تألّق رياض محرز في مباراة المنتخب الجزائري أمام موزمبيق، ليعيد رسم ملامح الأداء الكروي الذي طالما نالت به الجماهير إعجابها وإبهارها. في الموسم الرياضي الحالي 2024-2025، برزت صورة النجم الجزائري في قالبين مختلفين؛ ففي منافسات دوري روشن السعودي للمحترفين مع الأهلي، ظهرت نسخة لا ترقى إلى المستوى المطلوب، بينما في بطولة النخبة الآسيوية كان لمحرز حضور مميز أظهر به قدراته الفنية الكاملة مع المنتخب الوطني.
أداء متكامل في تصفيات المونديال
منذ انطلاق اللقاء، بدا أن الهدف الأساسي لفريق الجزائر هو تأكيد التفوق وإرساء القواعد التي تضمن الاستمرارية في التأهل للمونديال 2026، وقد جاء دور محرز في تقديم المساهمة الحاسمة التي أكسبت المنتخب نقاطًا ثمينة وترفع من موقعه في جدول ترتيب المجموعة السابعة من التصفيات الإفريقية. ففي الدقيقة 51، استطاع نايف أكرد افتتاح التسجيل، ليلي بعدها محرز الهدف الثاني عن طريق ركلة جزاء في الدقيقة 58، حيث تحول الأداء الجماعي إلى لوحة فنية متكاملة بفضل تمريراته الحاسمة ومساهماته الفردية.
فلسفة "السهل الممتنع"
ما جعل الأداء في هذه المباراة يثير إعجاب الجماهير هو الطريقة التي تأقلم بها محرز مع متطلبات اللقاء، معتمداً على فلسفة "السهل الممتنع"، أي القيام بالأمور بطريقة مدروسة وفعّالة دون المخاطرة غير المحسوبة. فبدلاً من المحاولات الفردية المتهورة التي قد تعرض اللاعب أو الفريق للخطر، اعتمد محرز على قراءة اللعب بدقة، مستفيداً من خبرته الكبيرة التي اكتسبها من مشاركاته مع المنتخب وعلى مستوى الأندية الأوروبية الكبرى.
إحصائيات مذهلة مع المنتخب
تُظهر الإحصاءات أن النجم الجزائري شارك في المباراة مع المنتخب في 101 مباراة دولية حتى الآن، وسجّل 32 هدفًا وقدم 35 تمريرة حاسمة، ليصل مجموع مساهماته التهديفية إلى 67. ويعد هذا الرقم دليلاً واضحاً على التأثير الكبير الذي يمارسه محرز في تحريك خط الهجوم وإحداث الفارق في اللحظات الحاسمة.
لحظة ميسية لا تنسى

في أحد اللحظات التي لا تُنسى من اللقاء، تجلّت مهارات محرز الكروية عندما تقمص دور النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بطريقة شفافة؛ ففي الهدف الجزائري الثالث، استلم الكرة من الجانب الأيمن وتوغل في عمق الدفاع الخصم، مرراً بين المدافعين بخفة ومهارة، ثم قام بتمرير ذكي لخليفه محمد الأمين عمورة الذي أحرز الهدف. هذه الحركة التي شُبهت بحركات ميسي المميزة، أثبتت أن محرز يمتلك القدرة على الدمج بين أسرار اللعب الفردي والقدرة على صناعة الفرص.
توازن هجومي دفاعي
ولم يقتصر دور محرز على الجانب الهجومي فحسب، بل تميز أيضًا بتقديم مساهمات دفاعية مهمة. فقد عاد اللاعب إلى الخط الخلفي في عدة مناسبات، متحملاً مسؤولياته في دعم زملائه على الأطراف، مما ساعد على تفادي تعرض الفريق لأي ضغط من مهاجمين موزمبيق.
مفاجأة القدم اليمنى
من ناحية أخرى، أثارت إحدى اللحظات التي سجلت إياها الجماهير نقاشاً واسعاً عندما تبين أن محرز، المعروف بتفضيله القدم اليسرى في العديد من المناسبات، نفّذ ركلة الجزاء بقدمه اليمنى. وقد أعاد اللاعب التأكيد في تصريحات سابقة أنه يمتلك القدرة على استخدام كلا القدمين.
تقييم متميز
وقد أكدت الأرقام أن أداء محرز في المباراة ضد موزمبيق كان له تأثير مباشر في وصول المنتخب إلى النقاط الثمينة؛ حيث حصل على تقييم 7.5 من 10 وفقًا لموقع "سوفا سكور" الشهير، مع تسجيل معدل تمريرات صحيحة بنسبة 88% من 67 تمريرة.
تناقض الأداء بين المنتخب والنادي
وبينما يحتفل محرز بأداءه المتميز مع المنتخب، يستمر التباين في أدائه مع الأهلي في مسابقة دوري روشن السعودي، حيث لا يزال يظهر النسخة الرديئة من شخصيته الفنية. هذا التباين يجذب الكثير من التساؤلات حول كيفية تأثير الضغوط المختلفة على أداء اللاعب بين منافسات البطولات المختلفة.
رمز الكرة الجزائرية

ليس من المستغرب أن يُعتبر محرز رمزاً من رموز كرة القدم في الجزائر بفضل ما قدمه من إسهامات فنية مميزة، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقدراته على تغيير مجرى المباراة بفعلاته الفردية والجماعية.
درس في الاحترافية
إن التجربة التي عاشها محرز في مواجهة موزمبيق تُعد درساً عملياً لكل لاعب يسعى لتحقيق التميز في كرة القدم، إذ يظهر أن النجاح لا يعتمد فقط على تسجيل الأهداف بل على القدرة على تنظيم اللعب وخلق الفرص وتقديم الدعم الدفاعي عند الحاجة.
مرونة تكتيكية
كما أن التنوع في أسلوب لعبه وقدرته على استخدام كلا القدمين في تنفيذ المهام الهجومية يُعد ميزة فنية إضافية تمنحه التفوق في المواقف الحرجة. فقد أثبت محرز أنه ليس مقيدًا بأسلوب واحد أو اتجاه محدد، بل يستطيع التكيف مع متطلبات المباراة.
خاتمة: إرث متجدد
في النهاية، يتجسد أداء رياض محرز في هذه المواجهة مع موزمبيق كمرآة حقيقية لإمكانياته الفنية الكبيرة ونضجه الكروي، مما يعزز من مكانته كأحد أبرز نجوم المنتخب الجزائري. من خلال قراراته الحاسمة وتمريراته الذكية، أظهر اللاعب أنه قادر على قيادة الفريق إلى انتصارات مهمة.