تعاني كتيبة ريال مدريد هذا الموسم من هشاشة واضحة في الارتكاز، ما دفع الفريق للتخلي عن منافسة الألقاب الكبرى واقترب من الخروج دون أي بطولات، رغم بقائه على قيد الحياة في الكأس الوطني وسباق الليغا حتى الآن. تظهر معطيات المباريات الأخيرة أن العجز في بناء الهجمات واحتواء خصوم الديربيات الأوروبية يجعلان الفريق محاصرًا بين مخاوف الدفاع وضعف الإبداع.
تراجع الأداء ونتائج آخر الجولات
في آخر خمس مباريات خاضها الفريق على مختلف الصعد، حقق الفوز مرّة واحدة فقط، مقابل ثلاث هزائم وتعادل وحيد. بدأت السلسلة الخالية من النقاط بانكسار مفاجئ أمام أرسنال في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، ثم تكرّرت الخسارة في الإياب بطريقة مهينة دفعته للخروج دون إظهار أي مقاومة حقيقية. وعلى الصعيد المحلي، لم يمنع الضغط الهجومي للمنافسين الملكي من اقتناص نقاط ثمينة من أمامه، ما أثّر سلبًا على حظوظه في المحافظة على لقب الدوري ودفعه للثالثة أو الرابعة في الترتيب.
خسارة توني كروس وتأثيرها الفادح

يرى محللون أن الركن الأساس في هذه الأزمة هو اعتزال الألماني توني كروس بنهاية الموسم الماضي. فأكثر من نصف نجاحات المواسم السابقة كانت مرهونة بتحكمه في إيقاع المباريات وقدرته على توزيع الكرة بدقة تصل إلى 90% في معظم الأوقات. ومع غيابه، فقد الشياطين البيضاء بوصلة الانتقال السلس بين الدفاع والهجوم، حيث صارت الكرات الطويلة أقل جودة والاختراق عبر الأجنحة يتطلّب جهدًا مضاعفًا من الجناحين.
انتقادات من داخل الوسط الصحفي
عبّر الإعلامي داني جاريدو، عبر برنامج كاروسيل ديبورتيفو على إذاعة كادينا سير، عن اعتقاده بأن هذه هي أسوأ كتيبة وسط مرّ بها ريال مدريد طوال تاريخه. وصرح قائلًا:
"الفريق يفتقر إلى صانع الألعاب الذي يُملي نسق اللعب، ولا يمكن أن تستمر دورة الكرة بهذه الحالة دون أن يتأثر الأداء الجماعي والإنتاج التهديفي".
وأضاف جاريدو أن الإدارة بقيادة فلورنتينو بيريز أهملت سد الثغر الذي خلّفه كروس، ورفضت ضم لاعبٍ خبرته تؤهله لدور المحرك رقم "8" أو "6"، مما جعل "الميرينغي" يعتمد على ثنائي ارتكاز مغاير لا يملك المراقبة الميدانية نفسها.
أين أخطأ كارلو أنشيلوتي؟
لا يقتصر الأمر على غياب صناعة اللعب، بل امتد إلى القرارات الفنية للمدرب كارلو أنشيلوتي. فاتباع خطة 4-3-3 المبنية على توسع الأجنحة وتدوير الكرة بدقة صار أقل فعالية حين لا توجد نقطة ارتكاز ثابتة. وقد لُمَس هذا بوضوح في مباريات الضغط العالي ضد فرق مثل فالنسيا وأتلتيكو، حيث عجز الوسط عن التراجع السريع وبقيت المساحات خلف الأظهرة مكشوفة أمام الفرق المنافسة.
سيناريوهات التعافي المحتملة

1. تدعيم الارتكاز صيفًا
• يوقّع المرصد الرياضي على ضرورة ضم لاعبٍ ثانٍ قادر على توزيع اللعب والعودة بسرعة إلى مناطقه، مثل أمثال بيدري أو خوان ماتا في نسخ سابقة، لكن بسجل دفاعي أقوى.
2. تعديل الخطة
• اللجوء إلى 4-2-3-1 مؤقتًا، مع إشراك لاعب في قلب الدفاع يغطي أمام الظهير عند تقدم الأخير، لتفادي فجوات الكرات المرتدة.
3. اعتماد بديل محلي
• الدفع أكثر بلاعبين شباب من الفئات الرديفة، أمثال ماركو أسينسيو أو ميجيل غوتي، لمنحهم فرصة اكتساب الثقة، رغم أن الأمر محفوف بالمخاطر في مثل هذه المباريات الحاسمة.
ردود فعل الجماهير والإدارة
قوبل تراجع النتائج بسخطٍ لدى الجمهور الملكي، الذي عبر عن تخوّفه من فقدان لقب الدوري وإنهاء الموسم خالي الوفاض لأول مرة منذ سنواتٍ طويلة. على الجانب الآخر، تجنّب فلورنتينو بيريز الخروج العلني لتبيان خطة واضحة، مكتفيًا بالحديث عن "ثقة مطلقة في قدرات أنشيلوتي" وضرورة "التحلّي بالهدوء حتى نهاية شهر مايو".
الخلاصة والتطلعات
مع استمرار انخفاض مستوى خط الارتكاز، يواجه ريال مدريد خطرَ تكرار موسمٍ صفري دون تحقيق ألقاب، وهو ما يتناقض مع طموحاته التاريخية. يبقى الحل الأنجعّ في إجراء تعديلٍ جذري لنظام الدفع في منتصف الميدان، عبر استقطاب صانع لعب من طراز رفيع، أو إعادة ضبط الخطة التكتيكية لمواكبة غياب أحد أهم ركائز الفريق في العقد الأخير. وختامًا، لا بدّ من اعترافٍ صريح بأن التصحيح لا يتحقق بكلمات الدعم فحسب، بل بالإجراءات الميدانية والإدارية التي تترجم رؤية سعيدة بالمستقبل.