
في حديثٍ صادمٍ لأحد ألمع أساطير الكرة الفرنسية، ألقى إيمانويل بوتي قنابل نقدية فوق أسوار العاصمة الفرنسية، منتقدًا “الترف الفج” الذي كان يحيط بباريس سان جيرمان في عهد كيليان مبابي ونيمار وليونيل ميسي، ومشيدًا بالتغييرات التي أجرَاهَا لويس إنريكي منذ صيف 2023. “غطرستهم أثارت اشمئزازي”، هكذا بَخَرَ “البوما” في مقابلته مع صحيفة “ماركا” الإسبانية، مضيفًا أن المرحلة الحالية أفضل بكثير ممّا سبق، وأن الفريق صار يمتلك عقلية العمل الجماعي بدلًا من مسرحية استعراض النجوم.
استعراضٌ باهظ الثمن يذهب سدىً
لا ينسى بوتي، بطل كأس العالم 1998، كيف كان يُعتبر باريس سان جيرمان “بورجوازيًا” في مفهومي كرة القدم والمال. يقول إن الفريق كان يلتهم الميزانيات دون حساب، ثم يفاقم استعراض أسماءٍ ضخمةٍ على القميص دون تحقيق حلم دوري الأبطال. فقد دفع النادي مبالغ خيالية لجلب نيمار من برشلونة 222 مليون يورو، ثم ضمَّ مبابي بعقدٍ فلكيٍّ، قبل أن يُخرِج ميسي من برشلونة بعد سبعة ألقابٍ عالمية!
“على أرض الملعب كان الأداء مجرد لوحةٍ مرسومةٍ على موضوعٍ متين، لكن خلف الكواليس كان التواصل ضعيفًا، وسيطرة النجوم على الفضاء الإعلامي أثّرت سلبًا على كيمياء المجموعة.”
وبرّر بوتي هذا الرأي بمقارنةٍ بين إيقاع الحياة داخل غرف تبديل الملابس آنذاك واليوم، معتبرًا أن كبرياء النجوم الكبار كان يخلق انقساماتٍ وشكوكًا داخل غرفة خلع الملابس.
إنريكي يبث روح الجماعة

شهدت الأندية الكبرى في أوروبا تحوّلاتٍ بعد عودة إنريكي إلى الدوري الفرنسي صيف 2023. فمنذ تولّيه المهمة خلفًا لجورجي ملو، لم يبرم تعاقدًا ضخمًا سوى ضمّ لاعبينَ شبانٍ وممنوحين بعدم التباهي الإعلامي.
“في الأشهر الأخيرة وحدها، تغيّرت الأجواء تمامًا. صار الفريق يعمل بروحٍ واحدةٍ، واللاعبون الكبار يُساهِمون بدل أن يسيطروا.”
ويلفت بوتي إلى أن إقصاء باريس من دوري أبطال أوروبا في مراحلٍ متقدمةٍ لعدة مواسمٍ كان درسًا قاسيًا دفع الإدارة لإعادة التفكير في فلسفة التعاقدات، والابتعاد عن “شراء الأسماء” والتركيز على بناء فريقٍ متجانسٍ قادرٍ على مواصلة المنافسة حتى النهاية.
حقائقٌ لا تقبل الجدل
• اللقب المحلي: حسم باريس سان جيرمان لقب الدوري الفرنسي مبكرًا هذا العام (أوائل أبريل)، مسجّلًا انتصارًا هشًا وسط تقلباتٍ فنيةٍ.
• الفرصة الثلاثية: لا يزال بإمكان سان جيرمان الظفر بثلاثية البطولات (الدوري، كأس فرنسا، دوري الأبطال) في موسمٍ واحدٍ لأول مرة.
• وداع مبابي: رحيل النجم الفرنسي إلى ريال مدريد صيف 2024 شكّل نقطة تحوّل؛ فبات الفريق خاليًا من النظرة الاحتكارية التي كان يتحكم بها “القوة الأولى” في كرة القدم الفرنسية.
وتعليقًا على رحيل مبابي، يرى بوتي أنه “بعد أن غادر أكبر نجومهم، اجتاح الغُبار قاعات التدريبات، لكن ذلك أجبرهم أيضًا على إعادة بناء ثقافةٍ جديدةٍ تعتمد على العقل الجماعي لا الفردنة”.
الاستعداد للمواسم المقبلة

يمثّل نهائي كأس فرنسا أمام ستاد ريمس، والذي يأتي قبل أسبوعٍ من المباراة الفاصلة على لقب دوري أبطال أوروبا ضد إنتر ميلان في ميونيخ، اختبارًا حقيقيًا لمدى صلابة المشروع الجديد. ويؤكد بوتي أن جميع الأنظار ستتجه نحو ملعب دو فرانس، حيث سيُختبر إيمان اللاعبين باستراتيجية إنريكي الجماعية، ومدى قدرتهم على الصمود أمام الضغوط والتحديات التكتيكية.
خاتمةٌ تنبئ بعهدٍ جديدٍ
يرسم بوتي معالم التحول “الثوري” في باريس سان جيرمان، من فريقٍ “يتباهى بأسماءٍ فلكية” إلى مشروعٍ يركّز على التوازن بين لاعبي الخبرة والشباب. ويبدو أن كلمات “الكبرياء المفرط” لطالما ربطت بأوقات مبابي وميسي ونيمار ستؤرّخ للفصل المُظلم في تاريخ باريس، فيما تُعدُّ المرحلة الراهنة، بقيادة لويس إنريكي، الأمل المشرق في سعيٍ حثيثٍ إلى تحقيق الإنجاز الأوروبي المنشود أخيرًا.