مع اقتراب نهاية جولات التصفيات المؤهلة لكأس العالم ٢٠٢٦ في قارة آسيا
باتت حسابات المنتخبات العربية أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. اليوم نسلط الضوء على واقع المنتخبات العربية المشاركة في هذه التصفيات قبل خوض الجولة قبل الأخيرة ضمن منافسات الدور الثالث، حيث يتنافس ١٨ منتخبًا مقسمين إلى ٣ مجموعات تضم كل منها ٦ فرق. ساعيْن في هذه السطور إلى توضيح موقف كل منتخب عربي من التأهل المباشر أو الانتظار لخوض الملحق وقطع مسافة أخيرة نحو حجز بطاقات المونديال.
الجولة قبل الأخيرة شهدت تأكيد تأهل الأردن رسميًا إلى كأس العالم ٢٠٢٦
حيث نجح منتخب النشامى في الفوز على عمان بنتيجة ٣–٠ داخل ميدانه، ما رفع رصيده إلى ١٦ نقطة في صدارة المجموعة الثانية بفارق ثلاث نقاط عن كوريا الجنوبية صاحبة المركز الأول. بهذا الانتصار ضمنت الأردن تذكرة المباريات النهائية للمونديال الآتي، لتكتب أول تأهل في تاريخها وتضع قدمًا في كأس العالم القادم بغض النظر عن نتيجة الجولة الختامية. ويعود الفضل إلى تمريرات وسط الملعب الحاسمة وتحركات العمق الهجومي التي ترجمها اللاعبون إلى أهداف في موعدها؛ وهو ما يؤكد حظوظ النشامى في تحقيق إنجاز تاريخي بعدما حققوا المركز الثالث في تصفيات آسيا لنهائيات ٢٠٢٢ وشاركوا في الملحق القاري.
في المقابل، تبدو السعودية في موقف حرج يدفعها للبحث عن “معجزة”

تخولها الصعود المباشر دون المرور بالملحق. فقد حقق منتخب الأخضر فوزًا مهمًا على البحرين بهدفين نظيفين بريادة المهندس هيرفي رينارد في الديربي الخليجي، ليصل رصيد المنتخب إلى النقطة العاشرة في المجموعة الثالثة. غير أن الأمل المباشر تلاشى بغياب الفارق الكافي أمام أستراليا المتصدرة برصيد ١٨ نقطة واليابان ثانية ب١٧ نقطة. يصبح رصيد الأخضر بحاجة إلى فارق أهداف كبير في الجولة الأخيرة أمام أستراليا لكي يتفوق بفارق الأهداف وربما يستفيد من خسارة أحد المتصدرين. بيد أن المهمة تبدو شبه مستحيلة في ظل تألق الكنغر الأسترالي الذي اكتفى بالتعادل مع اليابان ليحافظ على موقعه في القمة. وعليه، بات الأخضر يضمن خوض المرحلة الفاصلة للملحق القاري باعتبار أنه سيحتل المركز الثالث في المجموعة، لكن حلم التأهل المباشر إلى مونديال الولايات المتحدة والمكسيك وكندا لم يعد قاب قوسين.
بحسب نظام التصفيات الآسيوية الحالية

يتأهل صاحبا المركز الأول والثاني في كل مجموعة مباشرة إلى نهائيات كأس العالم، بينما تخوض المنتخبات التي تحتل المركزين الثالث والرابع ملحقًا داخليًا يضم ٦ منتخبات من ثلاث مجموعات. يتأهل بطل كل مجموعة ملحق مباشرة إلى مواجهة فاصلة تجمع صاحب المركز الثاني في ملحق آخر وحامل بطاقة القارة السابعة، ثم سيواجه الفائز منتخبًا من قارة أمريكا الشمالية والوسطى للظفر بفاتحة العبور الآسيوي. في هذه الحالة، سيخوض الأخضر مواجهة فاصلة مع صاحب ثاني الملحق الذي قد يخرج من قوائم المنتخبات الأربعة العربية المؤهلة للمنافسة على مقعد المونديال المباشر.
من بين المنتخبات العربية الأخرى التي تبحث في هذه الجولة قبل الأخيرة عن الثبات وضمان التأهل إلى الملحق
نجد العراق والإمارات وقطر. يحتل منتخب العراق المركز الثالث في المجموعة الأولى برصيد ١١ نقطة، خلف كلٍ من إيران وكوريا الجنوبية، ما يجعله قريبًا من حجز مقعد في الملحق الآسيوي بغض النظر عن نتيجة الجولة الأخيرة. فحتى لو انهزم أمام كوريا الجنوبية سيتراجع رصيده إلى ١١ نقطة بينما سيحافظ على الفارق مع أقرب منافسه الفلبين التي قد تصل إلى ١٠ نقاط في حال فازت على لبنان، فيبقى طريق العراق نحو الملحق معبدًا. ومن جهته، يملك منتخب الإمارات فرصة ثابتة أيضًا لبلوغ الملحق بعد أن جمع ١٢ نقطة في المجموعة الثانية، كونه متفوقًا بأكثر من نقطة واحدة عن أقرب منافسه البحرين الذي سيواجه إيران في جولة الختام. ولا يبدو قدر الإمارات أن يتراجع إلى ما دون ١١ نقطة، خصوصًا وأن المواجهة الأخيرة أمام إيران صعبة لكن ليست بعيدًا عن منح الفرصة للفوز بواجب الأداء المضاد والتحضير للمراحل المقبلة.
أما المنتخب القطري فقد ضمن بدرجة كبيرة مكانًا في الملحق
بعد أن وصل إلى ١٣ نقطة في المجموعة الأولى، متخلفًا بنقطتين فقط عن المتصدر الإيراني الذي جمع ١٥ نقطة. وتنتظر المنتخب مواجهة مصيرية أمام الفلبين في الجولة الأخيرة قد ترسّخ حظوظه المباشرة في الملحق أو تتركه في صراع الاعتبار حتى الجولة الختامية. بيد أن فارق الأهداف والإمكانات الفنية للأبيض القطري قد تريح الطاحون من أي مخاوف، خاصة في ظل حرص الجهاز الفني على الاعتماد على أصحاب الخبرات المحلية والعربية فضلاً عن اكتساب خبرات بطولة كأس آسيا الأخيرة.
بخلاف ذلك توجد منتخبات عربية فقدت فرصة العبور إلى المراحل النهائية
رغم أنها بدأت التصفيات بقوة، ومنها عمان التي سقطت في فخ الهزيمة أمام الأردن وفقدت نقاطًا أساسية قد تحول دون عودتها إلى صراع التأهل. كما تراجعت حظوظ منتخب البحرين بعد خسارته أمام السعودية والابتعاد عن مركز الوصافة في المجموعة، ما يضعه أمام احتمالية الانتهاء برصيد لا يؤهله حتى لخوض الملحق. وبذلك، قد تكون هذه أول مرة منذ أعوام تنتهي فيها مغامرة منتخبات عربية منتخبة قبل بلوغ الملحق القاري، ما يؤكد صعوبة تحقيق أمل الصعود إلى مونديال ٢٠٢٦.
في الشكل العام للطريق الآسيوي نحو المونديال
تبرز عدة نقاط فارقة ارتبطت بمدى تأقلم المنتخبات العربية مع نظام النقاط الثلاث والتغييرات التكتيكية التي اعتمدتها المنتخبات المنافسة. فلم يعد الصعود المباشر مبنيًا فقط على الفوز في اللقاءات المتباينة القدرات، بل صار التعويض عبر فارق الأهداف والتفوق على المنافسين في عدد الانتصارات خارج الديار عنصرًا حاسمًا، وهو ما استفادت منه العراق والإمارات في طريقهما المستقر نحو الملحق. أما الأردن بتصدره الترتيب المبكر فقد وظف شهاداته الدولية وخبرات لاعبيه المحترفين في الخارج للتأكيد على جدارته بخوض نهائيات كأس العالم بعد انتظارٍ طويل منذ ٢٠١٤ حين خرج في الملحق.
باختصار، تبدو خارطة طريق المنتخبات العربية في تصفيات كأس العالم ٢٠٢٦ مغلقةً أمام ثلاثة خطوط أساسية
الأولى وهي التأهل المباشر بما يملكه الأردن من بطاقة صعود بالفعل؛ الثانية المشاركة في الملحق الآسيوي عبر العراق والإمارات وقطر والسعودية؛ والثالثة الانتهاء خارج الحسابات النهائية للطبقة العربية في قارة آسيا. ومع تبقي جولة واحدة فقط قبل حسم الجميع مصائرهم، سيكون القلق حاضرًا في عواصم عرب آسيا، إذ تنتظرهم مواجهة صعبة بلا هوادة أمام منتخبات تحلم بدورها بحجز مقعد في المونديال الكبير الذي يستقطب الأنظار عالميًا. المستقبل بين أيدي لاعبين سبق لهم أن صالوا وجالوا في بطولات كبرى، لكن كل شيء يمكن أن ينقلب في ٩٠ دقيقة نهائية، فتلك هي متعة كرة القدم ودراما التصفيات.