
في خطوةٍ استثنائية تضمنت دهاءً إدارياً لا مثيل له، ضَمّن فلورنتينو بيريز رئيس ريال مدريد بنداً خفياً في عقود لاعبيه يتيح للنادي الاحتفاظ بالنجوم الثلاثة — لوكا مودريتش، لوكاس فازكيش وخيسوس فاييخو — حتى نهاية كأس العالم للأندية في الولايات المتحدة، رغم انتهاء عقودهم رسمياً في 30 يونيو المقبل. هذا الابتكار القانوني أثار دهشة الأندية الأوروبية التي كانت تتربص بالتعاقد مع الثلاثي، وكشف عن استراتيجية “الميرينغي” لضمان ظهور أقوى تشكيلة ممكنة على الساحة القارية والعالمية.
استلهام عبرة كورونا… الحاضر خارج التقويم المعتاد

لم يأتِ هذا البند السحري من فراغ، بل درس ريال مدريد الدرس جيداً من تأجيل نهائي دوري أبطال أوروبا موسم 2019–2020 إلى أغسطس بسبب جائحة كورونا. حينها اكتشف الجميع هشاشة المواعيد التقليدية وسيولة أجندة المسابقات الدولية. ومنذ صيف 2020، أضاف النادي مادّة ضمن العقود تنص على أن “مدة العقد تشمل أي بطولة رسمية تُعلق بالموسم الجاري، حتى لو أُجريت بعد 30 يونيو في الروزنامة الجديدة”، ما يعني أن اللاعبين الخمسة عشر والأولوية الثلاثة سيبقون ملزمين بالمرينغي حتى إسدال الستار على المونديال.
من هم النجوم المستفيدون؟
• لوكا مودريتش (38 عاماً):
القلب النابض لوسط الميدان الملكي، يحافظ على مستواه رغم تقدم العمر، وقد سجّل منذ انضمامه رقماً مميزاً من التمريرات الحاسمة والأهداف الحاسمة في البطولات القارية.
• لوكاس فازكيش (33 عاماً):
ركيزة الخبرة في الأجنحة والوسط، يتمتع بلياقةٍ استثنائيةٍ سمحت له بالمشاركة في أكثر من 400 مباراة رسمية مع النادي.
• خيسوس فاييخو (28 عاماً):
المدافع الإسباني الشاب الذي عاد إلى قائمة الفريق بعد استبعادٍ طويل، وأصبح من البدائل الدفاعية المهمة في الأوقات الحرجة، ما يكسبه قيمة إضافية للاستمرار حتى مواجهة أبطال القارات.
تداعيات البند على سوق الانتقالات
فرص الأندية الراغبة في ضم أيٍ من الثُلاثي تقلّصت إلى الصفر حتى انقضاء مونديال الأندية (14 يونيو–13 يوليو)، إذ بات لا يحق لهم توقيع عقود مهنية أو التفاوض مع الريال بشأن انتقال حر، خلافاً لقواعد الانتقالات الصيفية التقليدية.
• الهجوم الأوروبي يتوقف:
أندية مثل ميلان وتشيلسي ويوفنتوس كانت تحضر عروضاً تصل إلى 10 ملايين يورو سنوياً لإغراء مودريتش وفازكيش، بينما راقبت بعض فرق الليغا رغبة ضم فاييخو لتدعيم الدفاع، لكن الشرط السري أغلق الباب أمامهم حتى ما بعد كأس العالم للأندية.
• تفوق رمزي ورياضي:
احتفاظ الريال بالنواة الصلبة يعزز فرص تحقيق اللقب العالمي، ويزيل أي شبهات عن إمكانية افتقاد الخبرة في المباريات الحاسمة أمام ممثلي آسيا وأمريكا الجنوبية.
سيناريوهات مواجهة أبطال القارات
وقع ريال مدريد في المجموعة الثامنة مع: الهلال السعودي، باتشوكا المكسيكي وريد بول سالزبورج النمساوي. مشاركة مودريتش وفازكيش وفاييخو ستمنح زيدان وأنديرو روين الاستقرار التكتيكي والخبرة المطلوبة لبلوغ نصف النهائي ثم النهائي، حيث يطمح “الملكي” للاحتفاظ باللقب الذي حققه آخر مرة عام 2018.
1. دور المجموعات:
سيقود مودريتش خط الوسط بتوزيعه المتقن للكرات، فيما يعول على سرعة فازكيش في الأجنحة، وصلابة فاييخو لمنع الأهداف المفاجئة.
2. نصف النهائي:
المتوقع أن يلتقي بطل أوروبا مع بطل أوقيانوسيا أو أفريقيا، وهنا يلعب البند دوراً نفسياً رائعاً للريال أمام خصمٍ يفتقد مثل هذه الضمانات التعاقدية.
3. النهائي:
المواجهة الكبرى مع الأرجح بطل أمريكا الجنوبية (ريفر بليت أو فلامنجو)، حيث تختبر الخبرة القارية قدرة الريال على استثمار الثلاثي في قلب المعركة الحاسمة.
كيف يتعامل اللاعبون مع البند الظاهر؟

مصادر مقرّبة من غرفة ملابس ريال مدريد كشفت أن الثلاثة رحبوا بهذا البند، معتبرين إياه “ضمانة للاستمرار مع النادي الذي صنع مجدهم”. مودريتش وصفه بأنه “تأمين مهني يتيح لي التركيز على الأداء فقط”، وفازكيش أعرب عن امتنانه لأن “بيريز يمنح اللاعبين المخضرمين الفرصة لحصد ألقاب إضافية قبل الاعتزال”، في حين يرى فاييخو أنها “فرصة لإغلاق ملف الموسم بانتصار عالمي قبل الانطلاق إلى تحديات جديدة”.
استراتيجية بيريز.. أكثر من مجرد امتياز قانوني
هذا الابتكار الإداري يعكس رؤية بيريز الأبعد من احتكار مواهب الكرة إلى فرض عقودٍ ذكية تحمي مصالح النادي على مدار العام، حتى في الظروف الطارئة.
• درس للأندية الأخرى:
لا يخفى على الأندية الكبرى أن إدخال هذه البنود ضمن عقود لاعبيها بموافقة النقابات والاتحادات المحلية والدولية يوفر مرونةً استثنائيةً في جداول البطولات المستقبلية.
• تحويل الأزمة إلى فرصة:
استخدم الريال تأجيل البطولات السابقة لصياغة بنود تمنحه اليد العليا في الميركاتو الصيفي، وضمان صفوف مكتملة للبطولات خارج الأسابيع الاعتيادية.
مع تبقي أقل من شهر لانطلاق مونديال الأندسة، سيظهر على أرض الملاعب إن كان هذا الذكاء القانوني سيتحول إلى فوزٍ تاريخيٍّ جديدٍ بفضل ثلاثي الخبرة، أو مجرد حيلة إدارية تُنسى مع صافرة النهاية. لكن المؤكد أن ريال مدريد، بقيادة بيريز، يثبت مرةً أخرى أنه لا يترك أي تفصيلة للصدفة، وأن التكتيك لا يقتصر على الساعة الدقيقة أو الملعب المبلل، بل يمتد إلى بنود العقود الخفية التي تصنع الفارق حين يُعلن العالم عن بطولاته.