أعرب المدرب الإسباني ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق أرسنال، عن اعتزازه الكبير بالفترة التي يعيشها "المدفعجية" بعد تأهلهم إلى الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا للمرة الثالثة في تاريخ النادي، وذلك عقب تخطي عقبة نادي ريال مدريد صاحب الرقم القياسي في البطولة الأوروبية، بفوز أرسنال ذهاباً بثلاثية نظيفة على ملعب الإمارات ثم على أرض سانتياجو برنابيو بهدفين مقابل هدف واحد.
في تصريحات نقلتها شبكة تي إن تي مباشرة بعد صافرة نهاية مباراة الإياب، قال أرتيتا: "عشت واحدة من أفضل الليالي في مسيرتي الكروية؛ لقد واجهنا واحداً من أنجح الأندية في تاريخ كأس الأبطال، وحققنا ما كان مطلوباً منا بكل ثقة وإصرار". جاءت تلك الكلمات بعد أن استعاد الفريق اللندني أجواء التفوق العالمي على أرض منافسه الإسباني الشهير، ليبرهن على تطور مستوى لاعبيه ونجاعتهم التكتيكية أمام الخصوم الكبار.
تقييم الأداء الجماعي
أكد أرتيتا أن الانضباط التكتيكي كان العامل الحاسم في تحقيق الانتصار أمام ريال مدريد: "سرَّنا بشكلٍ جماعي دون افتراق بين خطوط الملعب؛ المدافعون تقدموا للضغط عند الحاجة، ولاعبو الوسط زجوا التمريرات البينية في الوقت المناسب، والمهاجمون استغلوا الفرص المباشرة." ولفت المدرب الإسباني إلى أن السرعة في التحول من الدفاع إلى الهجوم كانت مفتاح تفوق أرسنال، مشيراً إلى أن فريقه "نفذ الخطة بدقة متناهية وعبر عنها أداؤهم على أرض الواقع".
المرونة الخططية وردات الفعل

تحدث أرتيتا عن التعديلات التي أجراها في الشوط الثاني لتعزيز السيطرة على وسط الملعب بعد الهدف المبكر للريال، قائلاً: "بعد تلقي هدف سريع، كان لزاماً علينا إعادة التوازن فوراً، فنحن لا نرضى بترك زمام الأمور لأصحاب الأرض. قمنا بإشراك عناصرٍ هجومية إضافية للحفاظ على إيقاعنا وخلق مساحات للاعبي الأجنحة." وأضاف: "اللاعبون تلقفوا التعليمات وطبقوا الأسلوب المطلوب، رغم الضغط الهائل من البيرنابيو وأمام جمهور كبير".
الخبرة وقيمة الإنجاز
استدرك أرتيتا بالإشارة إلى أن هذه المحطة تُعَدُّ الرابعة له كمدرب رئيسي في دور الثمانية، وما يميزها أنها جاءت أمام عملاقٍ أوروبي: "المرة الأولى التي نصل فيها إلى هذا الدور كانت عام 2009، ثم كررناها مرتين في العقد الأخير، واليوم نجحنا مرة أخرى بفضل تعبنا المستمر وثقتنا بأنفسنا". وأوضح أن بناء ثقافة الفوز داخل أرسنال يحتاج وقتاً وتجارب متتالية، مجدداً التأكيد على أن كل تجربة تمثل درساً يُضاف إلى رصيد النادي.
الاحتفاء باللاعبين
لم يفت أرتيتا أن يثني على لاعبيه واحداً واحداً، موضحاً أن كل فرد في التشكيلة قدم إسهامه في الفوز التاريخي: "من حارس المرمى الذي أبعد تسديداتٍ محققة، إلى المدافعين الذين ربطوا خطوط الفريق، ولاعبي الوسط الذين صنعوا الإيقاع، وصولاً للمهاجمين الذين سجلوا الأهداف الحاسمة. هذه هي كرة القدم الجماعية، ونحن نمثل صورةً واضحة عن المعنى الحقيقي للفريق الواحد."
الاستعداد للقاء باريس سان جيرمان
حول المواجهة المرتقبة مع باريس سان جيرمان في نصف نهائي البطولة، قال أرتيتا: "لقد راقبت لقاءهم أمام أيندهوفن، وشاهدت مستوىً عالياً من الثقة والتنظيم. لويس إنريكي معروف بخبرته التكتيكية، لكننا مستعدون لهذه المواجهة مثلما كنا جاهزين للريال. سنبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على نسقنا واللعب بنفس الروح القتالية." واعتبر أن تجاوز عقبة بطل إسبانيا أضفى مزيداً من الثقة لدى لاعبيه قبل تحدٍ جديد في "الملعب الملكي" الآخر.
الأهداف المستقبلية على الصعيدين المحلي والقاري

رغم أن تأهل أرسنال إلى نصف النهائي يعد إنجازاً بحد ذاته، شدد أرتيتا على ضرورة مواصلة الضغط في الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس الرابطة. وأشار إلى أن الفريق لن يكتفي بالوصول بعيداً في أوروبا فحسب، بل يسعى لإنهاء الموسم بالألقاب المحلية أيضاً. وأضاف: "الاهتمام بالبي بي سي (الدوري الإنجليزي) لا يقل أهمية عن دوري الأبطال، فنحن ندرك قدر المسؤولية تجاه جماهيرنا التي تنتظر إنجازات ملموسة هذا الموسم."
أثر الجماهير والدعم النفسي
اختتم المدرب حديثه بالشكر لجماهير "المدفعجية" التي ساندت اللاعبين عبر المدرجات والمنصات الرقمية، مؤكداً أن "الدعم اللامحدود" أسهم في رفع الروح المعنوية رغم صعوبة التغلب على منافس بحجم ريال مدريد: "كانوا لاعبنا رقم اثنين، وتواجدهم منحنا دفعة إضافية في الأوقات الحاسمة."
في المجمل، يبرز تصريح ميكيل أرتيتا بعد الإقصاء الملكي نمطاً حديثاً في التفكير التكتيكي والإدارة النفسية للفريق، معتبراً كل تأهل خطوة نحو بناء إرثٍ جديد لأرسنال يعود به إلى منصات التتويج الأوروبية والمحلية على حد سواء.