عقب الإقصاء المزدوج في دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا أمام أرسنال، خرج تيبو كورتوا، حارس مرمى ريال مدريد، بتصريح اعتُبر بمثابة صاعقة على أداء خط الهجوم الملكي. فقد سقط الفريق بخسارة 3-0 في لندن قبل أن يتكرر الإقصاء بنتيجة 2-1 على ملعب سانتياجو برنابيو، ما أحبط آمال الريال في صناعة ريمونتادا تاريخية أمام جماهيره، وطرح العديد من علامات الاستفهام حول فاعلية المهاجمين واحترافية منظومة اللعب الهجومي.
شكوى من الفرص الضائعة
أوضح كورتوا في مقابلة مع صحيفة "ميرور" البريطانية أن ريال مدريد افتقد القدرة على تهديد مرمى منافسه الإنجليزي بالشكل الكافي، قائلاً إن التسجيل المبكر كان سيُحسن من ديناميكية اللعب ويرفع ثقة زملائه: "عندما تنتهي الجولة الأولى دون تسجيل، يتعقد الشوط الثاني بشكل أكبر، وللأسف سُجل الهدف الأول ضدنا مبكراً، لكننا عدنا سريعاً بالتعادل قبل أن يتفوق الخصم في النهاية".
تكرار سيناريو الموسم الماضي
لم تكن هذه الخسارة الأولى من نوعها لريال مدريد أمام أرسنال، حيث أجهض "المدفعجية" أحلام الريال في تأمين تأهل سلس بعد أن أبدع دافيد رايا في التصدي للفرص الملكية. وأشار كورتوا إلى أن حارس أرسنال لم يُضطر للقيام بتدخل حاسم إلا نادراً، ما يدل على قلة جودة الفرص التي أتيحت للفريق الإسباني: "لا أعتقد أن رايا واجه ضغطاً كبيراً من جانبنا، فالمشكلة الحقيقية كانت في أننا لم نخلق الكثير من الفرص الواضحة أمام مرمى الخصم".
غياب المهاجم القناص

تطرق الحارس البلجيكي إلى نقص شريك ليُساند الموهبة الصاعدة فيرلان ميندي، موضحاً أن الفريق يفتقد في الوقت الحالي لما كان يساهم به اللاعب السابق خوسيلو من حيوية ومهارة في الثلث الهجومي الأخير: "لعبنا العديد من العرضيات وحاولنا الاختراق من الأطراف، لكننا نفتقر إلى وجود رأس حربة يترك بصمته داخل منطقة الجزاء. الموسم الحالي يفتقر إلى لاعب هدف فطري يمكنه تحويل أي كرة عرضية أو تمريرة خلف الدفاع إلى هدف".
تحليل تكتيكي لضحالة الهجوم
يرجع بعض المحللين تراجع فاعلية ريال مدريد إلى اعتماد المدرب على أربعة مهاجمين لا يمنحون تناغماً كافياً، ما سمح لأرسنال بتنظيم دفاعي محكم وضغط مستمر على حامل الكرة داخل ملعب الريال. وقد عانى لاعبو الوسط من تأخر في دعم المهاجمين، بينما اكتفى الظهيران بالارتداد الدفاعي أكثر من الانضمام إلى الهجوم. واعتبر بعض الخبراء أن غياب التوازن بين الدفاع والهجوم اضطر كورتوا للقيام بمجهود مضاعف، وإنقاذ مرماه من أهداف محققة كانت كفيلة بإعادة المباراة إلى نقطة التعادل مجدداً.
التركيز على البطولات المحلية والقارية
رغم خيبة الأمل في المنافسة الأوروبية، شدد حارس المرمى على أن الموسم لم ينتهِ بعد، وأن الفريق لديه فرصة للتعويض في بطولة الدوري الإسباني التي لا يزال الصراع عليها محتدماً، إضافة إلى نهائي كأس ملك إسبانيا الذي سيقام خلال الأيام المقبلة، ومن ثم المشاركة في كأس العالم للأندية. ووجه الشكر للجماهير التي واصلت الوقوف خلف اللاعبين، معبراً عن أمله في تقديم فرحة جديدة لهم قريباً: "التفكير في العودة دائماً يبث الأمل في نفوسنا، ونتطلع إلى منح المشجعين بعض البهجة في بقية المشوار".
دروس مستفادة وخطة تطوير

باحثون في مركز تحليل الأداء الرياضي بمؤسسة "أديداس" أشاروا إلى ثلاثة محاور رئيسية يتعين على ريال مدريد مراجعتها قبل الموسم المقبل:
1. تحسين الفعالية الهجومية عبر دمج مهاجم هدف صريح في التشكيلة الأساسية.
2. منح الحرية للاعبي الأطراف لزيادة الكثافة الهجومية داخل الصندوق.
3. تعزيز الروابط التكتيكية بين خطي الوسط والهجوم عبر تدريبات مركزة على التحرك بدون كرة.
هذه التدابير من شأنها أن تعيد التوازن لمؤسسة سانتياجو برنابيو وتعيد الملكي إلى سكة التنافس القاري، بعد تبدد حلم اللقب للمرة الثانية على التوالي أمام أرسنال.
ختاماً، تأتي تصريحات كورتوا لتؤكد أن الرياضة لا تنفصل عن المراجعة الذاتية، وأن الفريق الذي يسعى للاحتفاظ بلقبه أو استعادته يتطلب قدرة على التشخيص الدقيق للأخطاء ومعالجتها سريعاً. ريال مدريد أمامه تحدٍ مزدوج: إرضاء جماهيره محلياً وتحقيق إنجاز عالمي لاحقاً، لكن البداية الحقيقية ستكون من أعماق ظهوره في المباريات القادمة، حيث يجب على القوة الهجومية أن تستعيد مكانتها وتثبت للجميع أنها تستحق لقب "الملكي".