في لقطات مثيرة داخل سوق الانتقالات الصيفي في الرياض، يبدو أن الأسطورة البرتغالية كريستيانو رونالدو يماطل في تجديد عقده مع نادي النصر، معلنًا رغبته في الانتظار حتى تتضح معالم مشروع الفريق الفني والصفقات المنتظرة قبل التوقيع الرسمي.
اتفاق شفهي مع الإدارة وتأجيل التوقيع
انضم رونالدو إلى النصر في يناير 2023 بعقد استمر موسمَيْن ونصف، ليصبح وجهًا إعلاميًا ورمزيًا للكرة السعودية. وانتهى الموسم الحالي 2024–2025 بمستويات متفاوتة للفريق الأصفر، فتباين الأداء الجماعي في دوري روشن وكأس الملك ودوري أبطال آسيا ترك كثيرًا من علامات الاستفهام حول قدرة النادي على المنافسة بقوة في المواسم المقبلة.
منذ أسابيع، أُشيع عن توصّل الجانبين لاتفاق شفهي يقضي بتمديد التعاون لموسمين إضافيين، يمتدان حتى صيف 2027، مع تعزيز الشروط المالية والمعونات الخاصة بالأسطورة البالغ من العمر أربعين عامًا. لكن حتى الآن، لم يُقدّم رونالدو توقيعًا رسميًا، ما فتح باب التكهنات حول خلفيات هذا التأجيل.
غضب من الأداء وطلب رؤية التعديلات

وفقًا للصحفي البرازيلي برونو أندرادي، فإن رونالدو ليس راضيًا عن الصورة التي ظهر عليها النصر هذا الموسم، ولا عن تراجع مستوى الانسجام بين اللاعبين في الأوقات الحاسمة. وأشار أندرادي في تصريحاته لجريدة «يو أو إل» إلى أن النجم البرتغالي يطالب بمنح المجلس نصيبًا من الوقت لتنفيذ خطة تطوير الصفوف وتعيين مدربٍ جديد، قبل الإقدام على خطوة تمديد العقد.
«رونالدو يريد ضوءًا أخضر على مستوى الطموحات الفنية واستقرار القيادة الفنية قبل أن يربط مستقبله بالنادي»، بحسب ما ذكره برونو أندرادي.
شرط المدرب الجديد والصفقات المرتقبة
من جانب آخر، أكد خوسيه فيليكس دياز، رئيس تحرير صحيفة «ماركا» الإسبانية، أن الملف الأبرز في ذهن كريستيانو هو شخصية المدير الفني المقبل. فبعد رحيل روي فيتوريا على غير المتوقع، وتعيين جهاز مؤقت بين شهور الموسم، بات السؤال الأهم: من سيقود المشروع الفني في المرحلة القادمة؟ ويربط رونالدو توقيعه الرسمي بالإعلان عن هوية المدرب الأجنبي، وتتبع ذلك بحركة تدعيم مركز المهاجمين وصانع الألعاب الذي يتطلبه أسلوبه الهجومي.
كما يراقب النجم البرتغالي باهتمام أخبار سوق الانتقالات، خاصة ما يتعلق بضم لاعب «ظهير هجومي» يدعم جبهته المفضلة، وقائد دفاعٍ قادر على تنظيم الخط الخلفي، إلى جانب محترف «صانع ألعاب» يساهم في تحميله عبء الإبداع وصناعه الأهداف. ويرى كريستيانو أن هذه الإضافات ستساعده على تجاوز محنة الأداء المتذبذب في الربع الأخير من الموسم، وقد تؤمن له فرصًا أكبر في المحافظة على حصيلة تهديفية كبيرة.
إنجازات مهرقلة وأسباب الانتظار

خلال عامٍ كامل في الكرة السعودية، قلّص رونالدو الفارق مع هدافي دوري روشن، وأصبحت شهرته مصدر جذب كبير لكل أطراف المنظومة. وقد قاد النصر لتحقيق لقب كأس السوبر رغم أخفاقاتٍ متفرقة في البطولة الآسيوية والدوري. ومع ذلك، فإن الأسطورة التي اعتادت على الفوز بكل شيء لم ترضَ بالمركز الثاني أو الثالث على مستوى المسابقات المحلية، وهو ما دفعه لمطالبة الإدارة بتشكل أقوى كتيبة ممكنة الموسم المقبل.
ويرتبط قرار التجديد بالنسبة لرونالدو برغبته في البقاء منافسًا على الألقاب الشخصية والجماعية على حد سواء. فهو لا يقبل إلا بخيارات تقلل من المخاطر التي قد تُعيقه عن إضافة أهدافٍ جديدة إلى رصيده المتنامي، ولا تنسيه عن التحدي الأكبر الذي هو الفوز بالدوري السعودي وكأس الملك في آن واحد.
تأثير القرار على سوق الانتقالات
أرجأ تأجيل رونالدو لحسم موقفه المفترض أن يؤثر على خطط النصر في «الميركاتو»، إذ يضطر مجلس الإدارة إلى تأمين بدائلٍ في حال رحيله، خاصة على مستوى خط الهجوم. ويُتوقع أن يرفع النادي من سقف عروضه لأبرز المهاجمين في قوائم الدوري الأوروبي أو من أمريكا الجنوبية، كما قد يُدخل صفقات تبادلية لخدمة مصلحة الفريق.
ردود فعل الجماهير والنادي
على الجانب الآخر، يُشعر تأخر التوقيع أساطير النادي والجماهير بقلقٍ مشروع، فهم يعلقون آمالًا كبيرة على استمرار تواجد أفضل لاعب في العالم خمس مرات، والذي رفع من قيمة دوري المحترفين السعودي على الخارطة الدولية.
الانتظار حتى الحسم الرسمي
حتى اللحظة، يبقى الوضع معلقًا بين تأكيدات «الماركا» وحرص برونو أندرادي على الكشف عن احتياجات رونالدو الفنية، وبين رغبة النصر في حسم ملف تجديد العقد بأسرع وقت قبل انطلاق فترة الإعداد للموسم الجديد. وقد تنتهي المشاورات بحضورٍ مميزٍ للبرتغالي في الرياض أشهرًا مقبلة، أو قد يختار العودة إلى وجهةٍ أوروبية أو أمريكية لم يخض غمارها بعد.
في خضم هذا الجدل، باتت الأنظار شاخصة صوب الإدارة التنفيذية في نادي النصر، التي عليها أن تجيب عن سؤالين حاسمين: من هو المدرب الذي سيرضيه، وما الصفقات التي ستجعله يتعهد رسمًا بمواصلة المشوار حتى صيف 2027؟ تلك الصورة الكاملة تنتظر توقيع رونالدو الكريم على الورق، لتسدل الستار على أكثر ملفٍ مثارٍ للجدل في تاريخ الكرة السعودية الحديث.