تفاصيل قرار رفض التذاكر المجانية
عادةً ما تحرص الأندية الكبيرة على تقدير موظفيها وأطقم العمل الفني والإداري عبر منحهم تذاكر مجانية لحضور المباريات النهائية المهمة، امتناناً لجهودهم المتواصلة طوال الموسم. لكن إدارة مانشستر يونايتد، بقيادة المالك الأقلية السير جيم راتكليف، أعلنت أنها ستُتيح مشاهدة المباراة للعاملين عبر شاشة عرض داخل مقرات النادي في أولد ترافورد، مع دعوة مفتوحة لأفراد أسرهم. كما حددت الإدارة منح مشروبين مجانيين فقط لكل موظفٍ رئيسي، بينما يتحمّل ضيوفهم تكلفة الشراء.
في المقابل، حرص نادي توتنهام على تقديم 15,000 تذكرة مجانية لموظفيه الذين يزيد عددهم على 700، وذلك دون مطالبات مالية أو اقتصادية، في خطوة اعتُبرت إشارة تضامنية وصورة إيجابية عن ثقافة النادي. وقد برّر السبيرز هذه المبادرة على الرغم من التكاليف الباهظة للسفر والإقامة في بلباو، مؤكّدين أنهم يرغبون في إشراك جميع العاملين في هذه اللحظة التاريخية.
خلفية حملة خفض التكاليف وتأثيرها على الطاقم
يأتي هذا القرار في سياق حملة تقليص النفقات التي يقودها السير جيم راتكليف منذ استثماره في النادي العام الماضي، والتي أسفرت حتى الآن عن فقدان نحو 450 موظفاً لوظائفهم بين إداريي الأكاديمية وفريق الدعم وقسمي التسويق والعلاقات العامة. ومع دخول النادي موسماً جديداً بلا مشاركات قارّية في دوري الأبطال أو حتى البورصات الأوروبية، ضاعفت الإدارة من إجراءات التقشف، شملت تقليص مكافآت اللاعبين وأقساط لجان تسويق المباريات، ما تسبب في موجة من الاحتجاجات الصامتة داخل مكاتب النادي.
وقد اعتبر موظفون حاليون وسابقون أن حجب تذاكر النهائي عنهم اعتداءً على حقهم في الاحتفال بإنجاز الفريق في البطولة التي تعزز فرص العودة للمسابقات الأوروبية الكبرى، خاصةً بعد احتلال يونايتد المركز الخامس في الدوري الإنجليزي الموسم الماضي. وعبر بعضهم عن استياءهم على منصّات التواصل الاجتماعي، مؤكّدين أن رواتبهم وامتيازاتهم لا تكفي لمواجهة تكاليف السفر والإقامة في إسبانيا، فما بالك بشراء تذاكر نهائي يُتوقّع أن تُباع بأسعار باهظة تفوق 200 جنيه إسترليني للمقعد الواحد.
جدل الشارع الكروي ورد الفعل الجماهيري
توافدت ردود الفعل على القرار بين متعاطفٍ مندّد بإقصاء الموظفين، وبين آخر يرى أن حق المشجعين في الحصول على التذاكر يأتي في المرتبة الأولى، خصوصاً أن شعارات “جماهير أولاً” ارتبطت دائماً بسمعة مانشستر يونايتد. ورغم ذلك، بدا واضحاً أن الإحباط الأكبر كان من عدم تقدير جهود أولئك الذين يعملون خلف الكواليس، من الفنيين والقائمين على الإعلام الداخلي والمصوريين وكادر الصيانة والتنظيف، والذين لطالما اعتُبروا العمود الفقري لاستمرارية العمل.
وفي حوار مع مراسل “موندو ديبورتيفو”، أكّد أحد موظفي النادي متحدثاً شريطة عدم ذكر اسمه:
“نحن أول من يصل إلى الملعب وآخر من يغادره، ولا تكلفنا إدارتنا سوى وجبتين خفيفتين وكرسيين مجانين لمشاهدة النهائي، بينما يستمتع آخرون في المدرجات. شعورٌ بالإحباط يغمرنا جميعاً”.
توتنهام يحتذى به… وسؤال عن المستقبل
على النقيض، حظيت مبادرة توتنهام بالإشادة داخل الأوساط الرياضية، بوصفها نموذجاً في الاحتفاء بالعاملين، مع تكليف إدارة السبيرز بمتابعة حجز الفنادق وتنظيم رحلات الطيران، وإصدار بطاقات دخول لكل موظف مع مرافق واحد بالمجان. وقد أكد متابعون أن هذه الخطوة تزيد من ارتباط الموظفين بالفريق وتعمّق ولاءهم، في وقت يخطط فيه السبيرز للاستفادة من التجربة لخلق جيل جديد من الموظفين يعايش لحظات مجد النادي.
بينما يترقب مانشستر يونايتد موقعة بلباو (الأربعاء المقبل)، تنتظر الجماهير والفريق تحقيق أول لقبٍ أوروبيٍ منذ دوري الأبطال عام 2023. لكن تبقى الصورة الدفاعية عن العاملين في النادي نقطة سوداء ضمن صفحة الإدارة الحالية، واستحقاقاً لأنصاف جهود الموظفين الذين ضحّوا بوقتهم ومجهودهم طوال الموسم، وتكدّسوا في أروقة أولد ترافورد دون أن يشاركوا لحظة الفرح المنتظرة في الشوارع الإسبانية.
خاتمة: دروس قائمة من بلباو
إن قرار مانشستر يونايتد برفض تقديم تذاكر نهائي الدوري الأوروبي مجاناً للموظفين، مقابل منحهما للسوبر هوتسبرس، يفتح نقاشاً مهماً حول مسؤولية الأندية تجاه كوادرها الداخلية. فعلى الرغم من أولوية الجماهير ودورها في تأمين مصادر العائدات، لا يجوز أن يُهمل أولئك الذين يسهرون على انتظام العمل اليومي وتحضير كل مباراة. وتبقى تجربة توتنهام مثالاً على أن الاحتفاء بالعنصر البشري يعود دوماً بالحد الأدنى من المنطق المعنوي والإدارك بأهميته، قبل أن يتحول الاحتفال بالمجد إلى ذكرى مؤلمة لمن باتوا خارج المدرجات.
