زلزال احتراف سعودي يهز أوروبا
شهد ملف احتراف اللاعبين السعوديين في القارة العجوز تحولًا دراماتيكيًا أسهم فيه اسم الظهير الدولي سعود عبدالحميد الذي انتقل في صيف 2024 من صفوف الهلال إلى روما الإيطالي في صفقة قيمتها 2.5 مليون يورو بعقد يمتد حتى يونيو 2028. لطالما رددت الجماهير والمحللون الرياضيون دعوات إلى خروج نجوم الأخضر إلى أوروبا لتعزيز قدراتهم ورفع مستوى المنتخب الوطني، وإن كانت هذه الخطوة اصطدمت في الماضي بصعوبات عدة تمثلت برفض الأندية المحلية التخلي عن لاعبيها وتردد اللاعبين في مواجهة تحديات جديدة بعيدًا عن السعودية.
لكن مع بداية موسم 2024-2025 اتخذت الإدارة السعودية قرارًا حاسمًا بالموافقة على احتراف العديد من الأسماء أبرزهم سعود عبدالحميد، وما لبثت الصحافة أن احتفت بهذه الخطوة واعتبرتها ثورة في تاريخ الكرة السعودية. غير أن الأيام الأولى في الدوري الإيطالي كشفت أن الأمر لم يكن سهلاً، إذ ظل لاعب الهلال السابق حبيسًا لمقاعد البدلاء، مما أثار مخاوف من هز استمرارية مشاركته وتأثير ذلك على مكانته مع الأخضر.
اختلطت الآراء حول ما يلوح في الأفق من تطورات، وكان الإعلامي وليد الفراج الأكثر صخبًا حين أشار في برنامجه إلى وجود “ملف خطير” يتعلق بوكيل اللاعب أحمد المعلم، ودعا الجهات المختصة للتحقيق في دوره في نقل سعود إلى روما تحديدًا، معتبرًا أن اختيار هذا النادي لم يكن موفقًا وأنه أضر بمسيرة اللاعب. وتبنى هذا الطرح حسابات أخرى على منصة “إكس” معتبرةً أن الفراج أراد الضغط على المعلم لتسهيل عودة سعود إلى الهلال، وأشعل صالح الفهيد الجدل بتغريدة بيّن فيها أن الرسالة الوحيدة التي أراد إرسالها كانت تهديدًا للمسؤول الإداري ليعيد اللاعب إلى صفوف ناديه السعودي.

وفيما يتهم بعض الإعلاميين وكيل اللاعب بسوء التقدير، تكشف الأرقام عن أن عبدالحميد لم يحصل على فرص كافية لإثبات إمكانياته، فقد شارك في ثماني مباريات فقط بواقع 380 دقيقة، سجَّل هدفًا وصنع تمريرة حاسمة واحدة في الدوري الأوروبي مع روما، ليكون أول سعودي يسجل في مسابقة أوروبية كبرى عندما أحرز هدفه أمام سبورتنج براجا، رغم محدودية الدقائق التي حصل عليها. هذه الأرقام تعكس حجم الموهبة التي يمتلكها الظهير الأيمن وقدرته على التطور، شرط منحه ثقة الاستمرار والمشاركة الأساسية.
ومع اقتراب موسم 2025-2026 تتنوع الأنباء حول مستقبل سعود عبدالحميد، إذ تشير مصادر صحفية تركية إلى اهتمام جالطة سراي بضمه رغبةً في مشاركة اللاعبين في دوري أبطال أوروبا، بينما ترددت عروض فرنسية رسمية من تولوز ولانس، كما يلوح في الأفق اهتمام إنجليزي وإيطالي. أما على الصعيد المحلي فترى تقارير أن أندية الاتحاد والهلال والأهلي ونيوم تتطلع لاستعادته، في حال قرر العودة إلى السعودية بحثًا عن فرصة أكبر للمشاركة والتألق.
يطرح هذا الواقع سؤالًا محوريًا حول جدوى استمرار تجربة الاحتراف السعودي في أوروبا: هل تستحق المواصلة رغم الفشل النسبي في بعض الحالات أم من الأفضل الإرجاع إلى الملاعب المحلية؟ يرد محللون أن التجربة في حد ذاتها مكسب للكرة السعودية، حتى وإن لم تنجح كل الصفقات، لأنها تثري خبرات اللاعبين وتكسر حاجز الخوف من الاحتكاك القوي. ويضيفون أن المفتاح يكمن في اختيار الأندية المناسبة التي تتيح مكانًا أساسيًا للاعبين، فلا ينفع التعاقد مع فرق لديها منافسة داخلية شرسة تترك اللاعبين على الدكة.

ومن هذا المنطلق يؤكد خبراء أن سعود عبدالحميد يحتاج إلى مشروع مصمم يضعه في قلب التشكيل الأساسي، سواء عبر استمرار في روما بشرط تعديل الاتفاقيات لضمان دقائق لعب كافية، أو عبر انتقال يضمن له اللعب المنتظم، وإلا فإن العودة للسعودية قبل انطلاق نهائيات كأس العالم 2026 ستكون الخيار الأمثل لتفادي تراجع مستواه والإبقاء على جاهزيته للمنتخب.
يبقى الأمل معقودًا على صناع القرار في الأندية والوسطاء الرياضيين لتفادي تكرار أخطاء الماضي وتبني استراتيجيات تعيد للمحترف السعودي بريقه في أوروبا، فالتجربة لا تنتهي بالفشل الأول بل تبدأ من بوابة الدراسة المتأنية لاختيار النادي الذي يلائم طموحاته ومستواه. ومع انطلاقة الموسم الجديد يتطلع جمهور الكرة السعودية لرؤية هؤلاء النجوم يحققون أحلام الاحتراف ويثبتون جدارتهم على الساحة الأوروبية.