
تشهد الساعات الأخيرة من الأحداث مفترق طرق حاسم في مسيرة اللاعب حسام عوار، الذي يعتبر من أبرز المواهب التي خرجت عن أكاديمية أولمبيك ليون. هذا اللاعب ذو الأصول الجزائرية يواجه الآن قراراً مصيرياً حول انتمائه الوطني؛ فبينما تتصاعد التكهنات حول انضمامه إلى صفوف المنتخب الفرنسي، يظل السؤال معلقاً حول إمكانية رجوعه إلى الجذور التي تربطه بمنتخب بلاده الأصلية.
يأتي هذا الملف في وقت تشهد فيه الأندية والمنتخبات حالة من التقلبات، ويزداد النقاش حول مستقبل اللاعبين ذوي الهوية المزدوجة الذين تربوا في نظام تدريبي فرنسي محترف. حسام عوار، الذي برز مؤخراً بفضل أداءه اللافت في دوري أبطال أوروبا، بات حديث وسائل الإعلام والمهتمين بكرة القدم في فرنسا وشمال إفريقيا على حد سواء. ومن المعروف أن اللاعب قد تلقى عرضاً جذاباً في الساعات القليلة الماضية، ما جعل التكهنات تتصاعد حول قرار مستقبله الدولي.
جذور اللاعب ومسيرته المبكرة
نشأ حسام عوار في أجواء تجمع بين الثقافتين الجزائرية والفرنسية، مما منحه رؤية مميزة حول كرة القدم. فقد بدأت مسيرته في الأكاديميات المرموقة التي يتفرد بها النظام الفرنسي، مما أكسبه الانضباط الفني والذهني الذي لا يُستهان به. وفي ظل هذا النظام التدريبي الصارم، أصبح عوار رمزاً للشباب الذين يتطلعون للعب في الأندية الكبرى بفضل موهبته الفريدة وإصراره على تحقيق النجاح.
منذ انتقاله إلى أولمبيك ليون، أثبت اللاعب نفسه كلاعب وسط ميدان يتمتع بقدرات هجومية ودفاعية متكاملة، مما جعله يستحق الإشادة في البطولات الأوروبية. وقد كان أداءه المميز في دوري أبطال أوروبا هو السبيل الذي أكسبه اهتمام المسؤولين في المنتخب الفرنسي، حيث تتوافد الدعوات لضم اللاعب إلى صفوف “الديكة” العريقة. هذا الأداء اللافت جاء في وقت تتنافس فيه المنتخبات على ضم اللاعبين الموهوبين الذين ينتمون إلى دول ذات تاريخ عظيم في اللعبة.
تصريحات الإعلام والضغوط المحيطة بالقرار
تداول الإعلام الفرنسي تصريحات تؤكد أن حسام عوار يميل إلى تفضيل المنتخب الفرنسي، حيث صرح الإعلامي المخضرم دومينيك جريمولت بأن اللاعب من المحتمل أن يرتدي قميص المنتخب الفرنسي في أقرب فرصة. وأشار جريمولت إلى أن الأمور ستتضح بشكل رسمي مع اقتراب موعد الإعلان من قبل المدرب الفرنسي ديدييه ديشامب، الذي يُعتبر رمزاً من رموز كرة القدم في فرنسا. وقد عبّر الإعلامي عن ثقته بأن اللاعب سيختار المسار الذي يضمن له فرصة اللعب مع أعظم اللاعبين في المنتخب الفرنسي، خاصة بعد الأداء الرائع الذي قدمه مؤخراً في البطولات الأوروبية.
هذه التصريحات جاءت لتضع اللاعبين والمشجعين في حالة ترقب، إذ أن حسام عوار يُعد من اللاعبين الذين يمكنهم تغيير موازين القوى في المشهد الكروي، سواء في فرنسا أو الجزائر. فمع كل مباراة يظهر فيها تألقه، يتصاعد الضغط عليه لاتخاذ قرار نهائي حول هويته الرياضية. وبهذا الصدد، فإن الضغوط الإعلامية لا تقتصر على الجانب الرياضي فحسب، بل تمتد لتشمل الأبعاد الوطنية والثقافية التي تربط اللاعب ببلده الأصلي.
المحاولات الجزائرية للتأثير على قرار اللاعب
على الجانب الآخر، لم تكن الهيئات الرياضية الجزائرية غافلة عن سعيها لضم اللاعب إلى صفوف المنتخب الوطني. فقد قام خير الدين زطشي، رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم، بمحاولات جادة لإقناع حسام عوار بالانضمام إلى “الخضر”، خاصةً مع اقتراب بطولة أمم أفريقيا 2019. إلا أن هذه المحاولات جاءت في توقيت متأخر نسبياً، حيث أن اللاعب قد بدأ بالفعل في تلقي دعوات رسمية من الجهاز الفرنسي.
وقد أفادت مصادر إعلامية أن زطشي تواصل شخصياً مع حسام عوار في محاولة لتسليط الضوء على الفخر الوطني والأهمية الكبيرة التي يحملها اللاعب في تاريخ الكرة الجزائرية. إلا أن الرد الذي تلقاه زطشي كان مفاجئاً، حيث أكد حسام عوار أنه سينتهي من كافة الترتيبات مع المنتخب الفرنسي حالما يتواصل معه المسؤولون يوم الخميس المقبل. هذا الرد أشير إليه بأنه دلالة واضحة على مدى اهتمام اللاعب بالانضمام إلى الفريق الذي يُعد من أقوى المنتخبات في العالم، لا سيما في ظل الإنجازات التي حققها الفرنسيون في السنوات الأخيرة.

العوامل الفنية والإدارية في الاختيار
من المؤكد أن قرار حسام عوار لا يعتمد فقط على العوامل الوطنية والثقافية، بل يمتد ليشمل عوامل فنية وإدارية تلعب دوراً حاسماً في تحديد مساره. ففي وقت يشهد فيه المنتخب الفرنسي تنظيم مواعيد تجمع اللاعبين في إطار الاستعداد للبطولات القادمة، تبرز أهمية الانتساب إلى المنتخب الذي يوفر للاعب فرصة المشاركة في منافسات كبرى مثل بطولة العالم والبطولات الأوروبية. هذه العوامل تجعل من الانتساب إلى المنتخب الفرنسي خياراً منطقياً، خاصةً مع الأخذ بعين الاعتبار التاريخ المضيء الذي يحرزه الفرنسيون على الصعيد الدولي.
إضافة إلى ذلك، فإن توقيت الإتصالات الرسمية يلعب دوراً مهماً في هذه القضية؛ ففي حين أن التواريخ الرسمية للمباريات الدولية قد تم جدولتها بما يتناسب مع الأجندة الأوروبية، لا يمتلك المنتخب الجزائري في الفترة الحالية مواعيد تجمع رسمية تمكنه من ضم اللاعب دون تعارض مع جدول الفرنسيين. هذا الترتيب الزمني يعطي الأفضلية للمنتخب الفرنسي الذي يستطيع تأمين مشاركة حسام عوار ضمن تشكيلته دون الحاجة إلى إعادة جدولة التواريخ أو التنازل عن حقوقه التعاقدية.
الأداء الرياضي وتأثيره على القرار
على الصعيد الرياضي، لا يمكن إغفال الأداء اللافت لحسام عوار في البطولات الأوروبية، حيث كان له دور بارز في قيادة فريقه لتجاوز منافسين أقوياء مثل مانشستر سيتي في مرحلة ربع نهائي دوري أبطال أوروبا. هذا الإنجاز الذي حققه اللاعب أضاف له قيمة كبيرة وأثبت للعالم أن لديه القدرة على تقديم مستويات فنية عالية تحت الضغط. ولا شك أن مثل هذه النتائج تعزز موقفه لدى المسؤولين في المنتخب الفرنسي، الذين يسعون دائماً لضم اللاعبين القادرين على إحداث الفارق في المباريات الحاسمة.
من جهة أخرى، فإن هذا الأداء الرائع لم يمر دون أن يلفت انتباه الهيئات الجزائرية، التي كانت تأمل في استغلال مهارات اللاعب لرفع مستوى منتخبها الوطني. إلا أن الارتباط الوثيق بين اللاعب والمدرب الفرنسي ودوره في الأندية الأوروبية الكبيرة جعله يميل بطبيعته إلى الاستمرار مع المنتخب الذي يوفر له البيئة المثلى للتطور والمشاركة في البطولات الكبرى. هذا التوازن بين الانتماء العاطفي والقرار الفني يجعل من مسألة انضمامه إلى المنتخب الفرنسي قضية معقدة تتداخل فيها عدة عوامل يصعب حصرها في قرار واحد.
نظرة مستقبلية على الملف الدولي
يبدو أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل حسام عوار الدولي. ففي ظل التصريحات المتضاربة والجهود المتواصلة من كلا الجانبين، يبقى اللاعب في موقف حساس بين انتماءه لبلده الأصلي وفرصة اللعب مع أحد أقوى المنتخبات العالمية. ومع اقتراب موعد الإعلان الرسمي من قبل ديدييه ديشامب، يترقب عشاق الكرة تفاصيل القرار الذي سيتخذه اللاعب، والذي من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على مسار المنتخبين في الفترتين القادمتين.
ومن المؤكد أن هذا الملف لا يقتصر على مسألة اختيار لاعب واحد فحسب، بل يحمل في طياته مفاهيم أعمق تتعلق بالهوية والانتماء في عالم كرة القدم. ففي عصر تزداد فيه ظاهرة اللاعبين ذوي الأصول المزدوجة، يصبح القرار بشأن انتمائهم الوطني أحد الموضوعات الحساسة التي تثير جدلاً واسعاً بين الجماهير والخبراء على حد سواء. ويشكل هذا النقاش جزءاً من الحوار الأكبر حول كيفية استغلال المواهب في ظل المنافسة العالمية المتزايدة بين المنتخبات.
تأثير هذا القرار على المشهد الكروي
إذا ما قرر حسام عوار الانضمام إلى المنتخب الفرنسي، فإن ذلك سيكون له تأثير كبير على مسار المنتخبين على المستويين الأوروبي والإفريقي. فالمنتخب الفرنسي، الذي يعتمد بشكل كبير على الاستفادة من اللاعبين الشباب والموهوبين الذين تربوا في الأندية الكبرى، سيستمر في تعزيز صفوفه بلاعب يمتلك قدرة فائقة على التحكم في وسط الميدان وخلق الفرص التهديفية. هذا الانتساب سيشكل رسالة قوية للاعبين الآخرين ذوي الهوية المزدوجة بأن الانضمام إلى منتخب قوي قد يكون له أبعاد فنية واقتصادية وإعلامية كبيرة.
أما بالنسبة للمنتخب الجزائري، فإن خسارة لاعب بمثل هذه المواهب ستكون بمثابة صفعة قاسية للجهاز الفني والإداري، الذي كان يسعى لرفع مستوى المنتخب واستغلال كافة الإمكانات المتاحة له. فقد كان من الممكن أن يشكل انضمام حسام عوار دفعة نوعية لتعزيز صفوف الفريق، خاصةً في ظل المنافسات الدولية المقبلة. ولكن مع تفضيل اللاعب للمنتخب الفرنسي، يجد الجهاز الجزائري نفسه أمام تحديات جديدة لإعادة ترتيب أولوياته وتطوير نظامه الفني بما يتماشى مع الإمكانات المتاحة داخلياً.

معطيات اقتصادية وإعلامية
لا تخلو مسألة انضمام حسام عوار من أبعاد اقتصادية وإعلامية هامة؛ فالانتقال إلى المنتخب الفرنسي لا يعني فقط الحصول على فرصة لتمثيل منتخب قوي، بل يحمل في طياته فوائد مالية وتسويقية كبيرة. فالمشاركة مع منتخب عالمي يفتح آفاقاً واسعة للإعلانات والصفقات التجارية التي تسهم في تعزيز صورة اللاعب على المستوى الدولي. وهذا بدوره ينعكس إيجاباً على مسيرته الاحترافية، حيث يحصل اللاعب على دعم إضافي من شركات راعية ومستثمرين يرون في اسمه قيمة تسويقية كبيرة.
من ناحية أخرى، فإن الإعلام الفرنسي والإفريقي يراقبان عن كثب كل تفاصيل هذا الملف، إذ أن أي خطوة يتخذها اللاعب ستنعكس بشكل مباشر على صورة المنتخبات وعلى مستوى التغطية الإعلامية. وتبرز هنا أهمية التوقيت والإدارة الإعلامية في تقديم صورة متوازنة للحدث، حيث يُسعى لتجنب إثارة الجدل السلبي حول مسألة الانتماء الوطني. في ظل هذا السياق، فإن تصريحات المسؤولين مثل ديدييه ديشامب وخير الدين زطشي تلعب دوراً محورياً في توجيه الرأي العام وتحديد معالم الملف الدولي لحسام عوار.
دور التجارب السابقة في تشكيل القرار
لا يخفى على أحد أن قرارات اللاعبين ذوي الهوية المزدوجة غالباً ما تتأثر بتجارب سابقة مرت بها شخصيات رياضية بارزة. فعلى سبيل المثال، فإن تجارب لاعبين مثل زين الدين زيدان ورأفت حكم، الذين كانوا رمزاً في مشوارهم الدولي، تبرز أهمية الانتماء الوطني الذي يتعدى مجرد الكرة ويتغلغل في الروح والهوية. وفي حالة حسام عوار، فإن التحدي يكمن في تحقيق توازن بين رغباته الشخصية وفرص التطور الفني الذي يوفره الانضمام إلى منتخب قوي يمتلك سجلاً حافلاً من الإنجازات.
وهذا السياق التاريخي يعطي بعداً إضافياً للنقاش حول مستقبل اللاعب؛ إذ أن القرارات التي يتخذها اللاعبون في مثل هذه الظروف لا تقتصر على الجانب الرياضي فقط، بل تشمل أيضاً تجارب حياتية وشخصية أثرت في تشكيل رؤيتهم لمستقبلهم. وفي هذا الصدد، فإن حسام عوار يقف أمام مفترق طرق يحمل في طياته فرصاً كبيرة للتألق، ولكن يتعين عليه أن يوازن بين العوامل التي يمكن أن تحدد مساره المهني والهوية التي يشعر بها تجاه وطنه الأم.
آفاق جديدة في ضوء الملف الدولي
يبدو أن الملف الدولي لحسام عوار سيمثل واحدة من أكثر القضايا حساسية في عالم كرة القدم هذا الموسم. فالاختيار بين المنتخب الفرنسي الذي يمثل القمة الأوروبية، وبين المنتخب الجزائري الذي يحمل في طياته مشاعر الانتماء والهوية، ليس قراراً بسيطاً. وفي ظل التطورات الأخيرة، تتجه المؤشرات إلى أن اللاعب يميل بثبات نحو الانضمام إلى المنتخب الفرنسي، خاصةً مع توفر الفرصة للمشاركة في البطولات الكبرى والتي من شأنها أن تسهم في بناء مسيرة رياضية جديدة تعزز من مكانته على المستوى الدولي.
إن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مصير هذا الملف، حيث من المتوقع أن يتم الإعلان عن القرار الرسمي في إطار مؤتمر صحفي يجمع بين المسؤولين الفرنسيين والتصريحات الإعلامية التي من شأنها أن تسلط الضوء على المراحل القادمة في مسيرة حسام عوار. وفي هذا السياق، يترقب عشاق كرة القدم التفاصيل الدقيقة التي قد تحدد مستقبل اللاعب، سواء كانت بتأكيد الانضمام إلى صفوف “الديكة” أم بظهور مفاجآت قد تعيد فتح ملف الانتماء الوطني بطريقة جديدة.
من المؤكد أن مسيرة حسام عوار ستظل موضوع حديث الإعلام والمشجعين لسنوات قادمة، سواء من خلال الأداء المذهل الذي سيقدمه في المباريات الدولية أو من خلال القرارات التي ستُتخذ بشأن هويته الوطنية. وهذا الملف يشكل حالة نموذجية للتحديات التي يواجهها اللاعبون ذوو الهوية المزدوجة في عالم أصبح فيه الانتماء مسألة معقدة تتداخل فيها عوامل رياضية وثقافية واقتصادية.
إن حسام عوار يقف اليوم أمام خيار قد يعيد رسم ملامح كرة القدم على المستويين الأوروبي والإفريقي، ويُثبت أن المواهب الكبيرة تجد دائماً الطريق إلى النجاح بغض النظر عن التحديات التي تفرضها المصالح والضغوط المختلفة. وفي هذا الإطار، يُنظر إلى هذا الملف كأحد أبرز الحالات التي تُظهر كيف يمكن للعبة كرة القدم أن تجمع بين القيم الوطنية والعالمية في آن واحد.