
وداع لا يشبه الوداعات المعتادة
كتب مودريتش في منشوره: “الآن حان وقت الوداع بعد آخر مواجهاتنا في الدوري أمام ريال سوسيداد”؛ مشيرًا إلى أن هذه المباراة كانت خاتمة رحلة حافلة بالألقاب واللحظات الست التي جمعته مع كروس في دوري أبطال أوروبا. لم تكن دموع الجماهير وحدها ما أثار الانتباه، بل صيغة الوداع المؤثرة التي واكبت نهاية حقبة ذهبية بدأت ربيع 2014 عقب كأس العالم للأندية.
وقفة مع الرقم “6” ومعناه الاستثنائي
شارك الثنائي في رفع الكأس ذات الأذنين الكبيرتين ست مرات: الأولى لكروس مع بايرن ميونيخ عام 2013 ثم خمس مرات إضافية مع ريال مدريد (2016، 2017، 2018، 2022، 2024)، في حين اكتفى مودريتش بالخمس مع الملكي بعد حصده اللقب العالمي في الموسم الذي سبق انضمام صديقه الألماني. الصورة التي نشرها كروس على حسابه رفقة مودريتش وهما يرفعان الرقم “6” خلال حفل التتويج في العاصمة الإسبانية، لم تكن مجرد لقطة تذكارية بل شهادة على عقد من النجاح المشترك.
تعليق غامض يثير الجدل

وعلق كروس على الصورة بكلمات مقتضبة: “كان من الممكن أن يكون أسوأ بكثير”، فيما فسّره البعض بأن الخسارة المحتملة في وداع أفضل صانع ألعاب في جيله لكادت تتحول إلى كارثة تنظيمية داخل النادي الملكي، خاصة بعد موسم شهد تذبذبات فنية وإدارية على أكثر من صعيد. البعض ذهب أبعد من ذلك، معتبرًا أن كروس يشير إلى الأزمة المحتملة في خط وسط ريال بعد رحيل الثنائي الذهبي، والذي اعتمد عليه المدير الفني في توزيع الكرات وتحكم الإيقاع لأعوامٍ طويلة.
نهاية عصر وبداية تساؤلات جديدة
رحيل مودريتش يضع ريال مدريد أمام تحدٍ مزدوج: تجديد دماء خط الوسط وتقليص الفجوة التي سيخلفها هذا الوداع التاريخي. فبعد اعتزال خاميس رودريغيز ومغادرة كريسثيان إيريكسن في السنوات الماضية، يبدو أن خطوة التخلي عن حامل الكرة الأبرز ستعيد فتح ملف البحث عن بدائل فنية تليق بسمعة النادي. الأسماء المطروحة تعج بها الأسواق، من لاعبين صغار السن في الدوري الإنجليزي الممتاز إلى مواهب شابة في الليغا وقيادات جديدة في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، لكن الأكيد أن الرهان هذه المرة لن يكون سهلاً.
إلي أين يقصد مودريتش؟

حتى اللحظة لم يعلن لوكا وجهته المقبلة رسميًا، لكن التقارير تربطه بسوانزي سيتي الإنجليزي، لا سيما بعد استثماراته الرمزية في أسهم النادي وموقعه في دوري التشامبيونشيب. يرى البعض أن تجربة منتصف العمر في ويلز ستكون بمثابة تحدٍ مختلف تمامًا عن أضواء “برنابيو”، وستمثل فرصة له لقيادة مشروع صاعد يتسم بالحاجة إلى خبرته التكتيكية.
جمهور الملكي ينتظر “Plan B”
يشهد الشارع المدريدي نقاشات حادة حول هوية خليفة مودريتش، وإن كان الخيار الأمثل هو التعاقد مع لاعب ناضج قادم من الدوري الإيطالي أو الفرنسي، أم الاعتماد على ثورة داخلية بأسماء شابة تخرج من أكاديمية “لا فابريكا”. وقد بات واضحًا أن إدارة فلورنتينو بيريز مطالبة بوضع خطة عاجلة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فلا شيء يوازي أثراً غائبين مثل مودريتش وكروس في صناعة الفارق.
خاتمة: هل تنهار الإمبراطورية؟
مشهد وداع الأسطورة الكرواتية يضع ريال مدريد على مفترق طرق: إما إحياء أسلوب اللعب الراقي المرتكز على تمريرات الثنائي الذهبي أو الانطلاق نحو مشروع جديد لا يخلو من المخاطرة. في النهاية، يبقى توصيف كروس للأمر بأنه “كان يمكن أن يصبح أسوأ” بمثابة تذكيرٍ بأن الأزمة الحقيقية قد تبدأ فقط الآن، مع بداية حقبة ما بعد مودريتش في قلب النادي الملكي. المستقبل يحمل الكثير من الأسئلة، والجواب الوحيد سيكتبه الحاضر بلا أدنى شك.