أزمة تتفجر بين الشوطين
لم يكن انهيار النصر في الشوط الثاني أمام الاتحاد (3-2) مجرد سقوطٍ تكتيكي على أرض الملعب، بل تلى ذلك انفجارٌ حادٌّ في غرفة الملابس، شهدته لحظات من التوتر الشديد بين كريستيانو رونالدو وزملائه، تبلورت في تصريحاتٍ حاسمةٍ وتحذيراتٍ من ارتكاب الأخطاء نفسها، قبل أن يتكرر السيناريو ويطيح بآمال “العالمي” في استعادة صدارة دوري روشن السعودي.
حينما خرج لاعبو النصر إلى غرفة الملابس عند صافرة نهاية الشوط الأول، كانوا مطمئنين إلى تفوقٍ منحهم إياه هدفي عبد الرحمن العبّود وكريم بنزيما قبل دقائق من الاستراحة. إلا أن توتر أجواء المنافسة الكبيرة على لقب الدوري دفع النجم البرتغالي إلى مخاطبة زملائه بحدة غير معهودة، بحسب ما أفادت “الشرق الأوسط”.
قال رونالدو:
“لا يمكننا أن ندع الاتحاد يتحكم في مجريات المباراة بعد الاستراحة. لقد تحكمنا في اللعب حتى الآن، ولكنهم أسرع ممّن نعتقد، وإذا لم نتعاون دفاعيًا وهجوميًا كجسمٍ واحد، فستكون عواقب ذلك وخيمة.”
• توجيهات تكتيكية دقيقة:
وشرح للإسباني ألبيرتو بوتيا وحسام الغامدي ضرورة تقارب الخطوط والضغط المستمر على حامل الكرة، لقطع إمدادات الاتحاد السريعة، محذرًا من تكرار الأخطاء التي شهدها الفريق في الجولات الأخيرة.
تحذير المدرب الإيطالي

لم يقتصر الأمر على قائد الفريق، بل حرص ستيفانو بيولي، المدير الفني، على تقوية هذا الموقف خلال اجتماعٍ تكتيكي سريع في غرفة الملابس. وفقًا للمصادر نفسها، حذر بيولي لاعبيه من الثغرات المفتوحة في العمق الدفاعي، وأكد:
“الاتحاد يعتمد على الهجمات المرتدة، وهم يملكون لاعبين قادرين على قلب النتيجة في دقائق معدودة. إذا ضاعفنا المسافات بين خط الدفاع والوسط، فقد ينفذون عليك مرتين ثم يقتلون المباراة.”
وقد ركز المدرب الإيطالي على تطبيق نظام الضغط العالي في منتصف الملعب، مع إلزام الجناحين بالعودة سريعًا للخط الخلفي عند فقدان الكرة، وهو ما لم يطبق بدقة في النصف الثاني.
انعطافة الشوط الثاني
وعندما انطلقت صافرة الشوط الثاني، بدا أن الكلمات التحذيرية لم تجد صدى حقيقيًا على أرضية الملعب. ففي الدقائق الخمس الأولى، افتُتحت أبواب النصر أمام تحركات شباب الاتحاد:
- هدف رومارينيو (47'): تقليص الفارق.
- هدف أحمد السميري (55'): التعادل.
- هدف سلطان الغنام (78'): القاتل.
هذا السقوط المزدوج كشف عن فقدان السيطرة النفسية والفنية، وأجبر بيولي على تعديلٍ متأخرٍ دفع به بنزيما للعب كرأس حربة صريح إلى جانب رونالدو، وتغيير مركز دييجو لوزانو، لكن الوقت كان قد فات.
ردود فعل لاعبي النصر

على الرغم من انفعال رونالدو، بقي بعض الزملاء يتحسسون مواقعهم بعد المباراة، إذ اعترف عبد الرحمن العبّود بصعوبة الحفاظ على التركيز بعد الهدفين المبكرين، قائلاً:
“استعجلنا استعادة السيطرة، ولم نلتقط الإشارات التحذيرية جيدًا. الاتحاد يستغل أقل فرصة للانقضاض.”
أما ألبيرتو بوتيا، فرفض تحميل رونالدو أو أي لاعب مسؤوليةٍ فردية قائلاً:
“الجميع يتحمل جزءًا من هذا الفشل. الأمور مربكة عندما تفقد تناسق المجموعة بالكامل.”
وتوقع بعض اللاعبين أن يقوم القائد البرتغالي بالاعتذار عن حدة الكلمات، بينما بدا واضحًا أن الحديث مع زملائه مرّ كدرسٍ قاسٍ سيبقى راسخًا طوال الأسابيع المقبلة.
انعكاسات على سباق اللقب
تأتي هذه الهزيمة في توقيتٍ حرجٍ للنصر، الذي كان يبتعد بثلاث نقاط عن الاتحاد المتصدر قبل الجولة الثلاثين. ومع بقاء أربع مباريات فقط على نهاية الموسم، يزداد الضغط على “العالمي” للفوز بلا أخطاء.
خلال المؤتمر الصحفي بعد اللقاء، أكد بيولي أن درس الكلاسيكو سيكون حاضراً في تحضيراتهم للمواجهة القادمة أمام الهلال:
“سندرس الأخطاء بالتفصيل ونصحح طريقة انتقالنا من الدفاع إلى الهجوم. لا بد من صلابة ذهنية أكبر.”
بدوره، استبعد فهد بن نافل، رئيس النادي، فكرة التأثر بهذا السقوط في المدِّ الآخر قائلاً:
“بطولة الدوري طويلةٌ ومعقدة، وهناك فرصة للتعويض. المطلوب الآن هو استعادة الروح الجماعية.”
هذا التعليق أعاد الثقة إلى غرفة الملابس، لكن المشاكل الفنية والنفسية ستحتاج إلى معالجة فورية.
قراءة تكتيكية للمستقبل
يرى المحللون أن تطبيق أسلوب الضغط العالي الذي طالب به رونالدو وبيولي سيتطلب زيادة التفاهم بين الثنائي حسام الغامدي وموسى ديابي على الأجنحة، مع تقوية محاور الارتكاز بمشاركة محمد كنو أكثر تدخلاً في قطع الكرات.
كما قد يستعين بيولي بخيارٍ تكتيكيٍ جديدٍ يعتمد على ثلاثي وسط ميدانٍ متوازنٍ دفاعيًا وهجوميًا، مثل دمج لوسيانو فييتو بشكلٍ أعمق بدل الاعتماد على مهاجمٍ ثانٍ صريح.
خلاصة كواليس الغرفة:
- رونالدو حدّد نقاط ضعفٍ دفاعية هامة، وحذّر من انتهاكها بالمرتدات.
- بيولي دعم موقف القائد بتحذيراتٍ تكتيكية، لكنه افتقد للتنفيذ الميداني.
- اللاعبون اعترفوا بتراجع التناسق واحتاجوا إلى إعادة بناء الانضباط الجماعي.
- الإدارة تؤكد الثقة بالفريق وتعد بمعالجة الأسباب بعيدًا عن الذرائع الفردية.
بينما يستعد النصر لمواجهة الهلال في كلاسيكوٍ آخر قد يغير خريطة الصراع على اللقب، تبقى كواليس هذا اللقاء بمثابة جرس إنذارٍ على ضرورة توحيد الجهود، وتقاسم المسؤوليات، واستيعاب دروسٍ مؤلمةٍ قبل فوات الأوان.