
في لقطةٍ نادرة لم يعتد عليها متابعو كرة القدم الأوروبية، عمّ دخان السيجار غرفة ملابس برشلونة مباشرةً بعد تتويج الفريق بالثلاثية المحلية، واحتفل الحارس البولندي المخضرم فويتشيك شيتشيسني بطريقته الخاصة التي تستوحي أجواء أبطال الـNBA. البطل الذي قرّر في ديسمبر الماضي الاعتزال والابتعاد عن الملاعب، وجد نفسه غداة إصابة مارك أندريه تير شتيغن مدعوًّا لاستكمال المهمة في مرمى “البلوغرانا” ليبدأ رحلة استثنائية تمتد سبعة أشهر، انتهت بلقطةٍ لا تُمحى عن ذاكرة جماهير كامب نو.
من التقاعد المفاجئ إلى دعوة لا تُقاوم
في بداية الموسم الرياضي 2024–2025، كان شيتشيسني قد أعلن نيته التفرّغ للحياة الهادئة على شواطئ ماربيا الإسبانية، قبل أن يتلقّى مكالمة من المدير الرياضي ديكو والمدرب هانسي فليك تطلب منه تحمل مسؤولية تعويض الحارس الأساسي المصاب.
الصحف الإسبانية (“موندو ديبورتيفو”) أكّدت أن الحديث الأولي جرى عبر صديقه المقرب روبرت ليفاندوفسكي، الذي تواصل مع البولندي ليقنعه بأن “هذا هو التحدي الذي لا يُفوَّت”.
سبعة أشهر من إعادة بناء اللياقة والثقة
لم يكتفِ شيتشيسني بالموافقة على العرض، بل خاض برنامجه التأهيلي تحت إشراف الجهاز الطبي والبدني لبرشلونة، لتتوالى تصريحاته المثيرة للاهتمام على وقع استعادة مستواه بطريقة أشبه بحالات عودة أساطير الـNBA بعد ابتعاد طويل.
وقد أوردت صحيفة “سبورت” الإسبانية أن الحارس المخضرم خضع لاختبارات يومية داخل منشآت التدريبات الجديدة لبرشلونة، مما منحه ثقةً مكنته من الصمود أمام اختبار “ديربي كتالونيا” أمام إسبانيول، ثم في الأدوار الحاسمة لكأس السوبر الإسباني وكأس الملك.
دور محوري في تثبيت الثلاثية المحلية

40 مباراة رسمية خاضها شيتشيسني بقميص برشلونة، في الدوري الإسباني وكأس الملك وكأس السوبر، حافظ خلالها على نظافة شباكه في 18 مواجهة، وتصدى لـ27 تسديدة محققة نحو مرماه.
وكان أبرز اللحظات خلال ركلات الترجيح ضد ريال سوسيداد في نهائي كأس الملك، حين أوقف تسديدةٍ حاسمة سمحت لبرشلونة بالتتويج (2–1)، حسب تقرير “أوك دياريو”.
احتفال “المايكل جورداني” داخل غرفة الملابس
عقب صافرة النهاية في ملعب RCDE بعد حسم لقب الدوري الإسباني بالفوز على إسبانيول (2–0)، تميّز مشهد دخول شيتشيسني إلى غرفة خلع الملابس بدخانٍ أبيضٍ كثيف انبعث من سيجار البطولة الذي أشعله بنفسه، بينما وقف إلى جواره ليفاندوفسكي مبتسمًا.
نشر حساب الحارس على “إنستجرام” فيديو مقتضبًا، بدا فيه وهو يرفع السيجار في الهواء، مع تعليقٍ جاء نصه:
“هذه النكهة لا تضاهيها أي بطولة أخرى. شكراً لكم جميعاً على هذه الرحلة الأسطورية.”
وسرعان ما انتشرت صور “السيجار الملكي” بين جماهير “البلوغرانا” كصورةٍ احتفالية جديدة تتوقّع أن تتحول إلى ترند خلال أسابيع.
الجدل حول التدخين وحرية اللاعبين

لطالما كان شيتشيسني صريحًا بشأن تدخينه، فقد أعلن مدير أعماله سابقًا أنه لا يمانع أن يُظهره الكاميرا وهو يستخدم السيجار الإلكتروني، كما ظهر في ديسمبر الماضي بعد فوز برشلونة على ريال مدريد في ملعب مونتجويك وهو يحمل عبوة النيكوتين.
أثار ذلك جدلاً بين أنصار الرياضة الصحية، لكن النقاد دافعوا عن حرية التعبير والانتصار، معتبرين المشهد رمزًا للاحتفاء بالإنجازات مهما كانت التفاصيل الشخصية لللاعبين.
المستقبل المفتوح ومسار قرار التجديد
بعد النجاح اللافت، عرض برشلونة على شيتشيسني تجديد عقده لعامٍ إضافي مع خيار التمديد لموسم آخر، حسب ما ذكره “سبورت”، لكن الحارس البولندي أكّد أن “أهم قرارٍ ستتخذه عائلتي وأنا هو المكان الذي سنستقرّ فيه الموسم المقبل”.
وأوضح في تصريحاتٍ لوسائل الإعلام الإسبانية:
“أبقى هنا فقط إذا كان القرار مناسبًا لي ولزوجتي. أنا سعيدٌ في هذا النادي التاريخي، لكن يجب أن ندرس كل الخيارات.”
ورغم ذلك، تربط الأوساط الكتالونية بين الرغبة الجماهيرية والإدارية في الإبقاء على رجل اتّسم بالأداء الشجاع والرؤية التكتيكية خلال فترة غياب تير شتيغن، والذي أعاد الثقة لخط الدفاع بشكلٍ لم يكن متوقعًا بعد الاعتزال.
هل تفتح السيجار طريقًا جديدًا لأساطير بريطانيا؟
راقب عشاق كرة القدم العالمية مشاهد دخان السيجار في غرفة برشلونة باعتبارها قد تُلهم نجومًا آخرين للاستلهام من أسطورة الـNBA مايكل جوردان، الذي اشتهر سيجاره الشهير بعد حفلات التتويج.
وقد كتب البعض على “تويتر”: “هاتوا السيجار لجهاز فليك، يستحقونهم بعد هذا الإنجاز!” بينما رأى آخرون أن مثل هذه الصور تضيف لمسة بشرية لأبطال الملاعب وتُحوّل اللاعبين إلى شخصياتٍ فريدة يلتفُّ حولها جمهورٌ متعطشٌ للتفاصيل.
الخلاصة…
في النهاية، تكون قصة فويتشيك شيتشيسني مع برشلونة واحدة من أهم الحكايات التي كتبها “البلوغرانا” في موسم 2024–2025، حيث تحوّل الحارس المخضرم من حالة اعتزالٍ مبكرة إلى بطلٍ احتفل بطريقته الخاصة، مُذكّرًا الجميع بأن للاعبين – مثل الأساطير – حرية الاحتفال بإنجازاتهم بأجواءٍ تعبّر عن شخصياتهم، حتى لو غطّتها غمامة دخان السيجار!