جوارسيا.. الحل المنتظر لمشكلة الحراسة
في ظل التساؤلات المستمرة حول مصير مركز حراسة المرمى في نادي برشلونة، يبدو أن الجفاف الذي عانى منه الفريق في التعاقد مع حارس جديد على وشك أن ينتهي بعد أن حُسمت تفاصيل الصفقة تقريباً مع جوان جارسيا، حامي عرين إسبانيول. استندت الأخبار الواردة من الصحفي المعروف فابريزيو رومانو إلى مؤشرات قوية تؤكد أن المفاوضات دخلت مراحلها النهائية، وأن إدارة النادي الكتالوني على استعداد لدفع الشرط الجزائي المقدر بـ25 مليون يورو لضم الحارس المميز، الذي أثبت جدارته وفرادة مستواه خلال الموسم الماضي في الدوري الإسباني.
أزمة الحراسة تدفع الإدارة للمبادرة
على مدار الأسابيع الماضية تصاعدت المطالبات داخل أروقة نادي برشلونة وخارجه بضرورة الاستعداد بشكل مبكر لميركاتو الصيفي، لا سيما بعد التقارير التي أشارت إلى احتمال رحيل مارك أندريه تير شتيجن، الحارس الأساسي للفريق لعدة سنوات، دون التوصل لاتفاق نهائي حول تجديد عقده. وفي الوقت نفسه ظهرت عقبات في تمديد عقد البديل المحتمل فويتشيك شتشيسني الأمر الذي دفع القرارين الإداري والفني إلى التوجه نحو البحث عن خيارات جديدة، وكان اسم جوان جارسيا أولى الخيارات التي حظيت بدعم فني وإداري منذ اللحظات الأولى لفتح أبواب سوق الانتقالات.
الحراسة أساس المنظومة الدفاعية
النادي الكتالوني يدرك جيداً أن التعاقد المبكر مع حارس مرمى شاب ومؤهل يمكن أن يمثل قاعدة انطلاقة جديدة لثورة فنية في غرفة تبديل الملابس. فوجهة النظر الفنية تقول إن المنظومة الدفاعية تبدأ من الداخل وليس من الخطوط الخلفية فحسب، بل أيضاً من رد فعل حارس المرمى في اللحظات المصيرية التي تُحسم فيها المباريات الكبرى. ويمكن القول إن جارسيا يتمتع بقدراتٍ تجعله الأنسب لانتقال خط الوسط إلى الدفاع بفاعلية، فقد احتل المركز الأول بين حراس الدوري الإسباني من حيث عدد التصديات التي بلغت 146 تصدياً خلال الموسم، إضافةً إلى كسب قيمة أهداف متوقعة تجاوزت 8.5 أهداف من أبسط الفرص المحققة لصالح الخصوم، وذلك وفقاً لإحصائيات شبكة أوبتا الشهيرة.
رغبة واضحة ورفض لعروض دولية
في الأسابيع الأخيرة كشفت المصادر المقربة من لجنة التعاقدات في برشلونة عن حرص المدير الرياضي ديكو وجميع المسؤولين على إنهاء الصفقة في أقرب وقت ممكن، إذ سعى النادي إلى حل معادلة الضرب بين الشروط الشخصية ومغريات اللاعب من جهة ودفع الشرط الجزائي من جهة أخرى. ويبدو أن جوان جارسيا أبدى رغبة واضحة في خوض تجربة جديدة مع برشلونة، بعدما رفض عدة عروض دولية، أبرزها عرضٌ مهم من أحد أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، ما عزز ثقة مسؤولي النادي بأن الصفقة أصبحت في عهدة الإتمام إلا من الإجراءات الروتينية.
أسلوب لعب حديث ومناسب للرؤية المستقبلية
هناك أكثر من عامل أساسي يؤكد أن المدافع الجديد لحراسة المرمى سيكون إضافة قوية لصفوف برشلونة. أولاً، يمتلك جارسيا أسلوب لعبٍ يتوافق مع الطريقة التي يفضلها المدرب الشاب الذي توالى قيادته للفريق بداية من الموسم المقبل. فهو حارس طموح لا يهاب الاندفاع والاندماج في اللعب بطريقة تشبه أنماط الحراسة العصرية، حيث يلعب بقدميه فعلياً وينسجم جيداً مع الضغط المبكر على مهاجمي الخصوم. وثانياً، تكمن أهمية إتمام الصفقة في كون النادي الكتالوني يهدف إلى بناء فريقٍ مستقبليٍّ لا يعتمد فقط على النجوم الكبيرة بل يدمج أيضاً ثقة الصحافة العالمية ومنظومة التطوير في الضغط على منافسيه في المسابقات القارية والمحلية.
مقارنات بين الحارسين الحاليين وجارسيا
من ناحية أخرى، خضع النادي الكتالوني لتحليلات كثيرة فيما يتعلق بإمكانية استمرار تير شتيجن أو بقاء شتشيسني. ومع أن الثنائي يتمتع بخبرةٍ عالية وسمعةٍ طيبة بين جماهير برشلونة، إلا أن العقد الحالي لطالما كان محل اشتباهٍ بالتمديد، في ظل رغبة الإدارة في خفض سقف الرواتب والتخلص من الالتزامات الضخمة التي أثقلت كاهل النادي خلال السنوات الماضية. أما بالنسبة للشاب البولندي فويتشيك شتشيسني فقد استُثني من خطة العمل لأن مستقبله يبدو أكثر ملاءمةً لطموحاته الشخصية التي تتمحور حول اللعب الدائم والاستقرار المالي، وهو ما جعل إدارة برشلونة تبحث عن حارس شاب يبقى لموسمٍ طويلٍ ويمنح فرصةً لاستعادة التوازن المالي في النادي واستثمار السنوات المقبلة في دمج جيلٍ جديد.
جارسيا: حراسة محلية تعكس قيم "البلوجرانا"
على صعيد آخر يتفق محللو كرة القدم الإسبانية على أن جوان جارسيا يمتلك كاريزما متعاطفة مع قيم “البلوجرانا” ومحبة جماهير الكامب نو، وهو ما ظهر جلياً عندما خرج إلى الشاشات في مناسباتٍ عدة في الموسم الماضي لتأكيد ولائه للنادي الحالي إسبانيول، حيث صرح بأن قلبه يدق بإيقاعٍ حنون لكل من يرتدي القميصين الأزرقين. ويرى بعض التقديرين الرياضيين أن ضمه سيكون بمثابة رسالةٍ قوية عن قدمٍ ثابتةٍ في سياسة التوقيع مع لاعبين محليين يملكون التماسك الكروي والخبرة الكافية في الملاعب الإسبانية قبل الانتقال إلى اللعب الدولي.
صفقة تخدم المشروع الفني الطويل
هنا يختلف مدرب برشلونة القادم عن نظيره في إسبانيول في طريقة الاعتماد على حارس المرمى؛ ففي حين يحبذ الأخير دعم رفوف أكاديمية النادي باستخدام خريجيها، يؤمن النادي الكتالوني بأن دمج حارسٍ موهوبٍ يعرف تفاصيل الكالتشيو الإسباني قد يكون الخيار الأصح لضمان التنافس على الألقاب الكبرى.
الإجراءات النهائية.. والعقد حتى 2031
يُتوقع أن يتم توقيع العقد في غضون أيام قليلة عقب دفع الشرط الجزائي وانتظار الإعلان الرسمي الذي سيتضمن مدة العقد وشروط الراتب والإضافات الأخرى. ووفقاً للتسريبات الواردة من داخل الإدارة، فإن برشلونة سيعرض على جوان جارسيا عقداً حتى عام 2031، وهو ما يُعد امتيازاً نادراً في صفقةٍ للفئة العمرية التي يتواجد فيها اللاعب. هذا العرض يأتي متزامناً مع نمطٍ عام في السنوات الأخيرة اعتمده النادي الكتالوني تجاه المواهب الشابة المميزة، إذ سبق أن حصل لامين يامال ورونالد أراوخو على عقودٍ طويلة المدى عند توقيعهم، مما يؤكد أن الأطر الإدارية في كامب نو ترى في جارسيا مشروعاً مستقبلياً بعيد الأجل.
إسبانيول يستفيد.. وبرشلونة يربح مستقبله
في حال تمت الصفقة رسمياً ستكون إسبانيول قد حققت مكسباً مادياً مهماً من بيع حارس مرماها، وسيكون بمقدورها البحث عن بديلٍ آخر في سوق الانتقالات إما داخلياً أو عبر ضم حارس شاب آخر من أي أكاديمية أوروبية. أما برشلونة فسيمنح دفعةً أيجابية للفريق، إذ يضيف حارسه الجديد خبرةً محليةً واسعة وتجربةً مثبتة في الدوري الإسباني الموسم الماضي، إضافةً إلى إمكاناته البدنية والفنية التي تجعل أمامه فرصةً جيدة للمنافسة على مركز حارس المرمى الأساسي على حساب الحارسين الحاليين أو شتشيسني.
التوقيت هو المفتاح
في النهاية يبقى التوقيت مهمّاً لنجاح برشلونة في تحقيق هدفه المبكر قبل مفاوضات الصيف؛ حيث يحتاج الفريق إلى الاستقرار منذ بداية مبارياته في تصفيات دوري أبطال أوروبا والمنافسة على لقب الدوري المحلي. ومع اقتراب الإعلان النهائي عن الصفقة، تزداد الثقة لدى مشجعي برشلونة بأن الإدارة الحالية تسير في الاتجاه الصحيح لتجديد دماء الفريق وضمان منصات التتويج خلال الموسم الجديد. وفي حال سارت الأمور وفق ما خطط له المدرب الجديد ولجنة التعاقدات، فإن تدعيم مركز حراسة المرمى بجوان جارسيا سيكون الخطوة الأولى في إطار الخطة المفصلة لبناء فريقٍ قادرٍ على العودة سريعاً إلى المنافسة الحقيقية على مستوى القارة الأوروبية والمحلية معاً.
