قبل انطلاق نهائي دوري أبطال آسيا بنسخته الجديدة، يعيش الأهلي السعودي حالة من الترقّب الممزوج بالقلق، إذ يسعى لمحو الماضي القريب واستغلال عامل الأرض أمام كاواساكي فرونتال الياباني يوم السبت على ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية في جدة. رغم أن الأحلام قادت "الفرسان" إلى هذا الموعد التاريخي للمرة الثالثة فقط منذ 2003، فإن شبح الهزيمة في النهائي يلوح منذ 1986 و2012، فيُعيد للأذهان ذكريات مؤلمة لعشاق الساحرة المستديرة في جدة.
طريق الأهلي إلى المجد القاري
قاد الألماني ماتياس جيسله فريقه إلى نهائي البطولة القارية الأولى في هذا العصر، بعدما اجتزأ عقبة الهلال بخماسيةٍ إجمالية 3-1 على مرحلتين. وأكدت كتيبة "الفرسان" بأنها تستحق التتويج بعد عروضٍ قوية دفاعًا وهجومًا، خاصةً مع تماسك ثنائي المحور عبد الرحمن غريب وعبد الإله المالكي، وكفاءة المهاجم الأرجنتيني جوناثان رودريغيز في استغلال الفرص داخل المنطقة.
على الجانب الآخر، جاء تأهل كاواساكي بعد مواجهةٍ مثيرة أمام جاره النصر؛ إذ قلب اليابانيون تأخرهم ذهابًا بهدفين في الرياض إلى فوزٍ 3-0 إيابًا، مستفيدين من تألق الحارس جونغي تاناكا وتنظيم منتصف الملعب بقيادة الأوروجوياني نيكولاس دافالا. وقد تولّى أراشي ناناهاشي تدريب الفريق في النصف الثاني من الموسم، مانحًا اللاعبين حافزًا كبيرًا لاستعادة اللقب الغائب عن اليابان منذ نسخة 2007.
لعنة الملعب المنزلي

لم تُكتب للتتويج الآسيوي نصيبٌ للأهلي على أرضه من قبل. ففي نسخة 1985–1986، خسر أمام دايو رويالز الياباني 1-3 على ملعب الأمير عبد الله الفيصل، ثم عاد للنهائي في 2012 وفشل في استغلال عامل "البيت" أمام ألسان هيونداي الكوري الجنوبي، عندما انتصر الأخير 3-0 في جدة.
تُعيد هذه الذكريات السيئة إلى ذاكرة جماهير "الزعيم" سواءً عبر مواقع التواصل أو في حوارات المقاهي قبل انطلاق المباراة. ويبدو أن حالة القلق تضاعفت مع تزامن المباراة مع احتفالات سوق جدة السياحي، حيث تحولت الردهة والمواقف المحيطة بالملعب إلى منصة تصويرٍ وترقبٍ مبكّر حيث يلتقي آلاف المشجعين قبل السابعة والنصف مساءً.
مفاتيح المواجهة الفنية
يحمل الأهلي في جعبته أربعِيَّة تشكيلاتٍ محتملة يعتمدُ فيها جيسله على خطة 4-2-3-1، تنطلق من توازنٍ دفاعي يعلُوه تنظيم بلايسيتش الهجومي، خاصةً مع تزامن عودة الظهير الأيسر ناصر الشمراني ونجاح جهاد الحسين في الارتداد ضمن كافة خطوط اللعب. وتكمن النقاط الفنية التي يجب أن يركّز عليها الفريق في:
- إغلاق العمق: لضمان عدم منح دافالا مساحات للتمريرات القاتلة خلف المحورين، وهو ما فعله الهلال جزئيًا.
- الانطلاقات السريعة خلف الظهيرين: استغلال سرعة رودريغيز والوافد الجديد سوزوكي الياباني لخلخلة دفاع "الأشباح" التقليدي.
- توظيف الكرات الثابتة: إذ يشكل ياسين الحمادي ركيزةً في تنفيذ الركنيات وضربات الجزاء، معتمدًا على طول القامة وسط ديكورات الحكم الكونفدرالي.
من جهته، يغامر كاواساكي بخطة 3-4-3 هجومية، تقوده قراءة المباراة من قلب الدفاع ماساتو إندو، وتنطلق من أجنحة حرة فيتو وطوكوشي مابوشي، اللذين فاجآ النصر بهدفينٍ حاسمين على الطرفين. ويأمل المدرّب ناناهاشي في أن تُظهر كتيبته صلابة دفاعية كما في نصف النهائي، مع الحفاظ على التوازن النفسي حتى صافرة النهاية.
رهان الخبرة والروح الجماعية

يُعد التحدي النفسي أكبر من التكتيكي، ويعرف جيسله أهمية تحجيم تأثير لعنة النهائي على لاعبيه؛ لذلك كثّف الأخير جلسات دعمٍ نفسي أمام اللقطات التاريخية التي تم تداولها. وعقد اجتماعاتٍ مع قادة الملعب، على رأسهم عبد العزيز الدوسري وأكرم العواضي، لتوزيع الأدوار وتشجيع الصغار مثل فهد المولد وناصر الدوسري على تركيزٍ كامل في الواجبات الدفاعية.
كما استعان جيسله بخبراتٍ محلية خارج أرض الملعب، إذ طلب الاستعانة بطل آسيا مع الهلال عام 2019 ليوناردو جارديم لدعم الخطط الأخيرة قبل يوم المباراة، وركز على تجهيز الأسلحة السرية: مثل الضغط العكسي عند فقدان الكرة، واعتماد التغطية الثنائية على صانع ألعاب كاواساكي الأساسي.
تحذير المستقبل وانتظار النهاية
لا يقتصر التاريخ الأسود للنادي على الهزيمتين السابقتين فقط؛ إذ عانى الأهلي من عجزٍ في استغلال عامل الجمهور في المباريات الحاسمة ضد فرقٍ لم تُعدّل في نهائياتها من قبل. ومع ذلك، تبدو سقف الطموح مرتفعًا هذه المرة، حيث يمثل اللقب القاري الأول في حقبة الاحتراف دعمًا غير مسبوق للخطة الطموحة لموسم 2025–2026، الذي يتضمن ضمَّ نجومٍ جدد ودعم الأكاديمية لتجهيز بدلاء محليين.
وبينما يسعى كاواساكي لكسر سيطرة غرب آسيا على اللقب منذ سنوات، يأمل الأهلي أن يكون الحصان الأسود للنهائي الأول في جدة منذ عقود، محققًا فوزه التاريخي الأول على أرضه. وسيحضر الحلم الجماعي بقوة في المدرجات، وسط تهويمات روحٍ تحمل شعار "الفرصة الأخيرة لمسح العار" قبل صافرة الحكم.
وعند حلول السابعة والنصف مساءً بتوقيت السعودية، سيشهد ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية اختبارًا كبيرًا لما يُسمّى "ساحرة جدة" بين طموحٍ محليٍ قديم وأملٍ يابانيٍّ جديد، في ليلةٍ لا تُنسى.