مع انطلاقة أولى خطوات كيليان مبابي مع القميص الأبيض المجّاني، كانت التوقعات ترجّح أن يضيف مهاجم منتخب فرنسا بُعداً هجوميّاً جديداً إلى تشكيلة ريال مدريد، لكن الواقع كان مختلفاً تماماً، حيث شهد النادي تتبّع سلسلة إخفاقات على الصعيدين المحلي والقاري، لتتضخّم التساؤلات حول أسباب فشل المشروع الكبير في موسمه الافتتاحي.
أداء الفريق قبل انضمام النجم الفرنسي
قبل أن يُعلن عن صفقة ضم مبابي في الصيف الماضي، كان الميرينغي قد أنهى الموسم السابق بتحقيق دوري الأبطال للمرة الرابعة على التوالي، وفرض سيطرته على الدوري الإسباني. اعتمد كارلو أنشيلوتي آنذاك على ثنائية هجومية متوازنة تضم فينيسيوس جونيور وألفارو موراتا، بينما كان وسط الميدان يستمد قوته من لوكاس مودريتش وتوني كروس. هذا التماسك سمح للفريق بتقديم عروض ثابتة على مدى عام كامل.
التحولات التكتيكية بعد وصول مبابي
بحسب ما ذكره الصحفي خيسوس جاليجو خلال حلقة من برنامج إل لارجيرو عبر إذاعة كادينا سير، فإن استقدام مبابي أسفر عن "تفتيت" بنية الفريق المتماسكة؛ إذ بات المهاجم الفرنسي يطالب بالسيطرة على الكرة في مساحات لا تتناسب مع طريقته في التحرك، مما حوّل شوارع الدفاع إلى "نفقٍ ضيق" يصعب معه تمرير الكرة بسلاسة. وأشار جاليجو إلى أن ظهور "الجوانب الفردية" بشكلٍ جليّ قوض مفهوم "المقاتلة الجماعية" التي اعتمدها الأبيض طيلة الماضي.
إخفاقات ملحوظة في النتائج

1. خسارة السوبر الإسباني
ودّع ريال مدريد أول بطولة موسمية أمام جاره التقليدي، بعدما خسر المباراة بهدف نظيف، رغم سيطرة واضحة وإعادة ترتيب هجومي لإشراك مبابي ودعم الجبهة اليسرى بمساحات أكبر.
2. الإقصاء المبكر من دوري الأبطال
كانت الهزيمة ذهابًا وإيابًا أمام أرسنال الإنجليزي بمثابة صدمة، إذ ظهرت ثغرات دفاعية وانتشار غير متجانس للاعبي الوسط، الذين بدت مهمتهم مزدوجة بين تغذية مبابي وتعويض المساحات خلف الأظهرة.
3. زحف المنافسين محليًا
تركيز لاعبي البلانكوس على "احتواء نجومية مبابي" حدّ من قدرة الفريق على تنفيذ الهجمات المرتدة، فأصبح المنافسون مثل برشلونة وأتلتيكو وبرشلونة يخطفون النقاط في اللحظات الحاسمة، ما أضعف المخزون النفسي قبل جولات الحسم.
أخطاء التوظيف وغياب التآلف
• صيغة 4-3-3:
كان يرتكز هجوم الفريق على مدافعين ظاهريين ينطلقان باستمرار، ومع مبابي تغيّرت معادلة "الانطلاق من العمق"، إذ صار يُفضّل التمرير الخلفي للاعب الفرنسي، مما عطّل خطوط التواصل.
• افتقاد "صانع اللعب":
غياب كروس جاء بعد انتقال مبابي، فتمّ استبداله بمحاولات متعددة بلاعبين أقل خبرة، فأثّر ذلك على دقة التمرير والطول المناسب لابتكار الفرص.
• عدم الانسجام مع فينيسيوس:
تكرر اصطدام رغبتين هجوميتين؛ مبابي وفينيسيوس، دون توزيع واضح للمسؤوليات، ما خلق نقصاً في التحرك من العمق وعرضة للدفاعات المتكتلة.
تداعيات معنوية وضغوط الإعلام

سلطت القناة الرسمية لريال مدريد الضوء على تمارين بدنية وصور لمباريات استعدادية، لكن ذلك لم يكبح إشارات الخلل التي لاحظها خيسوس جاليجو، خصوصاً على صعيد الثقة لدى اللاعبين. وبينما ركز الإعلام على "صراع الأنا" بين مبابي وزملائه، ازدادت حدة الانتقادات تجاه أنشيلوتي الذي بدا متردداً في تعديل الخطط، رغم سماحه بوجود مساحة للتجارب.
سيناريوهات للعلاج قبل نهاية الموسم
1. إعادة توزيع المهام
• منح مبابي دوراً أكثر تركيزاً في مربع الجزاء، مع العودة إلى تفعيل أجنحة أكثر تنظيماً، تمهيداً لتصحيح مسار التمرير.
2. دعم خط الوسط
• تسريع ضم لاعبٍ بخيارات هجومية ودفاعية في آن واحد، ليكون حلقة وصل بين الكرات الطويلة والانطلاقات المفاجئة.
3. جلسات ترفيهية جماعية
• تعزيز روح الفريق عبر أنشطة خارج الملعب، لإزالة التوتر النفسي الذي بدا ساطعاً على الوجوه داخل غرفة الملابس.
نظرة مستقبلية
رغم المواجهات الصعبة المقبلة في الدوري الإسباني ونهائي الكأس الوطني ضد برشلونة، لا يزال الأمل معقوداً على قدرة أنشيلوتي ومجلس الإدارة في إعادة التوازن قبل موسمٍ قادم يتطلّب إعادة بناء التكتيك بما يلائم خصائص كيليان مبابي ورفاقه. وفي حال نجاح دمج الطاقات الفردية ضمن "روح الجماعة" التي عَرفها الأبيض، قد ينقلب موسمه الأول إلى تجربة تعليمية تمهد لهيمنة جديدة على الصعيدين المحلي والقاري.