف
مع ترقب الشارع الرياضي السعودي لأسواق الانتقالات الصيفية، سيُبقي الاتحاد على استراتيجية متوازنة بين الخبرة والشباب، بعيداً عن الصفقات الرنانة التي قد تُربك صفوف الفريق. ويبقى التحدي الأكبر هو تأكيد زخم الدوري في المنافسات الآسيوية ودوري أبطال العرب، مع الاستفادة من الدروس التي علّمتها صفقة ليون الفاشلة.
ختامًا… الحلم يبدأ من العقل
في النهاية، لم تكن واقعة فشل دخول ريان شرقي إلى كشوفات الاتحاد سوى فصلٍ مكمل في قصة النادي الأكثر جماهيرية في السعودية. وما بين ما سُمي آنذاك بـ"صفقة القرن" وولادة "المفاجأة الإسبانية"، تكمن الحكمة الإدارية في أن الحلم يبدأ من العقل قبل أي توقيع.