في جلسة سحورٍ رمضانيةٍ جمعت أكثر من عشرين من رموز نادي الاتحاد – بين رؤساء وإداريين ولاعبين سابقين – فاجأ رئيس النادي “المكلف” لؤي مشعبي الجميع بإعلانه الصادم: “لا أنوي الاستمرار في رئاسة الاتحاد الموسم المقبل”، رغم الإنجازات التي حققها طوال أشهر توليه المنصب. الكشف الذي نقله الإعلامي محمد البكيري عبر برنامج “رياضة سكوب” حمل في طياته قنبلةً كبيرةً قلبت موازين “قصر المشرف” وأوقفت زحف أنمار الحائلي المفترض لاعتلاء عرش الرياضة في جدة.
حصاد “المكلف”… الدوري قبل الآسيوية
استلم مشعبي رئاسة النادي صيف 2024 “بالتكليف”، بعد استقالة لؤي ناظر من المنصب إثر خلافاتٍ حول عقود الصيف وتعزيز الصفوف لموسم 2024–25. وبغضون أشهر قليلة استطاع “المكلف” أن يحقق مفاجأةً من العيار الثقيل: تتويج الاتحاد بلقب دوري روشن السعودي قبل جولتين من نهايته، تحت قيادة المدرب الفرنسي لوران بلان الذي دمج الأوربيين مع المواهب المحلية في انسجامٍ تكتيكي خالص. إضافةً إلى ذلك، بلغ الفريق نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين، وسط حماسٍ جماهيريٍ لم تشهده جدة منذ عقود، ليكتب مشعبي فصلاً جديداً من السجل الذهبي لعُمر “العميد” الذي يمتد إلى أكثر من قرن.
“أنا لا أريد تجديد العقد”… الإعتراف الصريح
لم يكتفِ مشعبي بإنجازاته الميدانية، بل حرص على التواصل المباشر مع أعضاء الشرف وعموم محبي النادي، حتى أنه قام بزياراتٍ خاصةٍ لبيوتٍ عدةٍ منهم لطلب الدعم المادي واستكمال المشاريع المالية الطموحة. لكنه – وفق البكيري – وفي سحوره مع الكبار أخبرهم بصراحةٍ:
“منذ أول يومين على تولّي المنصب قلت لمن كلّفني أنني لا أريد تجديد العقد!”.
وقال مشعبي إنه حاول بكل جهده توفير مواردٍ إضافيةٍ دون المساس بصندوق الاستثمارات الذي يعتمد عليه النادي، لكنه فوجئ بردة فعلٍ سلبيةٍ من غالبية أعضاء الشرف الذين اعتزلوا دعم النادي بعد إقالة ناظر. همّشوه، بحسب قوله، ولم يجد إلى جانبه سوى اثنين: رئيس الهلال الأسبق أنمار الحائلي الذي وعده بتقديم مساعدةٍ مؤقتةٍ، وأحد الأثرياء أحمد كعكي الذي وقف معه في أصعب المواقف.
“صدمة الأعضاء”… وجوهٌ بارزةٌ خارج المشهد
أشارت مصادر مقربة إلى أن عدداً من أعضاء الشرف الذين تواجدوا في السحور شعروا بالذهول من عدم رغبة مشعبي في البقاء، خاصةً أننا نتحدث عن رئيسٍ قاد الفريق للألقاب بعد سنواتٍ من الانتظار. وقال أحدهم لـ”ماركا العرب”:
“كنا نعتقد أنه سيبقى لنكمل مسيرته الرائعة… لكنّه بدا متعباً من معترك الدعم المادي والضغوط الإدارية”.
مهرُ الرئاسة… “20 مليوناً” ليست كافيةً!
وجه البكيري رسالةً واضحة لكل طامحٍ جديدٍ بالمنصب قائلاً:
“إذا أردت أن تجلس على كرسي رئاسة الاتحاد، عليك دفع مهر لا يقل عن 20 أو 30 مليون ريال سعودي سنوياً، لا يكفي 2 أو 3 ملايين!”.
كشفه لضخامة المبلغ اللازم يؤكد مدى التحديات المالية التي يواجهها النادي، بين إنفاقٍ على صفقات مثل كريم بنزيما وجود بيلينجهام، وبين مشاريع البنية التحتية وتطوير الفئات السنية التي يطلقها مشعبي.
صراع الأجنحة… أليجري أم خليفة داخليّ؟
وسط ترقب أنصار الاتحاد، يفتح مصير مشعبي الباب أمام سيناريوهات عدة:
- عودة أنمار الحائلي: الذي يمتلك ثقلَه الإداري وتاريخه الذهبي مع “العميد”، لكنه يحتاج لتأييدٍ شعبيٍ وماديٍ أكبر بعد سنواتٍ خارج الساحة الفعلية.
- مرشحون جدد: أسماء تكنوقراطية أو استثمارية قد تُطرح بخبراتٍ تسويقية ورياضية متوازنة.
- المدرب الإيطالي أليجري: هل سيكون لشرطٍ على الرئيس المقبل رغبته في استقطاب مدربٍ عالميٍ من طرازٍ أليجري لتحقيق “الثلاثيات” القارية؟
ختامٌ غير متوقع
بينما يترقب الجميع حفل “يوم الوفاء” الذي ينظمه الأهلي بعد نهائي الكأس لتكريم رؤساء النادي السابقين، يبقى الاتحاد أيضاً في عزلةٍ مؤقتةٍ عن كرسي الرئاسة، مع رئيسٍ “مكلفٍ” أكد أنه لا يريد حمل الأمانة أكثر من ذلك. ومع اقتراب موسم 2025–26، ستبدأ حقبةٌ جديدةٌ لا تخلو من الصخب الاقتصادي والإداري، وسط آمالٍ بأن يضمن من يخلف مشعبي الاستقرار المادي والفني، حتى لا تتكرر مفاجأة “الصمت” التي هزّت أركان جدة في سحورٍ رمضانيٍّ لا يُنسى.
