في احتفالات لا تُنسى بحصاد العميد لدوري روشن السعودي موسم 2024–2025، كانت لحظة رفض نجم الوسط البرازيلي فابينيو لتقمص دور راقصي السامبا مفاجأة كبرى للجماهير الاتحادية. إذ تمادت حفاوة الأنصار معه بعد إنجازه الثالث على التوالي في دوري المحترفين، إلى درجة أن مشجعًا اقترب منه طالبًا تنفيذ رقصة بلاده، ليرد عليه بابتسامة وينفي أي موهبة راقصة قائلاً:
“لا يا أخي، أنا برازيلي مزيف! رومارينيو وإيجور كورونادو فقط هما البرازيليان الحقيقيان هنا، أما أنا ومارسيلو جروهي… فنحن برازيليان مزيفون.”
نجم مستمر في صناعة التاريخ
فابينيو وصل إلى جدة صيف 2023 قادمًا من ليفربول الإنجليزي، حيث كان أحد أهم مفاتيح السيطرة في وسط ملعب “الريدز” خلال ثنائية التاريخ (الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا) موسم 2019–2020. وبعد انتقاله إلى صفوف الاتحاد، بات عنصرًا أساسيًا في بناء الأمجاد:
• مباريات الموسم الجاري: خاض 35 مواجهة في جميع البطولات، سجّل خلالها 3 أهداف وصنع هدفًا واحدًا.
• إجمالي المشاركات مع النمور: 65 مباراة، و4 أهداف، و5 تمريرات حاسمة منذ 2023.
• ألقاب دوري المحترفين: ثلاثة مواسم بأسسٍ متينة، بدايةً مع موناكو (2016–2017)، وانتقالًا إلى ليفربول، وصولًا إلى العميد السعودي.
هذا السجل الزاخر أكسبه لقب “صانع التوازن” في تشكيلة العميد، وجعَل من حضوره القوي داخل منطقة المناورة الدفاعية عاملاً حاسمًا في معادلة نتائج الفريق.
لحظةُ السامبا التي تغيّرت في الضحكة
في أجواءٍ احتفاليةٍ ضخمةٍ على أرض استاد مدينة الملك عبد الله الرياضية بجدة، اجتمع نجوم الاتحاد والجهاز الفني مع الجماهير لتبادل الفرح قبل آخر مباراة رسمية أمام القادسية في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين. وبينما ردد المشجعون الأغاني والهتافات، اقترب أحدهم من فابينيو وأطلق:
“هاك رقصة سامبا يا فابيني!”
وما كان من الدولي البرازيلي، صاحب المراوغات الدقيقة وتمريرات الاختراق المتقنة، إلا أن ضحك وقال بحركةٍ مرحةٍ:
“أنا ما أعرف أتحرك هكذا يا جماعة… أنا برازيلي مزيف عكس رومارينيو.”
ردٌ أظهر حسه الفكاهي وتواضعه، وأكد أن علاقته بالجماهير لا تزال قائمة على الاحترام المتبادل حتى بعد تحقيق إنجازاتٍ كبيرة.
قصة “البرازيلي المزوّر” في جدة

منذ انضمام فابينيو إلى الاتحاد، أثبت أنه أكثر من مجرد لاعبٍ باستيراده خبرته الأوروبية لملاعب السعودية:
1. المرونة التكتيكية: استطاع الانسجام مع أنظمة المدرب فيرناندو يعمل على الانتقال السلس بين الأدوار الدفاعية والهجومية.
2. التأقلم السريع: نجح في سد فراغاتٍ دفاعيةٍ خَلّفها رحيل بعض الأسماء البارزة، وأسهم بخبرته في بناء هجماتٍ منظمةٍ.
3. القيادة الهادئة: ارتبط اسمه بالهدوء أمام الكاميرات وسداد التصريحات في المؤتمرات، ما جعله صوت العقل داخل غرفة الملابس.
وبذلك، ارتبط فابينيو في وجدان جماهير الاتحاد بشكلٍ مختلف: ليس فقط كلاعبٍ يحمل شارة الجودة، بل كشخصٍ قادرٌ على مزج الجدية المهنية بخفة الظل البرازيلي.
مأزق البدائل وتمهيد لموسمٍ جديدٍ
مع اقتراب نهاية الموسم وخوض المباراة الختامية في الكأس، يواجه الاتحاد تحديًا مزدوجًا:
• ضمان استمرارية الأرقام القياسية لدوري روشن بغض النظر عن نتيجة اللقاء أمام القادسية.
• تأمين مستقبل وسط الملعب بتجديد عقد فابينيو أو البحث عن بدائلٍ محليةٍ وأجنبيةٍ يمكنها حمل إرثه التكتيكي.
وفي حال تلاشى “مزيف السامبا” عن تشكيلة الموسم المقبل، فسوف يبقى رفضه اللحني لرقصة بلاده، وتسمية نفسه “برازيليًا مزيّفًا”، عنوانًا لجسارته على التميز خارج الميدان بقدر ما هو حاضر في ساحته.
ماذا بعد الضحكة العريضة؟

بينما تقلُّ تعليقات الجماهير على مواقع التواصل الاجتماعي بين مدحٍ لروح الدعابة التي أبداها فابينيو، واستحضارٍ لروابطه بروح الفريق التي تجلّت في البطولات الثلاث، يبقى السؤال الأهم:
هل يستمر النجم البرازيلي في ارتداء الأصفر والأسود، أم يمضي في رحلةٍ جديدةٍ تُغير مسار وسط الملعب الاتحادي؟
الإجابة قد تأتي سريعًا بعد مباراة الكأس، لكن الثابت أن فابينيو ترك علامةً إنسانيةً في تاريخ الاتحاد بفصله العابر بين الجدية الكروية والضحكة المتفردة التي أطلقها عندما أنهى حديثه مع جماهير السامبا بنفي جذوره الحقيقية في جدة.