
شهدت أروقة دوري روشن السعودي هزة قوية بتأكيد لجنة الانضباط والأخلاق إيقاف حارس مرمى الفتح، نواف العقيدي، لمباراة واحدة رسمياً، بسبب تصرفاته الاستفزازية تجاه جماهير الهلال خلال المواجهة التي جرت في 16 مايو الجاري ضمن الجولة الـ32.
العقوبة جاءت ضمن قرار غير قابل للاستئناف، وإضافة إلى غرامة مالية بلغت 50 ألف ريال، مما يجعل حارس الفتح المعار من نادي النصر يغيب عن مواجهة ضمك المقبلة، ويثير تساؤلات كبيرة حول مدى التزامه بالاحترافية داخل وخارج المستطيل الأخضر.
خلفية المباراة: الهلال يقلب الطاولة على الفتح
في صلب الحدث، تمكن الهلال من قلب الطاولة على الفتح في أواخر المباراة، بعدما كان “النموذجي” متقدماً بثلاثة أهداف مقابل هدفين حتى الدقيقة 84.
ثم خطف النجم الصربي ألكسندر ميتروفيتش هدفين قاتلين في الدقيقتين 85 و90+2، ليحسم الزعيم اللقاء بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، محافظاً على آماله في الوصافة برصيد 71 نقطة، بينما جمد الفتح عند 33 نقطة في المركز الـ14، مهدداً بالهبوط للدرجة الأدنى إذا فشل في تحسين نتائجه.
تصرفات العقيدي تُغضب الجماهير وتُحرك الآليات الإدارية

ما زاد الطين بلة بالنسبة للفتح كان تصرف نواف العقيدي عقب هدف مراد باتنا الثالث، إذ اندفع الحارس نحو الجماهير الهلالية المتمركزة خلف مرماه وراح يطلق إشارات استفزازية، مصحوبة بقبلات ساخرة كُررت أكثر من مرة.
التفاعل الجماهيري كان فورياً؛ فقد قام بعض مشجعي الهلال برمي زجاجات المياه نحوه مباشرة داخل الملعب، ما دفع إدارة المباراة إلى رفع تقرير عاجل للجنة الانضباط والأخلاق، التي أصدرت قرارها سريعاً بإيقافه مباراة رسمياً وتغريمه مالياً.
تفاصيل العقوبة… لا استئناف ولا هوادة
كشفت لجنة الانضباط أن العقوبة شملت:
- إيقاف رسمي: مباراة واحدة ضد ضمك (الجولة 33).
- غرامة مالية: 50 ألف ريال سعودي تودع في حساب الاتحاد.
- عدم إمكانية الاستئناف: القرار نهائي وغير قابل للطعن.
قرار قد يلقى ترحيبًا من بعض الأطراف التي ترى أن تصرفات العقيدي تجاوزت حدود المنافسة الشريفة، فيما قد يثير غضب آخرين ممن يعتبرونه اعتداءً على حرية التعبير والاحتفال بالنجاحات الشخصية.
ضربة قوية للفتح قبل ختام الدوري
غياب النجم المخضرم عن مواجهة الفتح أمام ضمك في الجولة الـ33 يُعد ضربة للفريق، لا سيما وأن العقيدي يقدم مستويات متذبذبة هذا الموسم، ويُعتبر من الركائز الأساسية في تشكيلة المدرب تيتمار بيريز.
المباراة المرتقبة، والتي تأتي قبل جولة واحدة من ختام الموسم، لن تكون سهلة على “النموذجي” في ظل ضرورة الحفاظ على الفوارق النقطية مع الفرق المهددة بالهبوط.
العقاب ليس الأول… العقيدي في دائرة الضوء منذ فبراير

ولم تكن هذه العقوبة الأولى من نوعها هذا الموسم، فقد سبق أن أوقفته لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين في الاتحاد السعودي لكرة القدم لمدة خمسة أشهر وتغريمه 300 ألف ريال في فبراير 2024، إثر رفضه الالتحاق بمعسكر المنتخب السعودي قبل كأس آسيا، بدعوى أنه سيجلس على مقاعد البدلاء كحارس ثالث.
الواقعة آنذاك أثارت جدلاً واسعاً وأكدت وجود خلل في إدارة العلاقة بين اللاعب وقيادات الفتح والنصر والاتحاد على حد سواء.
ردود فعل الإعلام والنقد الرياضي
انتقد عدد من نجوم الإعلام الرياضي مثل محمد الهريفي وعبد العزيز الدوخي سلوك العقيدي، واصفين إياه بأنه “طفولي” و”غير احترافي”، لا يليق بحارس كبير في سن الـ25 يمتلك طموحاً للمنافسة على البطولات.
وكتب الهريفي عبر حسابه في “تويتر” أن العقيدي “يحتاج إلى وقفة صادقة مع نفسه قبل أن يفقد فرصته في تحقيق إنجازات أكبر”، فيما أكد الدوخي أن الكرة السعودية “بحاجة إلى نجوم يلتزمون بالقيم والأخلاق أكثر من حراس يطلون بالعنف اللفظي”.
الجمهور ينقسم… مؤيد ومعارض
من جهة أخرى، يدافع بعض الجمهور عن العقيدي، معتبرين أن قلب الطاولة والهزيمة القاتلة أمام الهلال كانت وراء اندفاعه العاطفي، وأن ردة فعله جاءت كرد طبيعي للاحتفال بهدف الفوز الظني.
هؤلاء يطالبون بضرورة التركيز على أخطاء الفريق الدفاعية والمتغيرات التكتيكية التي سمحت للزعيم بثلاثية التعادل في الدقائق الأخيرة، بدلاً من التركيز على الانفعالات الفردية.
الأبعاد النفسية والتكتيكية للفتح
يؤكد متابعو دوري روشن السعودي أن ثقة متزعزعة تتحكم بأداء الفتح هذا الموسم، لا سيما بعد رحيل عدد من الأسماء الكبيرة وتغييرات الجهاز الفني المتكررة.
كما أن الحالة النفسية للاعبين تكاد تكون العنصر الأكثر حسمًا، وهو ما ينعكس سلباً على استقرار النتائج. ولربما يكون إيقاف العقيدي بمثابة ناقوس خطر يدق في أروقة النادي، لتحذير الإدارة واللاعبين من مغبة تراكم العقوبات وتأثيرها على مصير الفريق نهاية الموسم.
خاتمة… هل يتعظ العقيدي؟
يظل ملف إيقاف نواف العقيدي واستفزازه لجماهير الهلال محطة بارزة تذكّر الجميع بضرورة الضبط الانفعالي لدى اللاعبين، لا سيما في اللحظات الحاسمة.
كما يسلط الضوء على دور لجان الانضباط والأخلاق في الحفاظ على قيم الكرة السعودية، وتأمين بيئة تنافسية عادلة تحترم القوانين وتجنب الوقوع في مستنقع التجاوزات الفردية.
أمام الفتح فرصة أخيرة لتعديل المسار قبل نهاية الموسم، ولكن دون الاعتماد على الحماس وحده، بل بتعزيز الانضباط والتركيز الفني حتى صافرة النهاية.