رؤية أنشيلوتي التكتيكية الأولى
في خطوة أثارت اهتمام الجماهير البرازيلية والعالمية أعلن الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب المنتخب البرازيلي الجديد عن رؤيته التكتيكية الأولى للسيليساو قبل انطلاق مشوار تصفيات كأس العالم 2026 وقد كان واضحاً في اختياره للاعب الوسط كاسيميرو كركيزة أساسية في الخطة الجديدة بينما احتفظ بموقف متحفظ تجاه نيمار نجمه التاريخي لحين استعادة كامل جاهزيته الفنية والبدنية.
الهدف من الانتقال إلى قيادة البرازيل
خطوة انتقال أنشيلوتي إلى قيادة المنتخب خلفاً لتجربة أقل حظاً له في ريال مدريد تعكس صراحة برغبة نظيره الإيطالي في إعادة بناء الثقة بالفريق الأقدم تاريخياً في القارة الأمريكية قبل انطلاق كأس العالم الصيف المقبل في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، ويأتي قرار اختيار كاسيميرو ليمثل علامة فارقة على قدرات اللاعب الذي سبق له أن لعب في ريال مدريد تحت إمرة أنشيلوتي وانضم حديثاً إلى مانشستر يونايتد، إذ سيكون الاعتماد عليه في وسط الملعب بمثابة ضمان لاستقرار الخط الخلفي وتعزيز دور الدفاع بالانتقال السريع إلى الهجوم.
خطة اللعب وخيار اللاعبين
ووفق ما نشرته صحيفة ماركا الإسبانية فإن أنشيلوتي يميل إلى تطبيق خطة 4ـ3ـ3 التي اعتمدها لسنوات في ريال مدريد، وهي خطة هجومية تتطلب من المهاجمين والمساندين الدفاعيين قدراً كبيراً من الجهد والعمل على مدار الـ90 دقيقة، ما يعني أن وجود لاعب من مستوى كاسيميرو في وسط الملعب ضروري لفرض توازن بين الخطوط وتأمين حقول المنافسين قبل تمرير الكرة للأجنحة أو للمهاجمين. وتأتي مشاركة لاعب الوسط جيرسون إلى جوار برونو جيمارايش وكاسيميرو للدلالة على نية أنشيلوتي توظيف التوليفة التي تجمع الخبرة بالمهارة والحيوية، بينما سيعتمد في الدفاع على ماركينيوس قلب الدفاع القادر على قيادة الخط الخلفي بحكم تجربته الكبيرة مع باريس سان جيرمان ومنتخب البرازيل.
خيارات الهجوم والتركيز على التنوع

فيما يتعلق ب(choices) الخط الهجومي، أبرزت التقارير ذاتها اهتمام أنشيلوتي بجلب دنكان ويليان جناح تشيلسي الجديد واستغلال قدرته على الانطلاق بالكرة من الأطراف إلى جانب فينيسيوس جونيور نجم ريال مدريد وريتشارليسون مهاجم إيفرتون السابق الذي يعيش حالة من التألق في الدوري الإنجليزي. ويرى المدرب الإيطالي أن دمج ويليان بجانب الثنائي الآخر سيمنح البرازيل خيارات هجومية متنوعة بين الاختراق من العمق والتمريرات العرضية القاتلة، كما يضمن ضغطاً مستمراً على دفاعات الخصوم بفضل السرعة والمراوغة.
نيمار.. الغائب رغم الاسم الكبير
أما بالنسبة للنجم البرازيلي نيمار فهو لم يحظَ بثقة المشاركة في المعسكر الحالي رغم محاولات ضمه من قبل معسكر اللاعب نفسه، إذ أشار أنشيلوتي إلى عدم رغبته في منح فرصة للنجم المخضرم إلا بعد استعادة كامل مستواه البدني والفني، مؤكداً أن دعوته إلى المنتخب لن تكون لمجرد اسمه بل لا بد أن يكون جاهزاً تماماً للمساهمة الفعلية. وقد أثار موقف أنشيلوتي ردود فعل عديدة بين الجماهير التي انتقدت تجاهل أحد أبرز نجوم العالم إلا أن الإيطالي بقي ثابتاً على موقفه القائم على المصلحة الفنية لمنتخب السيلساو ورغبته في الاعتماد على لاعبين قادرين على تنفيذ التكتيك المطلوب بشكل دقيق.
تأكيد أنشيلوتي على المصلحة الفنية

وفي تصريح للمدرب الإيطالي قال إن “قرار بناء تشكيلة السيلساو يجب أن ينطلق من رؤية فنية واضحة تشمل دراسة سير اللاعبين ومتابعة أدائهم في المواسم الأخيرة، وبالتالي لا يمكن المجازفة بإدراج أي عنصر إذا لم يكن في أعلى درجات الجاهزية”. وأضاف “لقد شاهدت مباريات كثيرة في الدوريات المحلية وقدرت أن العديد من اللاعبين لديهم القدرة على صنع الفارق، لكن نيمار يجب أن يعود بحالة بدنية مثالية وإلا ستكون هناك مخاطر كبيرة في المراحل الفاصلة من التصفيات”.
التحضيرات القادمة للبرازيل
المنتخب البرازيلي يستعد لملاقاة الإكوادور في السادس من يونيو ضمن لقاءات تصفيات قارة أمريكا الجنوبية المؤهلة لنهائيات مونديال 2026، قبل أن يواجه باراجواي يوم الحادي عشر من الشهر ذاته، فيما ينتظر أن تخوض البرازيل اللقاءين بمعنويات عالية تحفيزاً لمنظر تكوين فريق شاب يعتمد في الأساس على سرعة اندفاع الجناحين وقوة الدفع الهجومي وسط الملعب. ويأمل أنشيلوتي أن يثبت الاختيارات الجديدة جدارتها على أرض الواقع فور صافرة انطلاق المباراة الأولى، ويتوقع أن يكون اللاعبون المتواجدون في معسكر المنتخب هم الأكثر حرصًا على نيل ثقة المدرب وتقديم أفضل مستوياتهم.
المهمة الصعبة أمام أنشيلوتي
وفي ظل الضغوط الكبيرة الملقاة على منتخب السيلساو للمحافظة على سطوته الكروية العالمية، فإن أنشيلوتي أمامه مهمة صعبة في الحفاظ على توازن الفريق ومنحه دفعة معنوية بعد تراجع النتائج في بعض المباريات الودية السابقة، لكنه يعلم جيدًا أن وجود لاعب بمستوى كاسيميرو قادر على تحريك وسط الملعب بسرعة ودقة سيمنح البرازيل دفعة معنوية إضافية لتنفيذ النسق التكتيكي المخطط له. ومن جانب آخر، اختيارات أنشيلوتي تهدف لإعداد جيل جديد يقود المهمة في مونديال 2026 مما يجعل تركيزه منصباً على لاعبين أقل تأثرًا بالعوامل النفسية والاجتماعية المحيطة بنجوم الصف الأول.
التجهيز والاستعداد الميداني
نشير هنا إلى أن أنشيلوتي قضى الأسبوعين الماضيين في متابعة الدوري البرازيلي عن قرب فزار عدة ملاعب أبرزها بوتافوجو وفلامنجو وكورينثيانز للاطلاع على حماس الجماهير ونوعية اللاعبين الذين يمكن الاستفادة منهم مستقبلاً، كما تابع تدريبات العديد من اللاعبين قبل إعلان التشكيلة النهائية. ويرى الإيطالي أن الاطلاع على أجواء الملاعب البرازيلية عن قرب يمنحه فهماً أفضل لقدرات العناصر الموجودة وتحسس نقاط القوة والضعف لدى المنافسين.
التحدي القادم
ختامًا تبدو الخطوات التي سيرسمها أنشيلوتي في الأيام المقبلة مصيرية لمستقبل المنتخب في التصفيات ومن ثم في الاستحقاقات الكبرى، إذ إن تركيزه على بناء وسط ميدان متوازن يضم كاسيميرو وجيرسون وبرونو جيمارايش يعكس رغبته بجعل الخطوط المتقدمة أكثر حرية وفاعلية، بينما يضمن وجود مدافعين بخبرة ماركينيوس قوة في الجانب الدفاعي. ويبقى السؤال الأهم بعد إعلان التشكيلة المعلنة والأفكار التكتيكية حول قدرتهم على تطبيق هذه الخطط على أرض الواقع والفوز في المباريات القادمة لتلبية طموحات الجماهير التي تنتظر دائمًا تألق لاعبي السيليساو.