مع اقتراب موسم الانتقالات الصيفية يعود اسم فويتشيك شتشيسني إلى دائرة اهتمامات المتابعين بعد تأكيد موافقته على تجديد عقده مع نادي برشلونة لموسمين إضافيين بالرغم من علمه بأنه سيكون الخيار الثاني لحراسة المرمى خلف مارك أندريه تير شتيجن، وفي هذا السياق تتجلى عدة جوانب فنية وإدارية تسلط الضوء على خلفيات هذا القرار ومدى تأثيره على مستقبل حراسة المرمى في “الكامب نو”
مسيرة بولندية في الأندلس
انضم شتشيسني إلى صفوف برشلونة في يناير الماضي قادمًا من أندية إنجليزية كبرى بعد تجربة مميزة في يوفتوس وروما تحت إشراف مدربين مخضرمين، وقد جاء انتقاؤه لتعويض غياب تير شتيجن الطويل إثر الإصابة التي أبعدته عن الملاعب لعدة أشهر، وقد قدم الحارس البولندي مستويات ثابتة لفتت الأنظار إليه منذ الظهور الأول أمام خصوم في “لا ليغا” وكأس الملك مما جعله مكتشفًا جديدًا في تشكيلة هانز فليك.
تفاهم مبكر مع فليك
برغم خوضه لـ 12 مباراة فقط إلا أن شتشيسني أثبت جدارته في التعامل مع أسلوب لعب برشلونة المبني على خروج الكرة من الخلف والتمرير القصير تحت الضغط، وقد أشاد المدرب الألماني بالقدرة الفائقة التي يمتلكها الحارس في قراءة التحركات واقتناص الكرات العالية، ما دفع إدارة النادي لدخول مفاوضات جادة معه لضمان بقائه في الكاتالونيا على الأقل لموسمين آخرين.
شروط التجديد ورد الفعل الرسمي
قدم برشلونة عرضًا رسميًا لتجديد العقد لمدة موسمين مع إمكانية فسخه بالتراضي بعد الموسم الأول في 2026، ويشمل العرض حوافز مالية بناءً على عدد المباريات والبطولات التي سيحققها النادي، وقد وافق شتشيسني على العرض معربًا عن ارتياحه للبيئة الاحترافية والدعم المعنوي الذي وجده في غرف الملابس، وهو ما أكده في تصريحات نقلتها صحيفة “سبورت” الإسبانية: “أشعر بالراحة هنا وسأعمل على تقديم أفضل ما لدي لخدمة النادي”.
السنوات المنتظرة في الكامب نو
رغم أن تير شتيجن سيعود لتعزيز تشكيلة برشلونة مستقبلًا، فإن التجديد مع شتشيسني يمنح الفريق استقرارًا في مركز حراسة المرمى ويعطي فليك خيارات فنية متكاملة للتناوب بين الحارسين خلال موسم طويل يضم منافسات الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا وكأس السوبر. ومن المتوقع أن يشهد الموسم القادم مشاركة متوازنة بين البولندي والألماني حسب جداول المباريات وحالة اللياقة البدنية لكل منهما.
ضحايا القرار وأبعاد انتقال جوان جارسيا
وسيعني استمرار شتشيسني أن تير شتيجن قد يجد نفسه تحت الضغط للرحيل بحثًا عن دور أساسي، خاصة في ضوء رغبة الإدارة الكاتالونية في التعاقد مع حارس إسبانيول الشاب جوان جارسيا، ما سيجعل الأخير الخيار الثالث مع إمكانية تصعيده تدريجيًا عند الحاجة؛ الأمر الذي قد يدفع تير شتيجن وإيناكي بينيا للبحث عن عروض خارجية في سوق الانتقالات المقبل.
دوافع شخصية ومهنية
اختيار شتشيسني للتجديد رغم علمه بدوره الثانوي يعكس طموحه في أن يكون جزءًا من مشروع برشلونة طويل الأمد والمشاركة في المنافسات الأوروبية، إضافة إلى الاحتكاك اليومي بمعايير الاحتراف العالية داخل أسوار النادي. وتأتي هذه الخطوة أيضًا في إطار خطة إدارة برشلونة للاعتماد على عناصر قادرة على دعم الفريق تقنيًا ونفسيًا، وهو ما رأيناه عندما تألق شتشيسني في المباريات الحاسمة ضد أندية بحجم ريال مدريد وأتلتيكو.
تأثير القرار على صفوف منتخب بولندا
يأتي التجديد مع برشلونة في توقيت يحتاج فيه المنتخب البولندي إلى خبرات أفراده المحترفين في الأندية الكبرى قبل خوض نهائيات كأس أوروبا وكأس العالم القادمة. وقد يؤثر تراجع دقائق لعبه على موقعه ضمن الأولويات في قائمة الحراس الأساسين للمنتخب، لكن استمراره في صفوف فريق عالمي يوفر له فرصة التدريب اليومي بمستوى عالٍ يعوض هذا التأثير ويزيد من فرص استدعائه.
قراءة فنية لمستقبل المرمى الكتالوني
يعكس وقع اختيار شتشيسني على فلسفة فليك التي تعتمد على تنوع الخيارات التكتيكية، ويعطي الفريق فرصة لتطبيق أنماط لعب هجومية ودفاعية دون قلق من الجانب النفسي للحارس، خاصة في المباريات التي تتطلب مشاركة بديل عند تراجع مستوى الحارس الأساسي. وبذلك، تكون إدارة برشلونة قد ضمنت مظلة أمان لمركز المرمى خلال السنوات القليلة المقبلة.
في الختام
يبقى قرار شتشيسني رهانًا ذكيًا من جانب الإدارة ومنهجه خيارًا احترافيًا للمهاجم الذي يفضل الاستعداد المبكر لدور بديل يفتح أمامه أبواب المشاركة في أكبر البطولات، ويعزز من قيمة برشلونة الفنية والاقتصادية في سوق اللاعبين قبل انطلاق الموسم الجديد الذي يعد بالكثير من التحديات والفرص.
