انطلاقة مبكرة وهدف مباغت
لم يمضِ سوى خمس دقائق على صافرة البداية حتى افتتح المهاجم المالي الواعد إبراهيم ديارا التسجيل بتسديدة أرضية قوية من داخل المنطقة، سكنت شباك الحارس التركي بعد تمريرة ذكية من زميله هوغو ألبا، ما منح برشلونة ثقة مبكرة وظغطاً نفسياً كبيراً على منافسه.
وأشاد موقع UEFA في تقريره الرسمي بسرعة انتقال لاعبي “البلوغرانا” من تنظيم البناء إلى finalizar، معتمداً على أجنحة مرنة تنهض بمعظم الهجمات في العمق.
سحر المهاجم المالي وتألق هوجو ألبا
واصل إبراهيم ديارا سطوعه في نصف الملعب الهجومي، فتمكن قبل انتهاء الشوط الأول من مضاعفة النتيجة بعدما راوغ قلب دفاع طرابزونسبور وانفرد بالحارس، مسجلاً هدفه الثاني بصناعة ذاتية من انطلاقة فردية.
ومع انطلاق الشوط الثاني، أكمل ديارا “الهاتريك” التهديفي عبر ركلة جزاء احتسبها الحكم بعد عرقلته داخل المنطقة، ليؤكد موقع “موندو ديبورتيفو” أن اللاعب المالي أصبح الأبرز في مسابقة دوري أبطال أوروبا للشباب هذا الموسم.
بينما أضاف هوغو ألبا الهدف الرابع في الدقيقة 75 بعد تمريرة من ديارا، كما صنع الأول هدفين آخرين طوال البطولة، ليتصدر قائمة صانعي الأهداف مع معدل تمرير ناجح بلغ 89% في المجمل. وقد اعتبره المغربي يوسف شنوق المحلل التكتيكي في الصحيفة ذاتها “مفتاحاً في تحويل الضغط العكسي إلى فرص مكتملة عبر تغطيته المساحات خلف الأظهرة.”
طريق شاق إلى نهائي نييون

استهل برشلونة مشواره الأوروبي من دور المجموعات، فحل ثانياً خلف يافعّات أياكس أمستردام بعد أهدافٍ حاسمة أمام شاختار دونيتسك وبورتو، ثم واجه في ثمن النهائي ضيفه باير ليفركوزن وفاز عليه 3–1 بفضل ثنائية من المهاجم مارك غويّو.
وفي الدور ربع النهائي، أوقعته القرعة بمواجهة صعبة أمام أبطال فرنسا ليل، التي حسمها الشباب الكتالوني بهدفٍ نظيف سجله أوسكار مينغويزا في الوقت القاتل، قبل أن يتخطى في نصف النهائي بنفيكا البرتغالي بثلاثيةٍ نظيفة كانت بمثابة بروفة مميزة للنهائي.
وخلال هذه المباريات الست الحاسمة، أبدع حارس المرمى مارك إيفونا في خمس مناسبات، محافظاً على نظافة شباكه أربع مرات، ما دفع مدرب الفريق أوسكار لوبيز إلى وصفه بأنه “قلب الأسد” وأحد أهم أسباب بلوغ “البلوغرانا” نهائي نييون.
ثلاثية تاريخية لأكاديمية لا ماسيا
يفتخر برشلونة للشباب بتحقيقه ثلاثية هذا الموسم، بعد التتويج بلقب الدوري الإسباني للمرة السادسة في تاريخه تحت 19 عاماً وكأس ملك إسبانيا للمرة الرابعة، ليضاف دوري الأبطال الأوروبي إلى قائمة الألقاب.
وقد أكدت صحيفة “ماركا” أن هذا الإنجاز يعكس تطوراً تكتيكياً واضحاً في أسلوب لعب الشباب، حيث مزج المدرب لوبيز بين الضغط العالي وتنظيم البناء من الخلف، مع تحكمٍ كبير في الكرات الثابتة والجانبية.
وسلّط موقع برشلونة الرسمي الضوء على عنصر الانضباط الذهني لدى اللاعبين، مشيراً إلى قدرة القائد دانييل توريس على تهدئة الأجواء داخل وخارج الملعب، والربط الدائم بين عقلية الفوز والمرحلة التدريبية. وأضاف التقرير أن “لا ماسيا” نجحت في ترسيخ قيم النادي من خلال برنامجٍ يدمج التحليل البيومتري مع احتراف مهارات اللعب الجماعي والفردي.
دروس مستفادة ومستقبل واعد

وفّرت مسيرة الفريق الكتالوني في دوري أبطال أوروبا تحت 19 عاماً نموذجاً لنقل خبرات المباريات عالية المستوى إلى غالبية ناشئي النادي، حيث خاض معظمهم أكثر من 25 مباراة رسمية هذا الموسم.
وأوضح المحلل المتخصص في موقع “موندو ديبورتيفو” أن سر التفوق يكمن في تعزيز الروح التنافسية بين اللاعبين الشباب عبر دوريات داخلية وتوجيه مستمر من الطاقم الفني بقيادة أوسكار لوبيز ومدرب اللياقة كارلس غارسيا.
بالإضافة إلى ذلك، يبرز هذا الإنجاز أهمية مشروع “La Masia 2025”، الذي يسعى لتخريج جيلٍ قادرٍ على تمثيل الفريق الأول خلال الأعوام المقبلة. ويأتي اسم كل من إبراهيم ديارا وهوغو ألبا ضمن قائمة اللاعبين المتوقع انتقالهم قريباً لصفوف الفريق الأول، أو على الأقل الاستفادة من إعارتهما لنوادي الدرجة الثانية لتعزيز خبرتهما.
ردود أفعال الأوساط الرياضية
انبرى العشرات من المحللين للتعليق على منصة “سكاي سبورتس إسبانيا”، معتبرين أن برشلونة للشباب بات يُعد نموذجاً يحتذى به على مستوى أوروبا، وأشاد عدد منهم بمرونة التشكيلة وقدرتها على التكيف التكتيكي أمام أساليب لعب متنوعة.
كما أثنى أسطورة النادي كارليس بويول على جيل اللاعبين الحالي قائلاً: “ما شاهدناه لا يعد نجاحاً لحظة، بل بداية عهدٍ جديدٍ لقوة برشلونة في أوروبا من خلال تعزيز أكاديمية اللاعبين.”
إرثٌ جديدٌ يضاف إلى خزانة الألقاب
مع رفع إبراهيم ديارا وزملائه الكأس مساء أمس وسط هتافات الجماهير الحاضرة في نييون، دخل برشلونة للشباب تاريخ البطولة للمرة الثالثة بعد أعوام 2014 و2018، مؤكدين أن القدرات والإمكانات موجودة لبقاء النادي في صدارة منتجي المواهب الأوروبية.
وبينما يتهيأ الفريق للعودة إلى مدينة برشلونة لاستقبال التهاني الرسمية في ملعب “يوهان كرويف”، يبقى السؤال الأهم: كيف ستستثمر الإدارة والطاقم الفني هذا النجاح في موسمٍ يتطلع فيه الجميع إلى تعزيز التواصل بين فرق الناشئين الأول والثاني والفريق الأول، لتحقيق مزيدٍ من الألقاب القارية؟