في جو يتسم بالتوتر والإرهاق، خرج النجم الفرنسي جوليس كوندي، أحد أعمدة فريق برشلونة، في تصريحاته التي حملت في طياتها نقدًا لاذعًا ليس فقط لرابطة الدوري الإسباني “الليجا”، بل لكل الجهات التي تنظم جدول المباريات بطريقة لا تراعي الجوانب الإنسانية والبدنية للاعبين. جاء هذا الانتقاد بعد مباراة أوساسونا التي لعبها فريق برشلونة في ظروف تبدو غير عادلة، إذ اضطر الفريق لخوض لقاء صعب بعد مرور 72 ساعة فقط على انتهاء المباريات الدولية.
جدول المباريات الضاغط
على الرغم من الانتصار الكبير الذي حققه برشلونة بنتيجة 3-0 في اللقاء المؤجل من منافسات الجولة 27 من الليجا، والذي ساعد النادي في الانفراد بصدارة الدوري الإسباني برصيد 63 نقطة بفارق ثلاث نقاط عن الوصيف ريال مدريد، فإن النجم كوندي لم يستطع تجاوز الشعور بالإحباط والغضب بسبب ما وصفه بـ “قلة الاحترام” تجاه اللاعبين. في تصريحاته التي تزامنت مع انتهاء المباراة، أكد كوندي أن الجدول الزمني للمباريات قد صُمم دون أن يُعطى صوت للاعبين أو يُراعى التعب البدني والنفسي الذي يتعرضون له، مشددًا على أننا لسنا آلات يمكن تشغيلها على هامش أي موعد يُحدده المسؤولون دون أخذ راحة كافية بعين الاعتبار.
مطالب إعادة النظر في التنظيم
بدأ الأمر بعد مباراة أوساسونا التي جمعت بين برشلونة والناديين في ظروف مليئة بالتحديات، حيث أُجبرت إدارة الدوري على تحديد موعد المباراة من جانب واحد دون أخذ رأي الناديين في الاعتبار. هذا القرار المفروض جاء في وقت حساس للغاية؛ إذ كان على الفريق الكتالوني أن يخوض مباراة صعبة بعد أن عانى اللاعبون من تراكم المباريات والمسابقات الدولية التي أجبرتهم على تقديم أداء دون فترات راحة كافية. من هنا برزت الأصوات التي تطالب بتعديل مواعيد المباريات لتصبح أكثر ملاءمة، خصوصًا مع اعتماد نظام يضمن لللاعبين فرصة الاستشفاء الكامل بعد مشاركاتهم الدولية.
تصريحات كوندي ضد سياسات الليجا

وفي تصريحات لاحقة، عبّر كوندي عن استيائه من هذا الترتيب الذي اعتبره قاسيًا وغير إنساني، قائلاً: “هذا ليس طبيعيًا. لقد تحدثنا مرارًا وتكرارًا عن كثرة المباريات، وعن كيف يمكننا أن نكون في أفضل حالاتنا إذا لم نحصل على الراحة التي نستحقها.” وأضاف بشكل مباشر: “أشعر أننا نعاني من قلة احترام للنادي واللاعبين على حد سواء. نحن لسنا آلات، بل بشر يحتاجون إلى فترات راحة لاستعادة طاقتهم وتحضيرهم للتحديات القادمة.”
التأثير على جميع الأندية
يشير كوندي إلى أن ما يحدث ليس مقتصرًا على نادي برشلونة وحده، بل يمتد إلى جميع الأندية التي تواجه نفس المشاكل في ظل تنظيم مباريات متشابكة وغير متوازنة. إذ أوضح قائلاً: “لا يهم إذا كنت في برشلونة أو أوساسونا أو حتى مدريد، فكلنا نتعرض لنفس الضغوط. لدينا مباريات دولية، وبطولات محلية، ورحلات طويلة تُؤثر على لياقتنا. يجب على جميع المؤسسات أن تدرك أننا بشر ونحتاج إلى فترات راحة لتقديم أفضل أداء ممكن.”
الدعوة لإصلاح النظام الرياضي
يتضح أن تصريحات كوندي تهدف إلى دفع الجهات المنظمة للتفكير بشكل جدي في إعادة تصميم الجداول الزمنية بحيث تُراعى احتياجات اللاعبين. فهو لا ينتقد فقط من باب النقد الفارغ، بل يقدم رؤية واقعية لما يجب أن يكون عليه تنظيم المنافسات في العصر الحديث. إذ أن توفير فترات راحة كافية للاعبين لا يضمن فقط الحفاظ على صحتهم، بل يسهم أيضًا في رفع مستوى الأداء العام للفريق في المواعد الحاسمة.
التحديات الاقتصادية والإعلامية

من جهة أخرى، لا بد من النظر إلى هذه القضية أيضًا من زاوية التأثير الاقتصادي والإعلامي. إذ إن كثرة المباريات وتأثيرها السلبي على اللاعبين قد يؤدي إلى انخفاض الأداء في المواعد الكبرى، مما قد يؤثر في النهاية على حقوق البث والعقود التجارية المرتبطة بالمنافسات. وفي ظل سوق رياضي يتسم بالتنافس الشديد، يصبح تحقيق توازن بين الجوانب المالية والرياضية أمرًا لا غنى عنه لضمان استدامة نجاح الفرق والبطولات.
التطلع نحو المستقبل
في النهاية، تظل تصريحات جوليس كوندي بمثابة نداء صريح لكل من ينخرط في عالم الرياضة بأن لا يُنظر إلى اللاعبين كآلات بلا روح، بل يجب أن يكون لهم الحق في الراحة والتعافي لضمان استمرار الأداء بمستوى عالٍ. وهذا ما يأمل فيه اللاعبون والمسؤولون على حد سواء، من أجل أن تُحقق الملاعب مستوى تنافسيًا يعكس شغف كرة القدم وروحها الحقيقية.