لقطة اللجنة الأوروبية وانطلاقة مسيرة باريس
جاء عبور “البي إس جي” على مراحل؛ البداية انطلقت من فوزه الضئيل 1–0 على ملعب الإمارات، قبل الاستعراض الأكبر في باريس بالفوز 2–1، حيث مرر الأرجنتيني ليونيل ميسي كرة الهدف الأول لماركينيوس في الدقيقة 54، ثم أنهى الكولومبي خاميس رودريغيز اللقاء بهدف إضافي في الدقيقة 87، فيما قلّص بوكايو ساكا الفارق في الوقت بدل الضائع.
لكن من دون شك، كان دوناروما العنصر الأثقل تأثيراً في هذه المواجهة، إذ وقف كالأسد في وجه ثلاث هجمات صريحة على مرماه، ومثلما أكدت شبكة “أوبتا” للإحصائيات أن نسبة التصدي للكرات الخطرة بلغت 90%، وهو ما منح باريس دفعةً معنويةً هائلةً بعد أن بدا انهيار دفاعاته مراراً أمام الضغط الانجليزي.
كلماتٌ تصنع معانٍ جديدة
اختار الحارس المخضرم الحديث لموقع camel1.live بعد المباراة، حيث استهل حديثه بالإشادة بالأجواء المحيطة:
“كانت الأجواء استثنائية، وصوت الجماهير كان ينعش حماسنا منذ لحظة وصولنا إلى الملعب. انفصلنا هنا عن أي ضغوط، وتعاونا لرفع شعار الانتصار”.
ثم تطرق إلى الجانب الشخصي والمهني، معترفاً بتحديات الانتقال إلى العاصمة الفرنسية والاختلاف الثقافي:
“في بداية تجربتي واجهت صعوبة في فهم اللغة والتعامل مع المدينة الجديدة، لكن سرعان ما وجدت دعماً من زملائي، والآن أشعر بأنني في بيتي الثاني”.
رسالة ودّية إلى مبابي واعتراف بالفراغ

لم يفوت دوناروما الفرصة لتوجيه تحية لمهاجم ريال مدريد الحالي، صديقه كيليان مبابي، الذي ارتبط اسمه بأعظم لحظات النادي الباريسي قبل الرحيل الصيف الماضي. وقال:
“منذ مغادرته تغيرت عقلية الفريق، وأصبحنا أكثر ترابطاً. نفتقده بالتأكيد كأحد أفضل اللاعبين في العالم، لكننا نجحنا في ملء الفراغ بروحٍ جماعيةٍ عاليةٍ وإصرارٍ متبادلٍ بين الجميع”.
هذه الكلمات تجسّد اعترافاً ضمنياً بقيمة مبابي الفنية والنفسية، وفي الوقت نفسه تؤكد نجاح المدرب في بناء منظومةٍ تعتمد على التضامن عند غياب النجم الأسبق.
ملف العقد وحسم مستقبل الحارس
لم ينفِ دوناروما اهتمامه بتمديد العقد المبرم معه حتى صيف 2026، لكنّه ترك الباب مفتوحاً أمام إدارة باريس لاتخاذ القرار بناءً على مدى تكلّل المشوار الأوروبي والمحلي بالنجاحات. وأضاف:
“لا يزال أمامي موسمٌ كامل، وهناك متسعٌ من الوقت للحديث عن التجديد. سعادتي هنا واضحةٌ للجميع، والمسألة بيد الإدارة لاتخاذ ما تراه مناسباً”.
هذا التصريح يشي بمرونةٍ من جانب الحارس قبل الدخول في خطوات تفاوضية حاسمة خلال الصيف المقبل، خاصة بعد تقديمه مستوياتٍ قاربت الكمال في اللحظات الحاسمة.
فوز مزدوج يفتح الطريق إلى مزيدٍ من الألقاب

قبل أيامٍ قليلةٍ، حسم باريس لقب الدوري الفرنسي لصالحه، ما أتاح له الفرصة للتفرغ بشكلٍ أكبر لدوري الأبطال. بيد أن الفريق بقيادة بي إس جي لم يكتفِ بذلك، إذ تنتظره مواجهةُ نهائي كأس فرنسا ضد ريمس يوم 24 مايو، قبل الانتقال بعد أسبوعٍٍ إلى ميونخ لملاقاة إنتر ميلانو في النهائي القاري المقرر في 31 مايو.
وفي هذا السياق، يُرجّح أن يمنح النادي حافزاً إضافياً لدوناروما ورفاقه خلال التنافس المحلي، تمهيداً لدعم جاهزيتهم الفنية والنفسية لخوض المباراة الأكبر على الإطلاق في أوروبا.
قفزة تُعيد ترتيب الأوراق على الساحة القارية
لا شك أن تأهل باريس إلى النهائي يُعدّ انتصاراً كبيراً لكل عناصر الفريق، لا سيما الذين عانوا من خسارة مبكرة في المباراة الافتتاحية أمام موناكو في الدوري، ثم تأرجح الأداء في ربع النهائي أمام بايرن ميونيخ قبل الانتصار بفارق “ركلات الترجيح”. ولعلّ عبور آرسنال، صاحب الأداء القوي هذا الموسم، يضع “البي إس جي” في مرتبةٍ تنافسيةٍ عاليةٍ تُعيد للبطولة بريقها بعدما شهدت في السنوات الأخيرة هيمنة فرق أخرى.
نظرة مستقبلية: من سيحسم الموقعة؟
مع تبقي أيامٍ قليلةٍ على المواجهات المصيرية، تتجه الأنظار إلى قدرة دوناروما على مواصلة تحمّل الضغوط، خصوصاً أمام فريقٍ منظمٍ تكتيكياً مثل إنتر هدّافةٍ ولديها الخبرة الإيطالية في المواجهات القارية.
وفي المقابل، يعتمد الفريق على قدرات ماركينيوس وجيوفاني دي لورينزو وأرجوا جواتارا في إغلاق أبواب “إنتر”، وكشف قدرته على التكيف مع أسلوب “البي إس جي”.
في المحصلة، يظل دوناروما رمزاً للإرادة والثقة في صفوف باريس سان جيرمان، بعدما أثبت أنه في الوقت الذي يتغير فيه نجومٌ وتخطو أجيالٌ جديدة، يبقى “الرقم الأول” مفتاحاً لصفحةٍ قادمةٍ نحو أمجاد القارة العجوز.