
في خطوة مثيرة للجدل، كان نادي مارسيليا الفرنسي في منتصف سوق الانتقالات الشتوية يأمل في ضم مدافع نادي النصر، إيميريك لابورت، الذي يعد أحد أبرز اللاعبين في الدوري السعودي. ورغم أن اللاعب كان يعتقد أن خطوة الانتقال إلى مارسيليا قد تكون خطوة جيدة في مسيرته، إلا أن الصفقات المالية والشروط التعاقدية حالت دون إتمام هذه الصفقة. لم يكن لابورت اللاعب الوحيد الذي تفاوض عليه مارسيليا، إذ انضم إلى قائمة اللاعبين المستهدفين المدافع السنغالي خاليدو كوليبالي، نجم الهلال السعودي. فما هي الأسباب التي أدت إلى فشل هذه الصفقات؟ دعونا نستعرض التفاصيل.
لابورت: محط أنظار كبار الأندية الأوروبية
منذ انتقاله إلى الدوري السعودي، أصبح إيميريك لابورت لاعبًا أساسيًا في فريق النصر السعودي. ولكن رغم ذلك، كانت مسيرته في السعودية مليئة بالتحديات والضغوط، سواء على الصعيد الفني أو الشخصي. فقد مر بفترة عصيبة بعد وفاة والده في نهاية يناير الماضي، ما دفعه للتواجد في فرنسا عدة مرات بسبب مرضه. وهذا الغياب المتكرر أثّر على أدائه في بعض المباريات، حيث عانى من تذبذب في مستواه، وهو ما فتح المجال للحديث عن مستقبله.
اللاعب الفرنسي المحترف في خط الدفاع في نادي النصر، والذي تعاقد مع الفريق السعودي في صفقة ضخمة تقدر بحوالي 27.5 مليون يورو، كان من المتوقع أن يكون أحد الأسماء المميزة في كرة القدم الأوروبية في حال عودته إلى القارة العجوز. وكشفت صحيفة “ليكيب” الفرنسية عن رغبة نادي مارسيليا في التعاقد مع لابورت، وهو ما كان سيشكل إضافة كبيرة لفريق المدرب الفرنسي، إريك لامي.

تدخل المهدي بنعطية
كانت أولى التحركات الجادة في هذا الاتجاه من خلال المهدي بنعطية، المدير الرياضي لنادي مارسيليا، الذي تواصل مع لابورت في يناير الماضي. وفي اللقاءات الأولى بين الطرفين، أبدى لابورت موافقته المبدئية على فكرة الرحيل عن النصر والانتقال إلى مارسيليا، حيث شعر أنه قد يحقق نجاحًا أكبر في البيئة الأوروبية.
العوامل المالية وراء فشل الصفقة
رغم أن المدافع الفرنسي كان مستعدًا للانتقال إلى الفريق الفرنسي، إلا أن الصفقة اصطدمت بعدد من العوائق المالية. وبالنظر إلى أن لابورت مرتبط بعقد مع النصر يمتد حتى 2026، فضلاً عن المبلغ الكبير الذي دفعه النادي السعودي للحصول عليه، كانت شروط الانتقال، سواء بالنسبة للنادي الفرنسي أو اللاعب، غير متوافقة مع ما كان يأمله مارسيليا. حيث فشلت المفاوضات بسبب هذه العوائق المالية التي جعلت الصفقة غير ممكنة في فترة الانتقالات الشتوية.
كوليبالي.. صفقة أخرى فاشلة
لم يكن لابورت هو اللاعب الوحيد الذي حاول مارسيليا التعاقد معه من الدوري السعودي، إذ أفادت التقارير بأن الفريق الفرنسي تفاوض أيضًا مع السنغالي خاليدو كوليبالي، نجم الهلال. كما حدث مع لابورت، أبدى كوليبالي موافقته المبدئية على الانتقال، لكنه رفض في النهاية بسبب متطلبات مالية صعبة. وفي حين بدا كوليبالي خيارًا جذابًا للفريق الفرنسي، إلا أن عدم تمكن مارسيليا من التوصل إلى اتفاق مالي مع الهلال، بالإضافة إلى تمسك جورج جيسوس، المدير الفني للهلال، بنجومه الأجانب، أجهض الصفقة.
وقد صرح جيسوس مؤخرًا أن النادي ليس في وضع يسمح له بالتخلي عن أي لاعب أجنبي في قائمة الفريق المحلية، وهو ما يعني تمسكه بلاعبيه مثل كوليبالي، الذي يُعتبر من الركائز الأساسية في تشكيلة الهلال. في المقابل، تضاءل اهتمام النادي الفرنسي في هذه الصفقة بعد تعقيد الأمور مع الهلال.

لابورت: رغم التحديات.. قدم أداءً جيدًا
على الرغم من فشل صفقته مع مارسيليا، إلا أن لابورت واصل تقديم مستوى جيد مع النصر. ونجح المدافع الفرنسي في تسجيل ثلاثة أهداف في دوري روشن السعودي، بالإضافة إلى هدف آخر في دوري أبطال آسيا، ليكون أحد العناصر الحاسمة في بعض مباريات الفريق. من الواضح أن لابورت يُعتبر من اللاعبين المؤثرين في فريق النصر، ويأمل اللاعب في الاستمرار في تقديم أفضل ما لديه في الفترة القادمة مع ناديه، خاصة بعد فترة عصيبة مر بها على الصعيد الشخصي.
ورغم الضغوط التي واجهها، إلا أن لابورت يظل أحد الأسماء التي يتمتع بها الدوري السعودي. والعديد من الأندية الأوروبية لا تزال تراقب وضعه الحالي، في انتظار الفرصة المناسبة للانقضاض على اللاعب في فترة الانتقالات القادمة.
تحليل التحديات الاقتصادية في السوق السعودي
يبدو أن التحديات الاقتصادية التي تواجه الأندية الأوروبية في سوق الانتقالات عندما يتعلق الأمر باللاعبين المميزين في الدوري السعودي، أصبحت أكثر وضوحًا في الآونة الأخيرة. حيث يعاني بعض الأندية من صعوبة في التعامل مع العقود الضخمة التي تبرمها الأندية السعودية. خاصة أن الفرق السعودية على استعداد لدفع مبالغ طائلة لضم لاعبين مميزين، ما يجعل الأندية الأوروبية تواجه صعوبة في التفاوض مع هذه الأندية التي تمتلك ميزانيات ضخمة.
وفي نهاية المطاف، قد يكون من الصعب لأندية مثل مارسيليا التعاقد مع لاعبين كبار في الدوري السعودي، خاصة إذا كانت العوامل الاقتصادية، سواء بالنسبة للنادي الفرنسي أو اللاعب، غير متوافقة مع ما يتم تقديمه في أوروبا. هذا الوضع يتطلب من الأندية الأوروبية أن تكون أكثر استراتيجية وواقعية في مفاوضاتها مع الأندية السعودية.
رغم أن رغبة مارسيليا في ضم كل من لابورت وكوليبالي كانت جادة، إلا أن العوامل الاقتصادية وتقلبات سوق الانتقالات بين الأندية الأوروبية والسعودية قد أدت إلى فشل الصفقتين. يبقى أن نرى كيف ستؤثر هذه المفاوضات الفاشلة على مستقبل اللاعبين في الدوري السعودي، وما إذا كانت ستفتح الأبواب أمام عروض أخرى في المستقبل القريب.