طفل تشبّع عطشًا يستنهض بطل الهلال ويُسقِيه ماء الحياة في لحظة تُرّحم القلوب!

وسط أجواء التوتر والصخب التي غلفت مباريات الهلال في دوري روشن السعودي، برزت لحظة إنسانية قلّما تُرى في ملاعب كرة القدم؛ حين استجاب المهاجم عبدالله الحمدان، الأكثر انتقادًا بهذا الموسم، لاستغاثة طفلٍ رمى بأنين عطشه خالصًا صوب المدرجات، فأمسك بزجاجة المياه بنفسه وتقدم ليُطفئ ظمأه أمام أعين الجماهير والعدسات. تلك اللقطة التي انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل اليوم، كشفت عن روحٍ ساميةٍ تتجاوز حدود الأداء الفني وتؤكّد احترام نجم الأزرق لجمهوره قبل أن يكون لاعبًا.

كيف توثّق المشهد المذهل؟

في الدقيقة 57 من مواجهة الهلال الأخيرة أمام القادسية على ملعب استاد الملك عبد الله “الملز آرينا”، ظهر الحمدان على مقربة من صندوق تبريد المياه، حيث لاحظ صرخات طفلٍ صغيرٍ من المدرج العلوي يناديه:

“والله بطل، يسعدك الماء لو سمحت!”

لم يتردد المهاجم صاحب الـ25 عامًا، فاقترب من زجاجةٍ ورفعها بحنان ثم نهض متقدّمًا نحو المدرجات، حاملاً إياها بيديه أمام دهشة زملائه وابتسامات المشجعين المحررة منها أي تصنّع.

تداعيات اللحظة على مواقع التواصل

لم تمر سوى دقائق حتى اجتاحت مقاطع الفيديو مواقع التواصل، وتصدّر هاشتاج #ولله_بطل الترند السعودي.

• صرّح مغردٌ: “هذا الفعل البسيط أراح قلوبنا أكثر من أي هدف سجله في الملعب!”
• كتب آخر: “ما حكى مدح… الفعل أبلغ من الأقوال، الحمدان رفع رأس الهلال”.

وتوالت التعليقات التي أشادت بروح اللاعب واعتبرته “سفير الكرم السعودي” داخل الملاعب، فيما تداولت الحسابات الرياضية الواقعة كدليل على أن كرة القدم لا تُقاس بالأرقام فقط.

أداء فني مقابل لحظات إنسانية

لم يكن موسم الحمدان مع الهلال خاليًا من الانتقادات، فقد خاض 29 مباراة هذا العام، أحرز خلالها خمسة أهداف وصنع ستة أخرى، ما يُعدّ إسهامًا متوسطًا إذا ما قورن مع سقف التوقعات عليه منذ انتقاله صيف 2021 من الشباب. ورغم ذلك، تفوّق في تسجيل اللحظات الإنسانية التي رسخت محبته في نفوس الجماهير أكثر من أي رقمٍ يسطّره في نشرات الإحصائيات.

• المباريات: 29
• الأهداف: 5
• التمريرات الحاسمة: 6
• متوسط دقائق المشاركة: 68

لكن ما لا تُظهره هذه الأرقام هو حجم الثقة والدفء التي وهبها الطفل ورفاقه له في المدرجات، في تذكيرٍ بأن الإنسانية قبل الرياضة.

أرشيف المبادرات الخيّرة في الملاعب

خطوة الحمدان ليست الأولى من نوعها في الملاعب العربية، لكن تكثيف التغطية الإعلامية جعلها تُقارن بأبرز لقطات التفاعل بين اللاعبين والجماهير:

• يوسف المساكني: في دوري نجوم قطر، وقف لتوقيع قميص طفلٍ أجبره على الخروج من مدرجٍ غمرته الأمطار.
• كرستيانو رونالدو: عندما حمل طفلًا مريضًا على كتفيه بعد مباراةٍ في إنجلترا ومنحه قُبلةً تشجيعيةً.

في جميع هذه المواقف، بدى واضحًا أن الرياضة تتوقّف عن كونها تنافسًا على أرضية الملعب، لتصبح رسالةً أملٍ وإنسانية تتغلغل في وجدان المجتمع.

هل يؤسس الحمدان لعلامة اجتماعية؟

في ظل استثمار الأندية والعلامات التجارية للعلاقات الإنسانية، يمكن للنادي الهلال الاستفادة من موقف الحمدان في إطلاق مبادرة “قطرة ماء” تسعى لرعاية الأطفال في المستشفيات أو توزيع المياه على الفقراء خلال شهر رمضان أو في أيام الصيف الحار. هكذا يكون اللاعب قد دبّر فعلاً مؤثرًا في قلب الحدث الرياضي وربطه بمسؤوليةٍ اجتماعيةٍ تُعزّز صورة النادي وجماهيره.

رأي الخبراء: قوة الصورة وتجاوز الإخفاق الفني

يرى المحلل الرياضي حسين الفرج أن أثر اللقطة يتجاوز خسائر الملعب، قائلًا:

“في كرة القدم الحديثة، كل لحظة تتسجّل تُسوّق للنادي أكثر من أي إعلانات مدفوعة. أخلاق الحمدان اليوم رسّخت شكل الهلال في أذهان الجميع، وربما غطّت على أي انتقادات فنية طالت اللاعب.”

أما أستاذ الإعلام الرياضي، الدكتور نادر الطويل، فاعتبر أن هذه المواقف:

“تعمل كصمام أمان للصلة بين اللاعب والجمهور، وتذكّرنا بأن خلف أرقام الأداء إنسانٌ قادرٌ على تحويل لحظة سخيفة لعطش إلى ذكرى لا تُنسى.”

ختام يُلهب العواطف ويزرع الأمل

مع نهاية موسم الهلال الذي يحتلّ الفريق به المركز الثاني برصيد 72 نقطة، ستكون لحظة وداع الموسم أمام القادسية غدًا الإثنين أكثر دفئًا بفضل هذا الفعل البسيط. ستتسابق التغطيات الإعلامية على استعادة لقطات الطفل وهو يحتضن زجاجة الماء، وسيظل عبدالله الحمدان في ذاكرة الجماهير ليس فقط كمهاجمٍ سجل وأضاع وبنى وصنع، بل كبطلٍ يفيض إنسانيةً كلما احتدّت الحرارة وإذما استغاث صغيرٌ بلا خوفٍ أو وجل.

لذا، وعندما تُكتب فصول الموسم المقبل، سيجد الجميع صورته تلتمع في أذهانهم: هو اللاعب الذي قدّم زجاجة ماء حينما تشبّعت القلوب عطشًا للإنسانية، وأعاد للكرة رونقها الأول.