أراوخو يواجه جماهير برشلونة بحائط الدفاع الرقمي

تداعيات الخروج الأوروبي

لم تمر ساعات قليلة على خسارة برشلونة الثقيلة أمام إنتر ميلان (4-3) في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، حتى وجد المدافع الأوروغوياني رونالد أراوخو نفسه هدفًا لانتقاداتٍ لاذعة من قِبل شريحةٍ من جماهير النادي الكتالوني. تلك الأصوات الغاضبة دفعت المدافع المخضرم لإغلاق خاصية التعليقات على حسابه الرسميّ في “إنستجرام”، محاولةً لإبعاد موجة الإهانات التي اجتاحت منصاته، وحماية نفسه من السيل العاتٍ من الشتائم والتهميطات.

دور أراوخو في الأهداف الحاسمة

سقط برشلونة بنتيجة إجمالية 7-6 بعد التعادل ذهابًا (3-3) على ملعب “جوسيبي مياتزا”، ليطيح حلم الوصول إلى نهائي ميونيخ. ورغم أن الخسارة كانت جماعية وسقط فيها الفريق بأكمله أمام إصرار لاعبي إنتر على قلب الطاولة، إلا أن أراوخو تحمّل نصيب الأسد من اللوم عقب الأهداف الثلاثة التي تلقاها “البلوغرانا” خلال اللقاء الإضافي.

اختيار الحماية الرقمية

دخل أراوخو بديلاً لإينيغو مارتينيز في الدقيقة 76، وسط أملٍ في الحفاظ على التوازن الدفاعي. لكن سرعان ما ارتبك التغطية عند أول تسديدةٍ حاسمة، إذ اخترق فرانشيسكو أتشيربي منطقة الجزاء دون مراقبة كافية، قبل أن يمرر عرضيةً متقنة إلى دنزل دومفريس ليسجل هدف التعادل في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع. ومع انطلاق الشوطين الإضافيين، تكرر المشهد ذاته على يد دافيدي فراتيسي، الذي نجح في وضع كرته داخل الشباك رغم رقابةٍ جماعية، مانحًا أصحاب الأرض الانتصار الذي أطاح بآمال “البلوغرانا” في مصيرٍ وحيد بموسمٍ استنزف فيه الفريق الكثير من الجهد والروح.

من قائد دفاعي إلى بطل مفاجئٍ لنقاشٍ حاد

في أعقاب تلك الأخطاء المتتالية، تصاعدت موجة الغضب على وسائل التواصل، فبدأ بعض المشجعين يتهمون أراوخو بعدم الجدية والتهاون تحت الضغط، على الرغم من تاريخٍ حافلٍ بالإنجازات الدفاعية خلال المواسم الماضية. رد الفعل الأول الذي اتخذه المدافع الأوروغوياني كان تقنيًا بحتًا: إغلاق التعليقات على “إنستجرام”، في محاولة منه لوقف تدفق الشتائم المباشرة، وتجنّب أي تفاقمٍ يؤثر على حالته النفسية قبل مواجهة “الكلاسيكو” المنتظرة.

عقد طويل وبند رحيلٍ مبكر

يُعتبر أراوخو أحد العمداء في خط دفاع برشلونة منذ انضمامه قادمًا من صفوف أتلتيكو مينيرو في صيف 2020. ساهم بشكل كبير في استعادة القوة الدفاعية للفريق بعد فترةٍ من الهشاشة، وكان من أبرز الأعمدة التي اعتمد عليها رونالد كومان ثم تشافي قبل مجيء هانسي فليك. إلا أن تراجع المواقع في الترتيب الدفاعي مؤخراً جعل منه هدفًا سهلاً للانتقادات عند أول زلّة.

تقلبات قبل الكلاسيكو

على الرغم من التوقعات التي ربطت أراوخو بالرحيل في يناير الماضي، نجح نادي برشلونة في إقناعه بتمديد عقده حتى صيف 2031. ويتضمن هذا العقد بندًا خاصًا يسمح له بالرحيل مقابل 65 مليون يورو خلال الأيام العشرة الأولى من فترة الانتقالات الصيفية، وهو ما أثار تكهنات بارتباط اسمه بأندية كبرى مثل بايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد. هذه الصيغة القانونية توفر له فرصة للانتقال إذا ما قرر النادي الكتالوني التخلي عنه، أو إذا وجد نفسه بعيدًا عن حسابات المدرب في المباريات المقبلة.

دفعة معنوية وإعادة تقييم

ترتيب أولويات هانسي فليك بات واضحًا: استعادة التوازن الذهني للفريق قبل القمة الإسبانية أمام ريال مدريد يوم الأحد 11 مايو. ومع غياب الثقة المفرطة التي تسيطر على بعض الخيارات الدفاعية، من المرجح أن يفضّل المدرب الدفع بإينيغو مارتينيز كخيارٍ أول في قلب الدفاع، مع إبقاء أراوخو على مقاعد البدلاء كخيارٍ احتياطيٍّ جاهزٍ للانضمام إلى أجواء المباراة في الشوط الثاني إذا تطلب الأمر.

إرث أراوخو مستمر رغم العواصف

من المتوقع أن يخضع أراوخو لجلسات دعم نفسي وتقني مع الطاقم المعاون داخل النادي، من أجل معالجة آثار الضغط الجماهيري وتعزيز قدرته على التعافي سريعًا. كما سيخوض اللاعب فترة إعداد خاصة بمراقبة اللقطات التحليلية لأخطائه الأخيرة وسبل تفاديها، بالتعاون مع الجهاز الفني لفهم تفاصيل التمركز والدخول في التدخلات.

ختاماً

في نهاية المطاف، يظل رونالد أراوخو واحدًا من أفضل المدافعين الذين مرّوا على “كامب نو” في السنوات القليلة الماضية. رغم الزلّات التي شهدتها مباراة إنتر، يُعوّل عليه أن يقدم أفضل ما لديه في المواعيد الكبرى، وأن يستعيد مستواه سريعًا في التحديات القادمة. كذلك، لا يُمكن إنكار أنه واجه في صغره تحدياتٍ شخصية وصحية لم تنل من عزيمته، وهو ما يجعل قدرته على التعافي سريعًا واحدة من أهم السمات التي تتميز مسيرته الاحترافية. ومع تبقي سبع جولاتٍ في الدوري وموعدٍ حاسمٍ مع الغريم الأزلي، ستكون رحلة أراوخو الدفاعية أمام ريال مدريد فرصةً جديدةً لإثبات أنه أكثر من مجرد هدفٍ للجماهير الغاضبة، بل حجر أساسٍ في مشروع إعادة بناء القوة الدفاعية لـبرشلونة.