في حوارٍ حصريٍّ عبر برنامج “5 دقائق” الإذاعي
فجر لويس إنريكي الإيطالي الأسبق ونجم الإدارة الفنية الحالية مقاعدٍ كان يغلفها الصمت داخل أسوار نادي نابولي، حين تحدث عن علاقته المضطربة برئيس النادي، أوريليو دي لورينتيس، على الرغم من قيادته الفريق الأزرق إلى تتويجٍ تاريخيٍّ بلقب الدوري الإيطالي بعد غيابٍ تجاوز ثلاثة عقودٍ.
صعود مذهل ثم تباعد لا يُفسّر
تولى لوتشيانو سباليتي تدريب نابولي في مارس 2023 خلفًا لكارلو أنشيلوتي، ونجح في إعادة الحيوية إلى مركز القيادة الفني عبر سلسلةٍ من النتائج الإيجابية في الكالتشيو وأداءٍ هجوميٍّ مفعمٍ بالحماس. لم يقتصر إسهامه على الاستقرار التكتيكي، بل نجح أيضًا في كسب تعاطف الجماهير بفضل كاريزمته وحضوره الميداني المعتاد. وكان تتويج نابولي بلقب «السيري آ» لموسم 2023–2024 هو الأول منذ 1990، حين صال الفريق بقيادة دييغو مارادونا.
غير أن هذه السعادة الجماهيرية والجماعية لم تُترجم إلى دفء في علاقاته مع دي لورينتيس. قال سباليتي بحسرةٍ:
“كانت علاقتي مع دي لورينتيس صراعيةً من اللحظة الأولى، وكنت أتمنى لو أبدى قليلًا من الإنسانية تجاه ما قدمته لهذا الكيان. بعد كل جهدٍ بذلته من أجل إعادة نابولي إلى القمة، لم نتبادل حتى كلمة اتصال بعد وداعنا المهني”.
كواليس ملتهبة في الكواليس
كشف سباليتي عن أن الشرارة الأولى للخلاف جاءت عقب مباراةٍ حاسمةٍ أمام يوفنتوس في ديسمبر 2023، عندما طالبه دي لورينتيس علنًا بضرورة “اللعب بشكلٍ أكثر انضباطًا”، وسط خيبة أمل من الخروج المفاجئ من كأس إيطاليا. وأضاف المدرب المخضرم:
“تبادلنا بعض الكلمات الحادّة حينها، ومن بعدها لم أعد أتلقى أي رسائل شكرٍ أو استطلاع رأي من الإدارة”.
وحين تم طرح فكرة الاحتفال المشترك باللقب، اقترح بعض المقربين من النادي أن تُنظَّم مأدبة عشاءٍ رسميّةٍ بحضور لاعبين وإداريين، إلا أن السباق على صدارة الترتيب جعل دي لورينتيس يفضل لقاءً مقتضبًا أمام الكاميرات دون تفاصيلٍ ودِّيةٍ، ما أزعج سباليتي وجعله يشعر بأن “الإنجاز لم يُعِد تقديرًا كافياً من المسؤولين”.
«كل شيء يبقى بداخلنا»
لم يخفّ سباليتي تأثره بما جرى، وتابع:
“لا شيء يمرّ مرور الكرام بالنسبة لي. إنجازنا العظيم استُهلك في حساباتٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ لم أفهمها. كل شيء يبقى في داخلي ويستهلكني حتى الآن”.
وقد أثارت هذه الكلمات موجةً من التضامن على وسائل التواصل، لا سيما بين جمهور نابولي الذي عبر عن حبه لمدربه ومحاولة فهم هذه “الأزمة الشخصية” التي جاءت بعد أسابيعٍ قليلةٍ من فرحةٍ جماعيةٍ لا تنسى.
الوريث للفريق والمرحلة القادمة
رحل سباليتي عن نابولي في يونيو 2024 بعد انتهاء عقدٍ لم يُجدد إثر الخلافات الإدارية المتكررة. وخلفه الإيطالي الشاب ماتيو ألتوبيلي الذي ورث فريقًا مدججًا بالنجوم بقيادة خوسيه كاييخون وفيكتور أوسيمين، ونجح بدوره في تحقيق نتائجٍ طيبةٍ رغم افتقار “البارتينوبي” للعنصر المفاجئ الذي اعتمده سباليتي في الضغط العالي وبناء الهجمات المرتدة.
أما سباليتي، فقد تفرغ لتولي قيادة المنتخب الإيطالي الأول منذ فبراير 2025
حيث يسعى إلى نقل أسلوبه الهجومي الذي اشتهر به في نابولي إلى الآزوري، من خلال التركيز على التوازن بين الدفاع والوسط والهجوم.
رسالة إلى دي لورينتيس
في محطةٍ تلفزيونيةٍ لاحقةٍ، ردّ سباليتي على تكهناتٍ عن إمكانية تصالحٍ مستقبليٍّ مع دي لورينتيس، فقال بنبرةٍ حاسمةٍ:
“العلاقات لا تُبنى من فراغ، ولا يمكن للذكريات الجيدة وحدها أن تمحو الجفاء. إن أردتُ مصالحةً، فستحتاج إلى مبادرةٍ إنسانيةٍ أكثر من مجرد تغريدةٍ على تويتر”.
وأردف:
“المستقبل بانتظار من يقرأ البُعد الرياضي والإنساني معًا. أنا هنا لأحمل رسالة كرة القدم قبل أي حساباتٍ”.
ختامٌ مفتوحٌ على الأمل
مهما عادت الأيام، فإن “العهد الذهبي” لسباليتي في نابولي سيظل فصلًا لا يُمحى من تاريخ النادي. لكن تذكّر الجميع أن كرة القدم ليست مجرد ألقابٍ وما يُكتب على الورق، بل أيضًا العلاقات الإنسانية التي ترتبط بها. وقد بات من الواضح أن جزءًا من قصة نابولي الذهبية في 2024 لم يُحكَ بعد، وربما تنتظر صفحاتٍ جديدةٍ لسباليتي ودي لورينتيس على ضفاف خليج نابولي.
