
استقر برشلونة بشكلٍ نهائيٍّ على عدم إعادة النجم البرازيلي المخضرم نيمار جونيور إلى صفوفه، رافضًا ما كان يناقشه رئيس النادي جوان لابورتا كخيارٍ واقعيٍّ في السوق الصيفية المقبلة. قرارٌ جاء بعد دراسةٍ معمقةٍ للجوانب الفنية والمالية، وتبيَّن أن حجز مكانٍ في تشكيلة البلوجرانا أصبح حقًا لامين يامال، الواعد العُمر الذهبي للنادي، فضلاً عن مخاوفٍ حقيقيةٍ حول قدرة نيمار على تحمل ضغط المباريات المنتظمة بعد سلسلةٍ من الإصابات العضلية التي عرقلت مسيرته مع سانتوس.
جذور الفكرة.. كيف بدأ الحديث عن “عودة الأسطورة”؟
لم تكن شائعات الصحافة الإسبانية وحدها سببًا في طرح موضوع عودة نيمار لكامب نو؛ بل أكدّت مصادرٌ لصحيفة “سبورت” أن جوان لابورتا – الذي سبق ودعم بقوةٍ عودة ليونيل ميسي الصيف الماضي – وضع على طاولته سيناريو ضم اللاعب مقابل موسم واحد، على أن يصل كوكيل حرٍ في 30 يونيو صيف 2025، ويوقّع على عقدٍ بقيمةٍ تُقدّر بـ 10 ملايين يورو راتبًا سنويًّا، يتناسب مع هيكل الرواتب الحالي في النادي. وكان الهدف الرئيس من وراء هذه الخطوة: منح نيمار مساحةً لاستعادة لياقته قبل خوض نهائيات كأس العالم 2026، الذي يُتوقع أن يكون المباراة الختامية في مسيرته الكروية.
السبب الأوّل… ظهور لامين يامال وألّا يفسد “الوجه الجديد” للنادي

رغم الألقاب والتاريخ الذي يحملهُ نيمار في قلب جماهير برشلونة، برز وجهٌ جديدٌ في ملعب سبوتيفاي كامب نو يُدعى لامين يامال (16 عامًا)، الذي أبدع خلال موسم 2024-2025، فحصد لقب أفضل لاعب صاعدٍ في أوروبا وسار خلف العديد من اللاعبين الكبار في قائمة المرشحين للكرة الذهبية المستقبلية.
• سجّل يامال 12 هدفًا وصنع 18 تمريرةً حاسمةً في جميع المسابقات هذا الموسم.
• أبدع في أدوارٍ هجوميةٍ متعددةٍ تحت قيادة هانزي فليك، ليصبح الشريك المفضل لبدري ورودريغو في إعادة هيكلة وسط الهجوم.
• تتمثل فلسفة النادي الجديدة في إطلاق العنان لمواهب “لا ماسيا” الشابة لتكون قاعدةً ثابتةً لمستقبلٍ طويلٍ، لذا لن يسمح برشلونة بعودة لاعبٍ قد يرفع سقف المشاركة الصغيرة لصالح محترفين كبارٍ على حساب تدرّج نجوم المستقبل.
بهذه المعطيات، بدا أن عودة نيمار تشكل تهديدًا حقيقيًا لمكانة يامال الجديدة باعتباره وجه النادي المقبل، وهو ما رفضه الإداريون حالًا قبل التفكّر في الأساسيات الفنية.
السبب الثاني… شكوكٌ حول الاستمرارية البدنية والأهداف المطلوبة
لم يقف قلق برشلونة على الجانب التنموي للشباب فحسب، بل طال المسار البدني للاعب البرازيلي نفسه؛ إذ خاض مع سانتوس منذ فبراير 2025 خمس مبارياتٍ رسميةً فقط بسبب إصابات عضليةٍ متكررةٍ استمرت 76 يومًا، سجّل خلالها 3 أهدافٍ وصنع 3 أخرى.
• طلب النادي من وكيله بندًا في العقد يضمن تسجيل نيمار لـ 15 هدفًا مع سانتوس قبل ضمه رسميًّا، وهو ما احتاطت سانتوس نفسها بعدم التحميل المفرط للاعب خشية تعرضه للإرهاق.
• لو التزم نيمار باللياقة المطلوبة وشارك بانتظامٍ طوال الموسم، ربما صاغ برشلونة خطةً بديلةً لاستقباله، لكن الظروف أثبتت أن فرصته محدودةٌ أمام المخاطر العضلية وسوء جاهزيته البدني.
من هنا جاء رفض لابورتا حاسمًا، مؤكدًا أن “العودة تتطلب ضمان لياقةٍ مطلقةٍ حتى لا يستنزف عمره الرياضي في التوازن بين النادي والمنتخب”، ولكنه اعتبر في الوقت نفسه أن عودةً مبكرةً قد تهدم مشروع برشلونة الشاب.
ما التالي لـ نيمار؟ سيناريوهاتٌ مفتوحةٌ في الصيف

بعد إغلاق الأبواب رسميًّا أمام “مشوار العودة” إلى إسبانيا، ستتركز خيارات نيمار في:
1. تجديد العقد والمشاركة مع سانتوس حتى نهاية 2026 استعدادًا للمونديال الأخير.
2. الانتقال إلى نادي خليجيٍ كبيرٍ يوفر له الراحة الجسدية والاستقرار المالي قبل الاعتزال.
3. دخول صفقة تبادليةٍ مع أنديةٍ أوروبيةٍ أخرى تسعى لضمه على سبيل الإعارة أو بعقدٍ قصيرٍ في دوري الدرجة الأولى الإيطالي أو الفرنسي.
في كل الأحوال، بدا أن رفض برشلونة لا علاقة له بانعدام ولاءٍ لميسي أو القرارات السابقة لديكو، بل هو قرارٌ استراتيجيٌّ ينبع من رؤيةٍ مستقبليةٍ لضمان استمراريةٍ في الأداء والاستثمار في جيلٍ واعدٍ سيبني أساطيرًا جديدةً في عهد حقبةٍ “ما بعد ميسي”.
أن يُغلق بابٌ أمام النجم البرازيلي يعني أن برشلونة يفضل مشروعًا طموحًا وشابًا يضمن استمرار النجاح لسنواتٍ قادمةٍ، رغم عشقٍ لا يُنسىٍ لحظة احترافٍ تاريخيٍّ تألق فيه نيمار جونيور تحت أضواء “كامب نو”. ولكن “الواقع الرياضي” يفرض عليه الآن مواجهة حقيقةٍ قاسيةٍ: “القلوب العتيقةُ وسيلةٌ، لكن الطريق إلى الأمجاد المستقبلية لا يحتاج سوى إلى رجلٍ واحدٍ يُشعّ نجومًا”.