في أجواء حبس الأنفاس التي أعقبت نهائي كأس ملك إسبانيا، تلقى مدافع ريال مدريد أنطونيو روديجر صدمة جديدة من الاتحاد الإسباني لكرة القدم، عندما رفضت لجنة الاستئناف طلب النادي وتَثَبَّتت عقوبة الإيقاف لمدة ست مباريات التي كانت مفروضة عليه إثر اعتدائه على حكم النهائي ضد برشلونة. فما هي تفاصيل الحادثة التي حولت فرحة الجماهير إلى جحيم، وكيف واجه روديجر تداعيات قراره المفاجئ؟
الكلاسيكو الذي لا يُنسى يتحول إلى دراما مؤسفة
أقيم نهائي كأس الملك بين ريال مدريد وبرشلونة على ملعب “كارتاخينا” في أجواء مشحونة بالتوقعات، خاصة بعد التعادلات والنتائج المتقاربة طوال الموسم. وبعد شوطين إضافيين، حسم برشلونة اللقب بفوزه 3-2، لكن ما طغى على الحدث لم يكن أهداف ليو ميسي أو غريمه كريم بنزيما، بل كان تصرفات روديجر بعد صافرة النهاية.
وفق تقرير الحكم ريكاردو دي بورجوس، أشير إلى أن المدافع الألماني اندفع نحوه مباشرة بعد احتسابه خطأ على كيليان مبابي في اللحظات الأخيرة من الوقت الإضافي، ثم قام برمي جسمٍ صغيرٍ من منطقة بدلاء ريال مدريد نحوه دون إصابته، قبل أن يُشهر الحكَم البطاقة الحمراء في وجه روديجر وسط محاولات من الجهاز الفني للفريق الأبيض لامتصاص غضبه ومنعه من الاقتراب.
العقوبة الأشد في التاريخ الحديث لريال مدريد
بناءً على المادة 101 من لائحة الانضباط بالاتحاد الإسباني، التي تعاقب على “السلوك العنيف الخفيف تجاه الحكام” بإيقاف من 4 إلى 12 مباراة، فرض القاضي التأديبي الوحيد عقوبة ست مباريات على المدافع المخضرم (32 عامًا) في 29 أبريل الماضي. جاء ذلك بعد جلسة استماع سريعة، غاب عنها أي تمثيل عن روديجر نفسه، وكان قرار الإيقاف بأنه “ضروري للحفاظ على هيبة التحكيم وسلامة المباريات”.
ومن بين المباريات التي سيغيب عنها:
1. مباراتا ريال مدريد أمام ريال سوسيداد وأتلتيكو بلباو في الجولتين الأخيرتين من الدوري.
2. أربع مباريات محتملة في كأس السوبر الأوروبي ودوري أبطال أوروبا، إذا تأهل الأبيض.
هذه العقوبة تُعدّ الأقسى بين لاعبي ريال مدريد في السنوات الأخيرة، وتعكس تشدّد الاتحاد الإسباني في التصدي لأي تعدٍ على حكَّامه.
محاولات الاستئناف والاعتذار الرسمي
لم يكتفِ ريال مدريد بقرار الإيقاف، فقد تقدّم باستئنافٍ عاجل لدحض الاتهامات أو على الأقل تخفيف مدة الإيقاف إلى ثلاث مباريات، مستندًا إلى عدة عوامل:
• اعتذار روديجر العلني عبر حسابه الرسمي في “تويتر” (إكس اليوم)، حيث كتب:
“أعتذر بشدة للحكم ولجماهير ريال مدريد على تصرفاتي غير اللائقة. لن أكرر ذلك أبداً.”
• سجل اللاعب النظيف أمام الحكام خلال خمس سنوات قضاها في “سانتياغو برنابيو” دون أي طردٍ سابق.
• حالة الاحتقان النفسي بعد خسارة النهائي والإرهاق الذي يعانيه الفريق في ضغط المباريات المتواصل.
غير أن لجنة الاستئناف تمسّكت بتقرير الحكم ورفضت الاعتذار كعامل مخفف، معتبرة أن “التعدي الجسدي، ولو من دون إصابة، يهدد هيبة التحكيم ويجب تطبيق أقصى العقوبات لحماية نزاهة المنافسة”.
الصدمة الكبرى بعد مرور نصف العقوبة
بلغ روديجر وعدد من أنصار النادي الأبيض ذروة الأمل حين جرى احتساب أربع مباريات ماضية ضمن فترة العقوبة، وفي حال قبول الاستئناف كان يبقى إيقافه لمباراتين فقط. لكن رفْض الاستئناف اليوم شكّل صدمةً موجعةً للاعب ولجهازه الفني، خصوصًا وأنه خضع مؤخرًا لعملية جراحية لعلاج تمزّق جزئي في غضروف الركبة اليسرى، ما يعني أن عودته الفعلية إلى الملاعب قد تتأجل لما بعد نهاية الدوري وكأس العالم للأندية.
تداعيات ما بعد الإيقاف: عودة متأخرة وخسارة البديل
بهذه المستجدات، لن يتمكّن روديجر من المشاركة مع الريال قبل موسم 2025-2026، وسيجد المدرب نفسه أمام خيارين:
1. تجربة إيمرسون الملكي أو دفع الشاب ميغيل غوتييريز إلى المنتصف الدفاعي.
2. الاعتماد على ديفيد ألابا أو إعادة رودريغو غوريس للتحول إلى قلب دفاع في بعض المباريات.
هذا الانقطاع الطويل سيُحدّ من فرص دفاع حامل لقب دوري أبطال أوروبا في الاستقرار قبل الاستحقاقات القارية المقبلة، ويسلّط الضوء على أهمية ضبط الأعصاب حتى في أصعب اللحظات.
أصداء في الإعلام والجماهير: سيد “الأخطاء الفادحة”
على صفحات وسائل التواصل، ساد شعور بأن روديجر فقد توازنه بدنيًا ونفسيًا في آخر مباراة له بقميص ريال مدريد هذا الموسم، وغلبه الإحباط بدل الاحترافية المعهودة. وراحت الصحف الإسبانية مثل “ماركا” و“أو أس” تتداول عناوينٍ صارخةٍ:
• “نهائي ذهب ضاع بالبطاقة الحمراء”!
• “روديجر يُنهي موسم 2024-2025 قبل آوانه”
• “هل يتحمل ريال مدريد غياب قلب دفاعه الأيمن طويلًا؟”
في المقابل، أبدت جماهير “الألبا روخا” تضامنًا محدودًا مع المدافع الألماني، معتبرين أن الضغط على أفضل الفرق في العالم أحيانًا يصل إلى حدودٍ تدفع اللاعبين إلى قرارات خاطئة.
نهاية مفتوحة… أسئلة قيد الانتظار
مع اقتراب الخط الختامي لموسم 2024-2025، يواجه ريال مدريد العديد من التساؤلات:
• هل سينجح المدرب في تعويض غياب روديجر قبل انطلاق الاستعداد للموسم الجديد؟
• كيف سيؤثر هذا الانقطاع على علاقة المدافع بالحكام في المستقبل؟
• وهل يشكل رفض الاستئناف رسالة واضحة من الاتحاد الإسباني لردع أي تعدٍ جديد على صانعي القرارات؟
في نهاية المطاف، يظل الصمت الملكي وعتاب جماهير مدريد للصاروخ الألماني عنوانًا لفصلٍ دراميٍ قاسٍ في حياة أحد أبرز المدافعين في العصر الحديث، ويبرهن أن حتى الأبطال ينهارون أحيانًا تحت وطأة ضغط اللحظات الحاسمة.
