
في موسم احتضن لحظاتٍ من التوهج والخيبة بآنٍ واحد، قاد النجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي نفسه إلى حفرةٍ حفَرها بقدمه، بينما ارتدى كيليان مبابي رداء الفائز بهدوءٍ وظل يرقب الدراما عن بُعد، ليحتل المرتبة الأولى في سباق الحذاء الذهبي الأوروبي.
في هذه السطور، نسلط الضوء على مسار سقوط ليفاندوفسكي في الليجا، وتأثير خطوة زملائه ببرشلونة التي أشعلت المشهد وجعلت مبابي يبتسم أمام جماهير العالم.
البداية المبهرة قبل الزلّة الأولى
انطلق الموسم مع ليفاندوفسكي بأداءٍ أسطوري، فقد افتتح تسجيل الأهداف منذ الجولات الافتتاحية وسجل 25 هدفًا مع نهاية مارس 2025، ما جعله متصدرًا مريحًا لسباق “البيتشيتشي” قبل أن يبدأ واحد من أكثر فصول الإخفاق إثارة.
ترقب البولندي على عرش الهدافين في الليجا، ووصل عدد أهدافه إلى رقمٍ لم يلمسه سوى أسطورة واحدة أو اثنتين في تاريخ الدوري الإسباني. مع مرور الوقت، بدا الطريق ممهدًا أمامه لحسم الحذاء الذهبي مبكرًا، خصوصًا مع تراجع مستوى مهاجمي كبار البطولات الأوروبية.
صيامٌ تهديفيٌّ غريب
لكن ما لا يُصدق في كرة القدم يحدث دومًا! بعد مارس، دخل ليفاندوفسكي نفق الصيام التهديفي، ومرَّ على ملاعب الليجا خلالها أكثر من عشرة لقاءات أمام فرقٍ من عيار ريال بيتيس، ليجانيس، سيلتا فيجو، ريال مدريد، إسبانيول، وفياريال، دون أن يُسجّل أي هدف.
- الفرص: كانت الأهداف في متناوله.
- التركيز: بدا ضائعًا.
- النتائج: اختفت شراراته التهديفية.
هذا الانحدار يُعد خيانة أولى لصفقات برشلونة الضخمة من أجله، إذ بدا واضحًا أن ثمن التعاقد لم يُرقَ إلى حجم الضغوط، فبدلًا من الاستمرار في نسج الأحلام، صارت الأحلام نفسها خائبة بلا رصيدٍ يُذكر.
زملاء "البلاوغرانا" يشعلون النار

لا يكتمل المشهد الدرامي دون تدخلٍ من الأبطال الثانويين. بعد أن ضيَّع ليفاندوفسكي رصيده التهديفي، لم يجد زملاؤه في تشكيلة إريك تن هاغ أفضل من “توفير” سهولة الإنجاز لمنافسه الكبير كيليان مبابي.
في كلاسيكو الإياب يوم 11 مايو على ملعب “كامب نو”، اختار مدافعو برشلونة اصطياد القمر الفرنسي بشكلٍ متهور، فلم يَظهر أيٌ منهم بالمستوى الدفاعي الذي يشفع له أمام هجومٍ من حجم باريس سان جيرمان.
النهاية كانت مفاجئة: ثلاثية لمبابي في مرمى “البلوجرانا” ضمن فوزٍ 4–3، ليُعيد ترتيب أوراق سباق الهدافين ويمنح اللاعب الفرنسي دفعة معنوية هائلة.
ما بعد المأساة: رسائل متناقضة وتفكك الثقة

لم يكتفِ ليفا بفقدان الأهداف، بل زيَّن هبوطه برسائلٍ متناقضة خلال التصريحات الإعلامية.
- مرة قال: “الإرهاق هو السبب.”
- ومرة أخرى: “الفريق لم يُقدّم لي الكرات المناسبة.”
هذه التصريحات أربكت جماهير “البلوجرانا” التي تمنّت بصوتٍ واحد أن يكون ليفاندوفسكي هو الهادي إلى منصات التتويج الفردية، لا الصوت الداخلي الذي يشكك في قدراته.
نهاية الموسم وولادة صيحة مبابي
ختم مبابي الموسم بـ 32 هدفًا في الدوري الفرنسي، في حين اكتفى ليفاندوفسكي بـ 25 هدفًا في الليجا، ما جعله ينزاح نحو الوصافة في ترتيب الحذاء الذهبي الأوروبي.
الهدف الأخير للفرنسي سجّله في المرحلة الختامية من الليج آ، فحسم المركز الأول بجدارةٍ أمام تأخره المبكر في تصفيات الموسم.
أما ليفا، فظلّ يُجأر بحسرته في أحاديثه الصحفية، قبل أن يختتم الموسم بمغادرة “كامب نو” خالي الوفاض من جائزةٍ فردية، رغم الأداء الرائع في بداية الموسم.
الخاتمة: من خان نفسه إلى عرشٍ فارغ
في كرة القدم، لا تكفي موهبةٌ وبسمة برباط جزائريّ، بل تحتاج إلى ثباتٍ ذهني يُبقيك صامدًا أمام عنق الزجاجة.
روبرت ليفاندوفسكي كان قريبًا من كتابة فصلٍ جديد في موسوعة الهدافين، لكنه اختار – أو أجبرته الأقدار – أن يحفر قبره بقدمه.
بالمقابل، ضحك كيليان مبابي في الخفاء، فاستعاد بريقه ولم يترك من الألقاب الفردية سوى ما يستحق حمله.
في نهاية المطاف، دراما البيتشيتشي هذا الموسم لم تُسجل باسم البولندي، بل رسمت معالم انتصارٍ مبكّرٍ للاعبٍ فرنسيٍّ رفض التأخر، واختار أن يحقّق المجد حيث كان الجميع غارقًا في دموع الندم.