في حلقة مأساوية جديدة من مسلسله الكروي مع إنتر ميامي
بدا النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي بعيدًا كل البعد عن مستواه الأسطوري، وقتما افتقد الحسم والسرعة في تعادل الفريق (3-3) مع سان خوسيه إيرثكويكس، أمس الخميس، ضمن منافسات الدوري الأمريكي لكرة القدم “MLS”. الأداء الدفاعي المهزوز وغياب الانسجام الهجومي، إضافة إلى مشاهد غضب ميسي على طاقم التحكيم، يطرح علامات استفهامٍ كبيرة حول قدرته البدنية المتناقصة ونهاية عهد تفرده بنصف الملعب، فيما يرصد المدرب خافيير ماسكيرانو—صديقه وزميله القديم في برشلونة—خياراتٍ قاتمة لإخراج الفريق من دوامة النتائج المخيبة.
بداية صاعقة… ثم غرق في الفوضى
لم ينتظر “المايامي” طويلاً للتهديف، إذ افتتح ماكسي فالكون التسجيل بعد 30 ثانية فقط من صافرة البداية، معطياً مؤشراً على أملٍ سريع في انتفاضة ميسي بعد التعثر في المباريات الخمس السابقة (فوز واحد فقط). ولكن سرعان ما قلب سان خوسيه الطاولة:
1. التعادل السريع:
سجل كريستيان أرانجو هدف التعادل من لمسةٍ واحدة داخل المنطقة (الدقيقة 5)، ليؤكد أن دفاع “المايامي” لا يعيش أفضل أيامه.
2. الإلحاق المبكر:
زميله بو ليرو أضاف الهدف الثاني قبل ربع ساعة بتمريرة عرضية استقبلها بتسديدة على الطائر، فكانت الصدمة الأولى لجمهور ميسي.
3. ردّة فعل متأخرة:
بعد شوطٍ هجومي من “المايامي” افتقر فيه ميسي فعاليته، نجح تاديو أليندي في معادلة النتيجة (الدقيقة 52) ثم إضافته هدف التعادل الثالث (الدقيقة 79)، قبل أن يفشل “التمساح” ماسكيرانو في إصلاح الأخطاء الدفاعية.
ميسي بين ضعف الجسد وغضب التحكيم

رغم أن قائد الأرجنتينيين كان حاضرًا في بعض لقطات المراوغة الفريدة، إلا أنه لم يستطع مجاراة سرعة انتقال الكرة من الدفاع للهجوم، ولم تظهر بصمته على لائحة الهدافين أو صناع الفارق. التحليل الفني للمباراة سجّل:
• تمريرات حاسمة:
واحدةٍ فقط، بعدما أهدر ميسي أكثر من فرصةٍ واضحة قرب منطقة الجزاء ولم ينجح في تخطي الرقابة الدفاعية.
• المسافات المقطوعة:
أقل من المعدل المطلوب لمهاجم من طرازه؛ إذ قطع 8.2 كلم في اللقاء، مقابل 11–12 كلم في أفضل مبارياته مع برشلونة وباريس سان جيرمان.
• مؤشر اللياقة:
تراجع واضح في التسارع المطول والركض الخفيف بين المناطق، ما سمح للمنافسين بالتضييق عليه وخنق حركته.
وكانت نقطةَ التحول الرمزية أن توجه ميسي غاضبًا إلى حكم المباراة فور إلغاء هدفٍ محتمل لمسه اليد خروجًا عن النص، قبيل نهايتها بعشر دقائق. قال الحكم لأحد مساعديه في المدرج:
"هل تريد بطاقة حمراء؟"
وبعد مشادةٍ قصيرة، اقترب ماسكيرانو لتهدئة رفيق الدرب، فيما ارتفع هتاف الجماهير المنتظرة لهدفي الفوز إلى استهجانٍ صافرات استهجان عقب صافرة النهاية.
ماسكيرانو في مواجهة قدره… وحاجة ماسّة للتغيير

دخل خافيير ماسكيرانو مهمته كمدربٍ لإنقاذ إنتر ميامي بعد رحيل تاتا مارتينو وسط موسمٍ مشحون بالمشاكل الدفاعية. ولكن النتائج لم تزد سوى تراجعًا:
• المركز الحالي:
يقع الفريق في المركز الخامس بـ22 نقطة من 15 جولة، بعدما خرج من كأس أبطال الكونكاكاف دون تحقيق أي فوزٍ حقيقي.
• الهشاشة الدفاعية:
استقبل 25 هدفًا، منها 10 في آخر 6 مباريات، ما يعكس افتقارًا واضحًا لتنظيم الخطوط الخلفية.
• خيار الإيفاد:
يلوح احتمال تعويض ماسكيرانو بمدربٍ عالمي إذا لم يتغيّر الأداء سريعًا، وسط دعواتٍ من داخل الإدارة لتدخل ديفيد بيكهام صاحب النادي لإنقاذ موسمه.
مخاطر تجاوز الصديق… وموسمٌ بين المطرقة والسندان
ليس عبثًا الحديث عن نهاية زمن ميسي الكروي. “الجسد لم يعد يرحم” كما أقرّ بنفسه قبل أشهر، وها هو اليوم يكرر العبارة أمام الملايين:
• السجل التهديفي في الموسم:
8 أهداف فقط في 15 مباراة بجميع البطولات، رقمٌ لا يليق بعظمته التاريخية.
• التنافسية على مستوى الفريق:
يعتمد “الميامي” كليًا على نجمه، وتغيبه الجسدي والنفسي يخلخل التوازن العام.
• انزياح الصدارة:
بعيدًا عن مقدمة ترتيب “MLS” التي استهلها في المراكز الأولى، قد يودع المنافسة قريبًا إذا استمر في تعثراته.
وسط تزايد الضغوط الجماهيرية والإعلامية، يقف ماسكيرانو الصديق في مفترق طرق: إما ينجح في إعادة التنظيم الدفاعي وإعادة الثقة إلى لاعبيه قبل دخول “الفترة الذهبية” التي تشهد مبارياتٍ متتاليةً ضد مراكز المقدمة، أو يضع نهايةً مبكرةً لمسيرته التدريبية مع النادي الأمريكي.
أما ميسي، فالتناقض بين سحر العبث الراجح في شوارع لاغوس وسرعة التقدم في برنابيو مقابل بطء خطواته في ميامي يشير إلى أن “عهد لا يُهزم” يوشك على السقوط. قد تكون هذه اللحظاتُ اختبارًا قاسياً لأسطورةٍ عرفناها محاربةً لجذب الأضواء حتى الرمق الأخير، لكن الرحلة هذه المرة لا يقودها ميسي وحده، بل ماسكيرانو أيضًا… فانتهت الأقنعة وبان القدرُ على مرمى البصر.