
في خضم تصفيات كأس العالم 2026، يتأهب المنتخب السعودي لخوض مباراة حاسمة ستُقام على أرض ملعب سايتاما 2002، حيث سيواجه منتخب اليابان الذي يُعتبر من أفضل المنتخبات في القارة الآسيوية. وفي هذه الأجواء المشحونة بالتوقعات والضغوط، يبرز المدير الفني الفرنسي هيرفي رينارد الذي أعاد صياغة مقولة قديمة لمانشيني، مؤكدًا على ضرورة المثابرة والتنافس الشديد حتى وإن واجه الفريق صعوبات في ظروف خاصة مثل اللعب خلال شهر رمضان.
يُواجه المنتخب السعودي تحديات كبيرة قبل المباراة المرتقبة ضد اليابان، خاصةً بعد الأداء المتفاوت الذي شاهده الجمهور في مباريات التصفيات السابقة. فقد استطاع الأخضر تحقيق فوز مهم على الصين بهدف دون رد في الجولة السابعة، وهو ما منح الفريق دفعة معنوية كبيرة، رغم أن اللقاء بين اليابان وإيطاليا في الجولة الثالثة قد شحذ الهمم من خلال خسارة ساموراي اليابانيين بنتيجة (2-0) أمام الأخضر، مما ترك شعورًا بالحاجة إلى رد قاطع لتعويض ما فات.
يتحدث رينارد بصراحة عن واقع الفريق السعودي، مشيرًا إلى أن المنافسة على بطاقة التأهل الثانية إلى مونديال 2026 تشتد مع كل مباراة، وأن الفريق بحاجة لأن يبذل جهداً مضاعفًا لمواجهة الخصوم، بغض النظر عن مدى صعوبة المهمة. وفي تصريحات تحمل بين سطورها روح التحدي والاصرار، قال المدير الفني: “يجب أن ننافس بشدة، ولا تقبل الأمور بأن تكون النتيجة نصف نص، فنحن نطمح إلى تحقيق بطاقة التأهل الثانية مهما كان الثمن”. هذه الكلمات تُذكر الجميع بأن النجاح في التصفيات لا يعتمد فقط على الأداء الفردي لكل لاعب، بل على مدى التنظيم والتكتيك الجماعي الذي يعيشه الفريق في كل مباراة.
أحد المواضيع التي تناولها رينارد في تصريحاته كان موضوع اللعب في شهر رمضان، وهي فترة تشهد تحديات جسدية ونفسية خاصة على اللاعبين. فقد تحدث رينارد عن الصعوبات التي يواجهها اللاعبون أثناء الصيام، مشيرًا إلى أن فقدان السوائل وتراجع مستويات الطاقة يمكن أن يؤثر بشكل ملحوظ على الأداء. وفي هذا السياق، أشار إلى أن الإصابات العضلية التي تلاحق بعض اللاعبين ليست بأمر غريب، بل هي جزء من طبيعة كرة القدم في هذه الفترة، خاصةً إذا لم يتم تنظيم نظام التغذية والترطيب بشكل جيد. وأضاف: “اللعب في رمضان يتطلب مجهودًا مضاعفًا، واللاعبون بحاجة لتكييف أنفسهم مع الظروف الفسيولوجية المختلفة التي تصاحب الصيام”.
عند الحديث عن المنتخب الياباني، لم يتردد رينارد في الإشادة بمستوى خصمهم، حيث أعاد ترديد كلمات المدير الفني السابق مانشيني الذي وصف اليابان بأفضل منتخب في آسيا. وفي هذا السياق، أكد رينارد أن اليابان تملك فلسفة كروية قائمة على الانضباط والعمل الجماعي، وهو ما يجعلها خصمًا صعبًا على أي فريق يسعى للتأهل. وأضاف: “اليابان ليست فقط منتخبًا متمرسًا، بل لديهم نظام مدروس يقوم على الاجتهاد والانضباط، وهذا ما يجعلنا نحتاج لأن نكون في قمة مستوانا لننافسهم على أرض الملعب”.

من الناحية التكتيكية، يعمل رينارد على إعادة تنظيم الخطط التي يتبعها المنتخب السعودي، معتمدًا على مزيج من اللاعبين المخضرمين والشباب الواعدين. وقد تطرق إلى أهمية استغلال الفرص وتحويلها إلى أهداف حاسمة، مؤكداً أن الفريق يجب أن يلعب بأسلوب هجومي متوازن يتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع مجريات المباراة. وفي هذا الإطار، أكد المدير الفني على ضرورة عدم الاستسلام لأي عقبة أو توقع سلبي، قائلاً: “مهما كانت التحديات، يجب أن نظل متماسكين ونقاتل حتى آخر دقيقة، لأن النجاح لا يأتي إلا لمن يسعى بكل جهده لتحقيقه”.
تجدر الإشارة إلى أن المنتخب السعودي يشهد تطورًا ملحوظًا في مستوى الأداء في التصفيات الآسيوية، خاصةً مع ظهور نتائج إيجابية في مباريات الجولة الأخيرة، ما يعيد الأمل في أن يكون هناك فرصة حقيقية لتحقيق التأهل إلى مونديال 2026. فالفوز على الصين، وإن كان بدون أهداف، أظهر قدرة الفريق على تنظيم صفوفه والاعتماد على التكتيكات المحكمة التي وضعها الجهاز الفني. ومن هنا، فإن المواجهة المرتقبة ضد اليابان تحمل في طياتها الكثير من المعاني؛ فهي ليست مجرد مباراة تصفيات، بل هي اختبار حقيقي لقدرة المنتخب على الصمود أمام خصم يمتلك سجلاً حافلًا بالإنجازات على المستوى الآسيوي.
كما تناول رينارد في تصريحاته مقارنة أداء المنتخب السعودي مع الأداء السابق للمنتخب الياباني، مؤكدًا أن التحديات الحالية تتطلب منا أن نكون أكثر حزمًا وإصرارًا، وأن نعمل على تحسين مستوى الأداء بشكل مستمر. وفي هذا السياق، شدد المدير الفني على أن الخسائر التي تم التعرض لها في مباريات سابقة لا يجب أن تكون عائقاً أمام تطلعات الفريق، بل هي دروس تُستخلص منها العبر للمضي قدمًا. قال رينارد: “الوضع اليوم مختلف عما كان عليه قبل ثلاث سنوات، وقد شهدنا تطورًا في أساليب اللعب، ولكننا بحاجة لأن نتأقلم مع التحديات الجديدة ونثبت أن لدينا القدرة على المنافسة على أعلى مستوى”.
إضافة إلى ذلك، يشير رينارد إلى أهمية التحضير الذهني والبدني قبل مواجهة خصم مثل اليابان، حيث أن التحضير الجيد يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في نتيجة المباراة. ومن هنا، يعمل الجهاز الفني على تنظيم تدريبات مكثفة تراعي خصوصيات اللعب في ظروف الطقس وأوقات الصيام، ما يتيح للاعبين فرصة الاستعداد بأفضل شكل ممكن. كما أن التركيز على تطوير المهارات الفردية والجماعية هو من أولويات المدرب، إذ يرى أن النجاح في المباريات الحاسمة لا يعتمد فقط على الخطط التكتيكية، بل أيضًا على الروح القتالية التي يتحلى بها اللاعبون.
من المهم أيضاً الإشارة إلى أن تصريحات رينارد جاءت في وقت تشهد فيه الجماهير حماسًا شديدًا لتأهل المنتخب السعودي إلى مونديال 2026، وهو الحدث الذي يُعتبر من أكبر المحطات في مسيرة الكرة السعودية. فالطموح لا حدود له، والكل يترقب بفارغ الصبر معرفة كيف سيستجيب الفريق للتحديات المقبلة، سواء كان ذلك في مواجهة اليابان أو في مباريات أخرى ستقام في إطار التصفيات الآسيوية. وفي هذا السياق، تُعد تصريحات المدير الفني بمثابة دعوة للجماهير بأن الفخر والاعتزاز باللون الأخضر لا يتوقفان عند حدود الأرقام والإحصاءات، بل يمتدان إلى روح الفريق والتزامه بتحقيق الأحلام.

لا شك أن التحديات التي يواجهها المنتخب السعودي في التصفيات ليست بالأمر السهل، خصوصاً مع وجود خصوم يمتلكون خبرة طويلة ونظم كروية متقنة. ولكن، كما يؤكد رينارد، فإن النجاح لا يأتي من الاستسلام للظروف بل من مواصلة العمل بجدية وتطبيق الدروس المستفادة من التجارب السابقة. ومن هنا، يرى أن البطاقة الثانية للتأهل إلى مونديال 2026 ليست حلمًا بعيد المنال، بل هي هدف يمكن تحقيقه إذا ما تم توحيد الصفوف والعمل بروح الفريق الواحد.
تتداخل في هذه المسألة عدة عوامل؛ فمن ناحية، يمثل اللعب خلال شهر رمضان تحديًا جسديًا ونفسيًا لللاعبين، إذ أن تقلبات الطاقة ومستويات السوائل يمكن أن تؤثر على الأداء. ومن ناحية أخرى، فإن الضغوط الناتجة عن التصفيات الكبرى تزيد من أهمية التركيز والانضباط. ورغم كل ذلك، يبدي رينارد ثقته التامة في قدرات الفريق، مشددًا على أن اللاعبين يمتلكون الموهبة والخبرة اللازمة للتغلب على الصعوبات، وأنهم مستعدون للمنافسة بقوة في كل مباراة تُلعب.
وفي ضوء التطلعات الكبيرة والتحديات الكروية التي يعيشها المنتخب السعودي، يُظهر رينارد أن رؤيته المستقبلية تعتمد على الاستفادة من كل تجربة سابقة لتحسين الأداء وتعزيز التعاون داخل الفريق. فهو لا يركز فقط على النقاط والإحصاءات، بل ينظر إلى الأداء الشامل الذي يجمع بين الجانب الفني والبدني والنفسي، مما يجعل منه قائدًا قادرًا على توجيه الفريق نحو تحقيق النتائج الإيجابية في أعلى مستويات المنافسة.
بينما يستعد الأخضر لمواجهة اليابان، تظل تصريحات رينارد مصدر إلهام لكل من يعشق كرة القدم ويفهم عمق التحديات التي تواجه المنتخبات في التصفيات الكبرى. فهذه التصريحات ليست مجرد كلمات تُقال في مؤتمر صحفي، بل هي انعكاس لروح التحدي والإصرار التي يجب أن يتحلى بها كل فريق يسعى لتحقيق النجاح في عالم كرة القدم الذي لا يرحم الضعفاء. وبينما يستمر النقاش حول مدى صعوبة المنافسة وتأثير الظروف الخاصة مثل رمضان على أداء اللاعبين، يبقى الأمل معلقًا على أن تكون الاستعدادات والتجهيزات كافية لتحقيق بطاقة التأهل الثانية التي يُطمح إليها الجميع.
في نهاية المطاف، تُعد مواجهة اليابان القادمة فرصة لا تُفوّت للمنتخب السعودي لإظهار إمكانياته الحقيقية على أرض الملعب، والتأكيد على أن العمل الجماعي والتزام اللاعبين قادران على تجاوز جميع العقبات، مهما كانت الظروف والتحديات. بهذه الروح المفعمة بالتفاؤل والثقة، يسعى الأخضر إلى استعادة مجده في التصفيات وكتابة فصل جديد من قصة النجاح في كرة القدم الآسيوية.