لم تمر دقائق كثيرة على انتقال الأضواء إلى مدينة بوينس آيرس
عندما دوّى اسم فرانكو ماتانتونو كأحد أبرز المواهب الصاعدة في سماء كرة القدم الأرجنتينية والعالمية على حد سواء. فقد اعتُبر لاعب وسط ريفر بليت الشاب صاحب الموهبة اللافتة، والمولود عام ٢٠٠٦، حالة استثنائية يجمع فيها المهارة الفنية والذكاء التكتيكي والقوة البدنية، حتى وصفه دانيال ، الكشاف السابق في النادي الأرجنتيني، بأن اللاعب يملك “جينات ريال مدريد” منذ نعومة أظافره. وها هي صفقة انتقال ماتانتونو إلى الملكي تتجه نحو الحسم بعد أن دخلت نادي العاصمة الإسبانية بقوة على الخط مقابل منافسة شرسة من باريس سان جيرمان الفرنسي.
الطفل المعجزة وتنوّع مواهبه
في حوار أجرته صحيفة AS الإسبانية، كشف الكشاف الشهير دانيال بريزويلا كيف التقى أول مرة بفرانكو ماتانتونو عندما كان في التاسعة من عمره. “لم أكن أتوقع أن أرى موهبة بهذا العدد من الصفات متجمعة في لاعب واحد. استلم الكرة على أرضية غير ممهدة، وتولى لمسها بأناقة تامة قبل أن يرسِل تمريرته بكرةٍ دقيقة إلى وجه زميله. لقد أيقظتني تلك اللحظة على صوت إنذار أنك أمام لاعب خارق”، يقول بريزويلا.
لم تقتصر موهبة ماتانتونو على كرة القدم
بل امتدت إلى ملاعب التنس أيضًا، إذ توّج في سنه الصغير كأحد أفضل لاعبي التنس للناشئين في الأرجنتين. وعند سؤال الكشاف عن سبب تركيزه على كرة القدم بدل الاستمرار في مضارب التنس، أوضح أن “الطفل كان يمارس التنس بكفاءة عالية جدًا، لكن شغفه بالتسديد والسيطرة على الكرة أشعله نحو ملاعب الساحرة المستديرة. لقد شعر بالاندماج الفوري مع كرة القدم، وقد واثق تمامًا أنه يستطيع أن يقدم المزيد على أرض الملعب، فاختار ميدان كرة القدم رغم خيبة أمل المدربين في التنس”.
لإبراز جينات ريال مدريد
ورغبةً في تفسير كلمة “جينات ريال مدريد”، يتابع بريزويلا حديثه لـ AS قائلاً: “في وقت التقييم الأولي، رأيت أن فرانكو لاعب يمتلك مقومات اللاعبين الأوروبيين الذين نجحوا باللعب في صفوف النادي الملكي. كان يتمتع بذكاء تكتيكي نادر، وقدرة فردية على المراوغة لم أعتد رؤيتها في لاعب في عمره. أضف إلى ذلك سرعته الفائقة في قراءة المساحات بين خطوط الخصم، وقدرته على اتخاذ القرار في جزء من الثانية”.
وعن سمة الجينات التي رآها وقدّرها
يقول الكشاف إن جسم ماتانتونو كان متينًا ومكتملًا حتى في مرحلة مبكرة من عمره، ما جعل الكشاف يُغازل فكرة أنه يمتلك طفرات وراثية شبيهة بتلك التي تمنح اللاعبين المولودين في “سانتياغو برنابيو” تميزًا خاصًا. استند بريزويلا في ذلك إلى حدسه المهني الذي سبق أن اكتشف مواهب عدة نافست لاحقًا على أضواء الأضواء في أوروبا.
حملة الانتقال إلى أوروبا
كان فرانكو ماتانتونو هدفًا لريال مدريد منذ منتصف عام ٢٠٢٣، غير أن إدارة النادي الملكي لأول وهلة لم تُبدِ رغبة قوية في دفع مبلغ الشرط الجزائي الكبير المتفق عليه مع ريفر بليت، والذي يصل إلى ٤٥ مليون يورو. وعلى الرغم من أن باريس سان جيرمان دخل بدوره على الخط في مفاوضات سرية، إلا أن تطورات الأيام الماضية أثبتت أن الملكي استطاع بطريقةٍ أو بأخرى إقناع اللاعب وعائلته وممثليه بمستقبل مشرق في العاصمة الإسبانية.
ففي أوائل الأسبوع الماضي
أرسل ريال مدريد كبير كشافيه جوني كالافات إلى بوينس آيرس، ليعقد جلسات مطولة مع الأسرة ويوضح لهم خطة تطوير اللاعب ضمن شبكته الشبابية في مدريد. ومع بزوغ اختيار تشابي ألونسو، المدرب الجديد لفريق الشباب الذي سبق له إمضاء تجربة احترافية ناجحة مع ريال مدريد، زادت ثقة ماتانتونو بوجهته الجديدة. إذ أجرى تشابي مكالمة هاتفية مع اللاعب مؤكّدًا له أنه سيجد الدعم والإشراف الفني المناسب في أكبر أكاديمية شباب بالعالم.
قرار فرانكو ومرحلة الحسم
وفي تقرير صحفي لعب دور الحسم، أعلن الإعلامي فابريتسيو رومانو أن ماتانتونو توصّل إلى اتفاق شخصي مع إدارة ريال مدريد، ما جعل انتقاله إلى سانتياغو برنابيو شبه مؤكد. ويحتاج فقط النقاش حول طريقة دفع الشرط الجزائي، إذ لا يرغب الريال في تقديم مبلغ الشرط دفعةً واحدة، بل يسعى إلى توزيع الأقساط بشروط مريحة قد تشمل مكافآت إضافية عند تحقيق اللاعب لأهداف فنية معينة مثل المشاركة في الفريق الأول أو تتويجه بألقاب أوروبية.
كما أكدت بعض المصادر المقربة من ريفر بليت
أن النادي الأرجنتيني سيحرص على تضمين بند يسمح له بالحصول على نسبة مئوية من أي بيعٍ مستقبلي للاعب، ما يجعل الصفقة مفيدة للطرفين، خصوصًا إذا اخترق ماتانتونو تشكيلة ريال مدريد بمهاراته الفردية المتطورة. وتوقع المحللون أن يتم الإعلان الرسمي عن الصفقة خلال الأيام القليلة المقبلة، وباتت الأنظار تتجه إلى حفل تقديمه في سانتياغو برنابيو قبل انطلاق الموسم الجديد.
رهان الملكي على مستقبل مجيد
يمثل انتقال فرانكو ماتانتونو إلى ريال مدريد رهانًا جديدًا على الدماء الشابة التي كبحت جماحها الأزمة المالية النسبية للنادي الملكي بعد عدة سنوات من الإنفاق المرتفع. فاللاعب سيخضع لبرنامج تطوير صارم يمر عبر فرق الشباب وتدريبات مكثفة تحت إشراف خيرة المدربين، في انتظار حصوله على فرصة الظهور مع الفريق الأول في المباريات الرسمية خلال الموسم المقبل.
وإذا كانت تكاليف الصفقة قد تبدو مرتفعة
فإن إدارة النادي مقتنعة بأن ماتانتونو هو مشروع لاعب مخضرم في سنواته المقبلة، خاصة أنه يجمع بين القدرات البدنية لاستعمال قدمه اليمنى واليسرى ببراعة، وتفوقه في التمرير الدقيق، والإصرار على حجز مكانه في تشكيلات المدربين. كما أن بروز اسمه جعل وكالات الرعاية تراقب وضعه عن كثب، ما يعني إمكانية استفادة ريال مدريد من عائدات تسويقية مستقبلية كبرى.
خاتمة اللاعب الذي يرسم طريقه
لا يزال الشغف يزداد حول قدرة فرانكو ماتانتونو على مواكبة تطلعات المشجعين الذين يصفونه بأنه “النجم القادم” الذي سيحمل جينات ريال مدريد على حد تعبير بريزويلا. فالجميع يتذكر قدرته الفذة على المجازفة بالكرة وسط رقابة مزدوجة، وتمريراته المتقنة التي حُكيت في ملاعب الأرجنتين. وإذا نجح الفتى الشاب في اقتحام صيحات “سانتياغو برنابيو” بلمساته الخلّابة وأهدافه الحاسمة، فستثبت هذه الصفقة أن الريال لا يزال يعول على مواهبٍ من خارج أوروبا تُعيد إليه روح التفوق والعراقة التي سطّرها أساطير ناصعا البياض على مدار عقود.
